نقطة تحوُّل في حرب لبنان: إلى جانب استنفاد العمليات العسكرية، يجب الدفع قدماً باستراتيجيا للخروج من الحرب
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • إن الدخول العسكري العلني للجيش الإسرائيلي من أجل "تنظيف" الوجود العسكري لحزب الله على طول الحدود (الذي بدأ في 30 أيلول/سبتمبر)، وبعد سلسلة من العمليات الناجحة، اغتيال زعيم حزب الله وضرب قدرات الحزب العسكرية، شكّل  نقطة تحوُّل  في القتال بين حزب الله وإسرائيل أدت إلى تغيير وجه الحرب.
  • حزب الله الذي تبنّى استراتيجية حرب الاستنزاف ضد إسرائيل كـ"جبهة إسناد" للفلسطينيين مدة سنة كاملة، بالتنسيق مع إيران، انجرّ اليوم إلى حرب شاملة في توقيت وظروف غير ملائمَين له.
  • لقد تسببت عمليات الجيش الإسرائيلي بأضرار كبيرة للحزب الذي خسر، وفقاً لتقديرات أمنية إسرائيلية، ثلثَي ترسانته الصاروخية وقذائفه القصيرة والمتوسطة المدى. لكن حزب الله، الذي لديه عشرات الآلاف من العناصر العسكرية النظامية، وفي الاحتياط، لم يختفِ، وهو يقاتل دفاعاً عن بقائه، مستخدماً كل الأدوات التي يملكها.
  • وبعد الاضطراب الذي تسببت به الضربات القاسية التي وُجهت إلى الجيل المؤسس للحزب وسلسلة القيادة الرفيعة المستوى، يبدو أن الحزب نجح في التعافي. وتوقف عن الحديث عن القتلى في صفوفه، ولم يعد يكشف عن هوية "المخربين" الرفيعي المستوى الذين قُتلوا، ويُجري التعديلات اللازمة من أجل العمل بالتنسيق مع القيادة البديلة، تحت رقابة إيرانية. وفي الواقع، يخوض عناصر الحزب، الذين ينشطون في الجنوب اللبناني خصوصاً، مواجهات يومية مع الجيش الإسرائيلي، من خلال إطلاق النار من مسافة بعيدة، وبعد انسحاب أغلبية قوات الرضوان إلى الوراء؛ ما زالوا يطلقون مئات الصواريخ وعشرات المسيّرات على أهداف عسكرية ومدنية في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ويقومون بتوسيع مدى القصف بصورة مستمرة، من الشمال إلى حيفا، وفي الأيام الأخيرة، إلى ما بعد حيفا، نحو وسط البلد.
  • في المقابل، يواصل الجيش نجاحاته في العمليات العسكرية في الجنوب اللبناني، من خلال تحييد مخازن السلاح فوق الأرض وتحتها، وكذلك خطط وقدرات كان يعدّها الحزب لاحتلال الجليل "عندما يحين الوقت". وبذلك، يحقق الجيش الهدف الذي حدده له المستوى السياسي: تغيير الواقع الأمني، وهو ما يسمح بعودة السكان الذين جرى إجلاؤهم عن الشمال إلى منازلهم. ويبدو أن الجيش بحاجة إلى عدة أسابيع لاستكمال عملياته المحدودة في المنطقة المحاذية للحدود مع إسرائيل.
  • وفي ضوء تقدُّم الجيش نحو تحقيق الهدف الذي وُضع له، وإزاء ازدياد المطالبات من لبنان بوقف إطلاق النار (من كل الأطراف السياسية اللبنانية، باستثناء حزب الله الذي لا يزال يحافظ على الغموض في هذا الشأن)، المطلوب من إسرائيل الآن، ومع استمرار استنفاد العمليات العسكرية لإضعاف حزب الله وعملية "تنظيف" الجنوب اللبناني من القوات العسكرية، بلورة استراتيجيا للخروج، كي لا تغرق في حرب طويلة لا جدوى منها في الشمال. ويجب أن تترجم  هذه الاستراتيجيا الإنجازات العسكرية إلى تسوية سياسية، بمعزل عن حرب غزة، كما يجب أن تتضمن المكونات الأساسية التالية: إقامة نظام أمني جديد في الجنوب اللبناني، يشمل وسائل لمنع التمركز العسكري لحزب الله في هذه المنطقة من جديد؛ بالإضافة إلى الحصول على ضمانات تضمن المحافظة على حرية عمل الجيش الإسرائيلي، لكي يتحرك ضد أيّ انتهاك يقوم به حزب الله، يمكن أن يشكل تهديداً لسكان إسرائيل.