فصول من كتاب دليل اسرائيل
حث وزراء متشددون في الحكومة الإسرائيلية ورؤساء سلطات محلية في شمال إسرائيل وبعض السياسيين المعارضين أمس (الخميس) رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على رفض اقتراح وقف إطلاق النار الذي يهدف إلى إنهاء عدة أيام من الغارات الجوية المدمرة على حزب الله.
وجاء ذلك بينما كان نتنياهو في طريقه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبعد أن حط في نيويورك، أصدر ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية بياناً بدا وكأنه ينفي فيه اقترابه من الموافقة على اقتراح الولايات المتحدة وفرنسا بوقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً.
وجاء في البيان أن رئيس الحكومة لم يرد حتى على الاقتراح بعد، وأضاف أن التقارير التي تفيد بصدور تعليمات إلى الجيش بتقليص حملته الجوية في لبنان هي عكس الحقيقة.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أكثر صراحة حين أكد أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في الشمال.
وأضاف كاتس، الذي يحل حالياً محل نتنياهو في رئاسة الحكومة في أثناء فترة غيابه: "سنواصل محاربة جماعة حزب الله ’الإرهابية‘ بكل قوة حتى تحقيق النصر، وعودة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان."
وشهد يوم أمس رفض شركاء نتنياهو وسكان الشمال وغيرهم أي وقف للحملة الجوية الإسرائيلية التي تهدف إلى إضعاف قدرة حزب الله على تهديد شمال إسرائيل بعد ما يقارب عاماً من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة شبه اليومية. وبدلاً من ذلك، فقد حثوا رئيس الحكومة على المضي قُدُماً حتى يتم سحق حزب الله بصورة كافية.
وقال وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش [رئيس "الصهيونية الدينية"] في تغريدة نشرها على منصة "إكس": "إن الحملة العسكرية في الشمال يجب أن تنتهي بسيناريو واحد؛ وهو سحق حزب الله وحرمانه من قدرته على إيذاء سكان الشمال." وحذّر سموتريتش وآخرون من أن وقف إطلاق النار الممكن لمدة ثلاثة أسابيع من شأنه أن يمنح حزب الله الوقت الكافي لإعادة تجميع صفوفه.
وهدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير [رئيس "عوتسما يهوديت"] بانسحاب حزبه من الحكومة في حال التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحزب الله بشأن وقف إطلاق النار في لبنان.
وقال رئيس مجلس ماطيه آشير الإقليمي موشيه دافيدوفيتش إن وقف إطلاق النار الآن سيكون خطأً فادحاً.
وأضاف دافيدوفيتش الذي يترأس منتدى للسلطات المحلية الشمالية التي تحث الحكومة منذ أشهر على شن هجوم كبير على حزب الله لوقف القصف: "هذه هدية يجب ألاّ نقدمها إلى نصر الله، ومن شأنها أن تتسبب بمزيد من قتل الإسرائيليين."
وقال أفيحاي شتيرن، رئيس بلدية كريات شمونة التي تم إفراغها من سكانها إلى حد كبير في العام الأخير وسط تدفق الهجمات الصاروخية، إن الحديث عن وقف لإطلاق النار سابق لأوانه. وأضاف: "إن الاتفاق لن يعيد الحياة في كريات شمونة إلى طبيعتها. والحديث عن وقف لإطلاق النار يجعلنا نشعر وكأننا كنا في هذه الفوضى لمدة عام من دون جدوى."
واستهجن وزير التراث عميحاي إلياهو من "عوتسما يهوديت" الجهود الدبلوماسية، ووصفها بأنها نفاق خطِر.
وأشار إلياهو إلى أن حزبه هدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو إذا توقف القتال في لبنان كما هدد في السابق عندما دار الحديث بشأن وقف القتال في غزة.
كما تحدّث كثيرون داخل حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو ضد صفقة ممكنة، بمن في ذلك وزير الثقافة ميكي زوهر، الذي حذّر من أن الموافقة على وقف إطلاق النار سيشكل خطأً خطِراً يعرّض الإنجازات الأمنية الكبرى التي حققتها إسرائيل في الأيام الأخيرة للخطر.
كما تحدّث عدد من أقطاب المعارضة أيضاً ضد الاتفاق، منهم زعيم حزب "اليمين الرسمي" جدعون ساعر، الذي رفض مؤخراً عرضاً ليحل محل يوآف غالانت في منصب وزير الدفاع.
وقال ساعر إن حزب الله وحده سيستفيد من وقف موقت لإطلاق النار.
وفي المقابل، أعرب عضو الكنيست يائير لبيد رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة عن دعمه لوقف القتال.
وقال لبيد في تغريدة على منصة "إكس": "يجب على إسرائيل أن تعلن هذا الصباح قبولها اقتراح بايدن - ماكرون لوقف إطلاق النار، لكن لمدة 7 أيام فقط، كي لا يُسمح لحزب الله باستعادة أنظمة القيادة والسيطرة الخاصة به."
وأضاف لبيد أن أي اتفاق يجب أن يتضمن دفع حزب الله بعيداً عن الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، للسماح لنحو 70,000 من سكان البلدات القريبة من الحدود الذين أُجبروا على ترك منازلهم لأكثر من 11 شهراً بالعودة، وتحويل الاهتمام مرة أُخرى إلى المفاوضات المحتضرة من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن المخطوفين ووقف إطلاق النار في غزة.
كما أعربت عضو الكنيست ميراف كوهين من "يوجد مستقبل" عن دعمها لوقف إطلاق النار، وكتبت في تغريدة على منصة "إكس": "لدينا زخم قوي في القتال، والطرف الآخر في حالة من الفوضى، ومع ذلك، فإذا كان من الممكن تحقيق أهداف الحرب من دون مواصلة القتال، فهذا الخيار مفضل دائماً."
واستمرت أعمال تبادل إطلاق النار بين الجانبين أمس؛ إذ أطلق حزب الله عشرات الصواريخ على عكا في شمال إسرائيل، وقصفت غارات جوية إسرائيلية مناطق في جنوب لبنان وفي الحدود السورية - اللبنانية.
وأُعلن أمس أن أكثر من 600 شخص قُتلوا في لبنان منذ أن بدأت إسرائيل شن غارات جوية مكثفة يوم الاثنين الماضي. وفي إسرائيل، أحدثت رشقات من مئات الصواريخ أضراراً كبيرة، لكن لم تخلف سوى عدد قليل من الإصابات الخطِرة.