صفقة المخطوفين: بقيَ أمام إسرائيل خط أحمر أخير؛ التخلي عنه ممنوع
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

  • ما هي قصة محور فيلادلفيا؟ كلما زاد إصرار نتنياهو على عدم الانسحاب منه، كلما سخر معارضوه من إصراره على هذا المحور بالذات.  مَن يفتح الخريطة، يجد أن المقصود ليست طريقاً نائية، ومجرد نزوة شريرة يصرّ رئيس الحكومة على الاحتفاظ بها، بل إن المسـألة هي مَن سيسيطر على الحدود. لكن حتى هذا، في رأيي، ليس هو المسألة المهمة في هذه القصة. ليس لديّ أيّ فكرة عمّا يدور في خلد رئيس الحكومة نتنياهو في هذا السياق، لكنني أستطيع التعبير عمّا يدور في رأسي وقلبي.
  • الحزن على الأسرى والمخطوفين مفجع، وألم العائلات يدمي القلب. من حقهم أن يصرخوا، ومن واجبنا الاستماع إليهم. ويجب على دولة إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها من أجل تحريرهم من الأسر. كما يجب أن نسأل عمّا يمكنها أن تفعله تحديداً، وماذا يوجد ما وراء الحدود.  كما يجب أن نستمع إلى تسفيكا مور، والد أحد المخطوفين، عندما يشرح سبب معارضته صفقة سيئة.
  • في مطلع الأسبوع، تحدث العميد في الاحتياط جيل هيرش، منسّق شؤون الأسرى والمخطوفين، في مؤتمر MEAD في واشنطن. لقد أخذ الصحافيون من كلامه عنواناً أولاً "من المحتمل أن توافق إسرائيل على نفي السنوار". لكن هيرش قال كلاماً أكثر أهميةً لم يأسر العناوين الأولى: "دفعنا ثمناً لإطلاق جندي واحد 1027 أسيراً فلسطينياً... لكن "المخربين" لا يُجرون اليوم مفاوضات بشأن الأسرى، بل مفاوضات تتعلق بموضوعات استراتيجية؛ مفاوضات بشأن المعابر والحدود والانسحابات. وهذه مسألة مختلفة".
  • يُخيل إليّ أن هذه هي القصة الحقيقية لمحور فيلادلفيا في صفقة المخطوفين. في الماضي، خرقت إسرائيل كل الخطوط الحمراء تقريباً، من أجل إطلاق سراح "مخربين" في مقابل أسرى. لكن الخط الأحمر الذي لم تتجاوزه في الماضي: إسرائيل لم توافق قط على تقديم تنازلات استراتيجية لتنظيم "إرهابي" في مقابل أسرى. ويبدو أن هذا، تحديداً، ما تجري المطالبة به الآن. الانسحاب من محور فيلادلفيا، ومن محور نيتساريم، وآليات تضمن، فعلياً، إنهاء الحرب وترميم "حماس". يجب التشديد على أن المقصود هنا ليس اتفاقاً على وقف إطلاق النار مع دولة، مثل سورية أو مصر، لديهما مصالح حكومية معقدة يمكن التعامل معها، بل صفقة مع "تنظيم"، لا كوابح لديه. في الماضي، وافقنا على السلام في مقابل أراضٍ، وحصلنا على حرب. إذا وافقنا على أراضٍ في مقابل مخطوفين، علامَ سنحصل؟
  • يوجد في إسرائيل 10 ملايين نسمة. ويجب أن تكون نقطة الانطلاق من أنه لا توجد طريقة للدفاع، في كل لحظة، عنا جميعاً. وإذا كانت إسرائيل مستعدة لإخضاع حاجاتها الاستراتيجية الآن لصفقة مخطوفين، فإن النتيجة ستكون مضاعفة جهود التنظيمات "الإرهابية" في خطف مزيد من الإسرائيليين... على خلفية تاريخنا الدموي، نحن نعرف معرفة وثيقة أن الخضوع لـ"الإرهاب" يولد مزيداً من "الإرهاب". لقد حررنا ألف أسير فلسطيني في مقابل جلعاد شاليط، وحصلنا على "المذبحة" في 7 تشرين الأول/أكتوبر. لقد كانت "حماس" مستعدة للتضحية بآلاف القتلى من عناصرها من أجل خطف عشرات المواطنين الإسرائيليين. وإذا اكتشف أعداء إسرائيل أنها مستعدة لدفع "أيّ ثمن"، بما فيه أثمان استراتيجية في مقابل المخطوفين، ما هو عدد القتلى الذين سيضحّي بهم أعداء إسرائيل في المرة المقبلة؟ هل سيضحّي حزب الله بعشرات الآلاف من القتلى من أجل السيطرة على 3 مدارس مع تلامذتها، والمطالبة بتفكيك مفاعل ديمونا في مقابل إطلاق سراحهم؟ ماذا سنفعل حينها؟ إن الطريق الوحيدة لمنع وقوع مثل هذه الكوارث هي أن توضح إسرائيل مسبقاً أنها لن تقدم "للمخربين" أرصدة استراتيجية في مقابل المخطوفين.
  • خلال الحرب العالمية الثانية، كان للحلفاء مليونا أسير لدى النازيين، ومئات الآلاف من الأسرى لدى اليابانيين. لقد عانى الأسرى الأميركيون في اليابان جرّاء التعذيب الشديد، ومات نحو 40% منهم قبل نهاية الحرب. هل فكرت الولايات المتحدة في الانسحاب من الحرب ضد اليابان من أجل إنقاذ هؤلاء الأسرى؟ نحن نعلم بأنها فعلت العكس، وبحق؛ لو انسحبت الولايات المتحدة لكانت شجعت كل الأطراف المعادية في العالم على خطف مواطنيها والمطالبة بالخضوع وتقديم تنازلات وانسحابات. وعندما يتعلق الأمر بالتنظيمات" الإرهابية"، فإن هذا ينطبق أضعاف الأضعاف. من الصعب أن نصدق أن هناك دولة في العالم يمكن أن تفكر في التنازل عن أهدافها الاستراتيجية من أجل إنقاذ مخطوفيها. ومن الصعب أن نرى كيف يمكن لهذه الدولة أن تصمد بعد ذلك.

......

  • عندما كان يتسحاق رابين رئيساً للحكومة، رفض إطلاق سراح أربعة "مخربين" في مقابل أكثر من 100 مخطوف في مطار عينتبه، وأرسل الجيش الإسرائيلي للقيام بعملية معقدة للغاية، من أجل عدم الخضوع "للإرهاب". لكنه في العقود الماضية، عندما كان وزيراً للدفاع، وافق على صفقة أحمد جبريل التي شكلت سابقة خطِرة لتحرير مئات "المخربين"، وفي رأي كثيرين، كانت هذه الصفقة من أسباب اندلاع الانتفاضة الأولى...
  • توقف أحد السياسيين البارزين أمام هذه المسألة في سنة 2015، عندما قدم اقتراح قانون يحدد المقابل الذي يجب أن يوضع لتحرير "المخربين"، وهو "مخرب" واحد في مقابل أسير واحد، وقال: "يجب أن نغيّر قواعد إطلاق سراح ’المخربين’. لقد قُتل عدد كبير من الإسرائيليين الأبرياء في العامين الأخيرين على يد ’مخربين’ أُطلق سراحهم في صفقة شاليط... من أجل وقف دائرة الدم والدفاع عن أمن المواطنين الإسرائيليين، يجب أن نضع قواعد جديدة". هذا السياسي هو عضو الكنيست يائير لبيد...
  • في أيّ حال من الأحوال، لا أعتقد أنه يجب معارضة صفقة مخطوفين. الصفقة الأولى في بداية الحرب كانت مسؤولة ومتوازنة، يجب السعي للتوصل إلى مزيد من هذا النوع من الصفقات. لكن سابقة الخضوع الاستراتيجي في مقابل مخطوفين، فإنها يمكن أن تترك أثراً مدمراً وقاتلاً في مستقبلنا. يجب علينا عدم إبرام صفقة سيئة، يمكن أن يندم عليها أولادنا وأحفادنا كثيراً.

 

 

المزيد ضمن العدد