هذا هو الوقت للسعي نحو تسوية سياسية
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إن المنطق لدى صناع القرار في سلسلة العمليات الأخيرة هو كالتالي: ليس الهدف منها الحسم أو إزالة التهديد، إنما هو إجبار نصر الله على قطع الارتباط الذي أقامه في 8 تشرين الأول/أكتوبر بين غزة ولبنان، وعليه أن يوقع اتفاقاً منفرداً معنا، ويتجاهل عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهذا هدف مهم ومبرر. وفي المحادثات التي نحب أن نجريها مع أنفسنا، يبدو لي أننا توصلنا إلى اتفاق؛ فقد استخدمنا القوة، وقمنا بعملية مذهلة، ونحن الآن مستعدون لتحقيق الأرباح.
- لكن ماذا لو أن نصر الله بسبب الضربات التي تلقاها يريد هو أيضاً إيذاءنا والوصول إلى طاولة المفاوضات بموقف أقل ضعفاً؟ إن قدرة نصر الله على الإيذاء من السهل استخدامها، وهي ليست مرتبطة بآلاف المقاتلين الذين أصيبوا، ولا تحتاج إلى مؤهلات إبراهيم عقيل القيادية، وإطلاق عشرات الصواريخ على مراكز ومدن كبرى في إسرائيل يغير المعادلة، وإن إطلاقاً كهذا سيشكّل فوراً ضغطاً على صناع القرار لدينا للدخول و"التنظيف" و"التطهير" و"الاحتلال"، وهي الكلمات التي نحبها كثيراً.
- ما زلنا نذكر جيداً كيف انتهت العمليات البرية الأخيرة في لبنان؛ التورط في مارون الراس، والدماء في بنت جبيل. هل السنوات الـ18 التي مرت غيرت تماماً معادلة القوى؟ لقد أثبت الجيش الإسرائيلي قدرة مذهلة على المناورة البرية في غزة، لكن يجب أن نتذكر كيف يعمل هناك؛ قصف جنوني وتحرُك بطيء، وقد مرت أسابيع طويلة قبل احتلال بيت حانون، ووقت طويل مر قبل الدخول الراجل، وليس في مركبات محصنة. لكننا لا نملك الآن هذا الوقت، والجيش الإسرائيلي لم يعد مرتاحاً كما كان في بداية المناورة البرية في غزة.
- وإمكان تعقد الوضع كبير جداً، ولا يمكن الوثوق بحدس نتنياهو، فالاعتبارات الشخصية تأتي قبل أي اعتبار آخر. ووزير الدفاع يوآف غالانت فاجأنا بصورة إيجابية في الأشهر الأخيرة، لكن في ظل الوضع الذي نشأ مؤخراً، ومع تزايد الحديث عن استبداله، لا يمكن أيضاً الاعتماد على موضوعيته، فبالنسبة إليه، إنهاء هذه الحرب معناه تطييره من منصبه.
- وفي بداية حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، نُفذت عملية واسعة حملت اسم "الثقل النوعي"، جرى بوساطتها تدمير أغلبية القدرات الصاروخية البعيدة المدى لدى حزب الله. وكانت هذه فرصة نادرة للانتهاء من كل القصة، لكن على ما يبدو، فإن النجاح أدى إلى شعور بالنشوة لدى صناع القرارات، وعدم مناقشة العملية والرغبة في الحسم المطلق تسببت بتعقيدات.
- إن عملية البيجر حدثت لأنها كادت تنكشف، لكن الفائدة الكبيرة للعملية ترافقت مع ضرر غير قليل، ودفعت أساساً بأطراف في لبنان، غير مؤيدة لحزب الله، إلى تأييد رد قاسٍ ضد إسرائيل. وإذا كانت هناك قيود تقيد نصر الله في السنوات الأخيرة، فهي الرأي العام اللبناني، وهذه العملية هي وراء تبددها. ومع ذلك، وبعد العملية، نشأت فرصة ربما تكون الأذكى من أجل السعي لتسوية سياسية؛ فقد ضربنا وَهُم ردوا، إذن، تعالوا لننهي هذا كله، ولا تعيدوا ارتكاب أخطاء حرب لبنان الثانية.
- إذا تعلمنا شيئاً من حرب لبنان الثانية، فهو أننا قاتلنا كثيراً، ولم نفهم أنه على الرغم من كل الإخفاقات البرية، فإن الضربات التي وجهناها إلى لبنان تركت ندوباً عميقة لدى حزب الله، وهذه الندوب هي السبب في السنوات الـ18 من الهدوء شبه الكامل. من المعقول افتراض أننا إذا انتهينا اليوم من دون "الحسم" إزاء حزب الله، فإن نصر الله يمكن أن يرتدع لسنوات عديدة.
- لكن هذا ليس أكيداً، وربما يقنع جزءاً من سكان الشمال بالعودة إلى منازلهم، لكنه يبدو السيناريو الأفضل من كل السيناريوهات البديلة، وبالتأكيد هو أكثر منطقية من الدخول البري إلى لبنان.