الحصول على الائتمان الدولي في مقابل إعادة بناء حزب الله: المعضلة التي يواجهها نتنياهو في خطوة السير نحو "وقف موقت لإطلاق النار"
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

  • تتماشى التقارير المتعلقة بوقف موقت لإطلاق النار وإمكان بدء مفاوضات لإنهاء الحرب في الشمال مع البيان المشترك الذي أصدره كل من الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليلة أمس (الأربعاء). وعلى الرغم من أن نتنياهو ينفي رده على البيان، وتأكيد وزير الخارجية كاتس أنه "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال"، فإن الجهود الدبلوماسية في الأيام الأخيرة تتجه نحو إيجاد توافق بشأن وقف موقت لإطلاق النار في الشمال لفتح باب المفاوضات لوقف دائم.
  • وتنطوي التحركات التي يقودها الوسطاء على حسنات بالنسبة إلى إسرائيل، لكنها تحتوي أيضاً على عيوب عديدة. ولقد عيّن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الوزير رون ديرمر لقيادة الفريق الذي سيحاول التوصل إلى إطار يتضمن آليات إنهاء الحملة في الشمال، وقد بدأ عمله فعلاً. وفي الوقت نفسه، تتزايد الإشارات التي تفيد بأن إسرائيل تستعد بجدية للتوغل البري في لبنان؛ فالتصريحات القتالية لرئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، وقائد القيادة الشمالية غوردين، إلى جانب استدعاء لواءين من المشاة الاحتياط، تشير إلى الاتجاه الذي يسير نحوه الوضع.

إمكان العودة إلى الروتين في الشمال،

والحصول على ائتمان دولي

  • للتحرك الدبلوماسي الحالي مزايا عديدة. وإذا كانت إسرائيل فعلاً تفكر في القيام بمناورة برّية لاحقاً، فربما يكون من المفيد لها أن تُظهر للعالم عناد نصر الله؛ فمن الواضح أن قوة الرضوان لن تنسحب فجأة من المنطقة وتتراجع حتى نهر الليطاني، والحزب لن ينتقل إلى ما وراء الليطاني بإرادته، ومن المشكوك فيه أنه سيقطع بسرعة الربط بين ساحتَي غزة ولبنان، أو بين "حماس " ولبنان. لذلك، فإن الأوضاع الاستهلالية لوقف إطلاق النار الموقت ليست جيدة. قبل أسبوع فقط، تحدّث نصر الله عن العلاقة بين غزة ولبنان، وفي هذا الوضع، يمكن لرئيس الوزراء نتنياهو أن يقرر أن من الأفضل له المضي قُدُماً، لأن نصر الله، في أي حال، لن يلتزم الاتفاقات، وهكذا سيضمن أن الائتمان الدولي لإسرائيل الذي يوفر الغطاء للمناورة البرية سيكون أوسع نطاقاً.
  • إن وقف إطلاق النار الموقت يوفر للجيش الإسرائيلي وقتاً إضافياً لفحص خطط الهجوم ومراجعتها، على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققها الجيش. كما يمكن استغلال الوقت أيضاً للاستمرار في تدريب القوات، ومنح عشرات الآلاف من الجنود الذين كانوا هناك لفترات طويلة فرصة لالتقاط أنفاسهم واستعادة قواهم.
  • وهناك أيضاً ميزة أُخرى، وإن كانت إمكانات تحققها غير عالية، وهي أن هذه الخطوة ربما تنجح في النهاية، بحيث يمكن لسكان الشمال العودة بأمان إلى منازلهم بعد عام من كونهم لاجئين في بلدهم. وتهدف إسرائيل إلى التوصل إلى اتفاق يستند إلى قرار 1701 الصادر في نهاية حرب لبنان الثانية، لكن من وجهة نظر السكان، فإن التوقيع على معاهدة، أو الاتفاق السياسي، لا يساوي الورق المكتوب عليه، إنما يتوقعون إجراءات فعلية. ومع ذلك، فإذا ما كان هناك اتفاق حقيقي مع تطبيق موثوق وعقوبات على أي انتهاك، فيمكن أن يكون ذلك خطوة نحو عودة الحياة الطبيعية في الشمال.

نصر الله يعود ليفرض الجداول الزمنية

  • العيوب في الوقف الموقت لإطلاق النار واضحة؛ إذ إن حزب الله سيستغل الهدنة لإعادة تنظيم صفوفه، فقد تلقّى ضربة قاسية جداً، وتلاشت قيادته العليا بالتدريج، وتُدَمَّر أجزاء بصورة متزايدة من أسلحته يوماً بعد يوم. وخلال هذا الوقت، سيعمل نصر الله على إعادة بناء قيادة جديدة، وإنعاش قواته.
  • وفي الوقت نفسه، علينا أن نتذكر أن نصر الله يتسم بكونه شخصاً دائم التعلم والتطور، وسيستغل الهدنة لبناء استراتيجيات جديدة في الدفاع والهجوم، بعد الضربات التي تلقاها مؤخراً، حتى إذا ما قررت إسرائيل في نهاية الهدنة أنها ستذهب إلى مناورة برّية واسعة، فإن هذه الأسابيع الثلاثة ستشكل وقتاً ثميناً لنصر الله لكي يحضّر المفاجآت لمقاتلينا.
  • وهناك عيب آخر كامن في الوقف الموقت، يتمثل في أن نصر الله سيكون مرة أُخرى هو من يحدد الوتائر والجداول الزمنية للاشتباك. لقد أخذت إسرائيل زمام المبادرة لأول مرة بعد ما يقرب عاماً من القصف على الشمال، ولقد كانت الضربات التي وجهتها مؤلمة للغاية للحزب؛ فالانفجارات الغامضة، وشل الاتصالات الداخلية للحزب، إلى جانب الاغتيالات التي تردد صداها في كل زاوية من الشرق الأوسط، أعادت إلى إسرائيل بعضاً من قدرة الردع التي تآكلت في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وعلى مدار العام الماضي. لكن قرار وقف إطلاق النار يعني أننا نعطي نصر الله الوقت للتعافي، بدلاً من ضربه المرة تلو الأُخرى، إلى أن يصل إلى النقطة التي يطلب فيها وقف إطلاق النار بنفسه بدلاً أن يطلب المجتمع الدولي ذلك.
  • وهناك عيب كبير آخر أيضاً في المقترح: لماذا 21 يوماً؟ إن ثلاثة أسابيع هي فترة طويلة جداً لصوغ وقف دائم لإطلاق النار، وتحتاج إسرائيل إلى تقصير فترة المفاوضات إلى وقت أقل كثيراً؛ بين 4 و5 أيام، أو حتى أسبوع على الأغلب. لماذا نذهب إلى ثلاثة أسابيع من وقف إطلاق النار بينما من الواضح أن أحداً من سكان الشمال لن يعود إلى منزله خلال هذه الفترة؟
  • وأخيراً؛ فإن وقف إطلاق النار هذا لا يوفر أي تقدم لنا في جبهة الجنوب. ويتمثل الهدف الأساسي للسنوار في توحيد الجبهات وشن حرب إقليمية، فلماذا إذن يقبل قائد "حماس " هذه القواعد؟ هذه الخطوة لا تقربنا من اتفاق بشأن الأسرى، ولذلك فإن الفائدة المرتجاة منها ضئيلة مقارنة بالإنجازات التي حققها الجيش الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة.

 

 

المزيد ضمن العدد