الاتفاق السياسي قد يحقق لنا إنجازات أكثر من أيّ حرب مباشرة مع إيران
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • لكي نتمكن من فهم الطريق الذي نسير فيه من الآن فصاعداً، من المهم أن نُدرك بعض الحقائق التي تسلط الضوء على وضعنا الحالي:
  1. تواجه إسرائيل اليوم خطر الانهيار الاقتصادي، فإذا ما استمرت هذه الحالة، فمن شأن الدولة أن تصل، خلال وقت قصير، إلى حالة الإفلاس وانعدام قدرتها على خوض الحرب.
  2. بسبب حرب "السيوف الحديدية" المستمرة منذ عام، ولا يبدو أن نهايتها تلوح في الأفق، بتنا نخسر دعم دول العالم. إذ يرى عدد من هذه الدول أن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وارتكبت جرائم حرب. يتجلى هذا الموقف في فرض العقوبات الاقتصادية، وفرض حظر على شحنات الأسلحة (حتى من دول صديقة لنا)، ووصمة رهيبة تضعها علينا المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وبالتدريج، يتحول الأمر إلى اعتبار إسرائيل دولة منبوذة لا تستحق أن تكون بين الدول المتحضرة. هذه المواقف تجذب وراءها عدداً من الدول التي كانت صديقة لنا في الماضي، وكانت تربطها بدولة إسرائيل علاقات ممتازة.
  3. لقد أدت حرب الاستنزاف إلى خلق استقطاب فظيع في المجتمع الإسرائيلي، حيث تستعر الكراهية العمياء بين القطاعات المختلفة، وانعدام الثقة التام بينها، وهناك أحاديث عن تمرُّد مدني وخيانة للوطن، وتقسيم الشعب إلى "دولة إسرائيل" و"دولة يهودا". كذلك يجري نشر آلية دعائية مليئة بمعلومات زائفة، أو مضللة، وبالتحريض ونشر أخبار كاذبة ضد الخصوم، وإطلاق تسميات قاسية من طرف تجاه طرف آخر، عبر ماكينة التشويه هذه التي يُطلق عليها، إسرائيلياً، اسم "ماكينة نفث السم". وهذه الشروخ آخذة في الاتساع في صفوف المجتمع الإسرائيلي إلى حد خطِر لا عودة عنه؛ وهذه الحالة وحدها قد تؤدي إلى انهيار دولتنا.
  4. لقد استُنزف جيش الدفاع الإسرائيلي تماماً. هذا الجيش الذي لن نتمكن من البقاء في هذا الإقليم المعادي من دونه، والعبء كله واقع على كاهل أولئك الذين يخوضون جولاتهم الرابعة في الخدمة الاحتياطية منذ بداية الحرب. لقد فقد كثيرون من هؤلاء مصادر رزقهم، وأحياناً فقدوا عائلاتهم، وبذلوا أقصى حدود قدرتهم الجسدية والنفسية. بمرور الوقت، واستمرار حرب الاستنزاف، يزداد عدد أفراد الاحتياط الذين يرفضون الاستجابة لأوامر الاستدعاء العسكري؛ إذ إن نسبة كبيرة منهم لا تستجيب لأوامر الاستدعاء إلى الخدمة. كما أن الجنود النظاميين مُنهكون أيضاً، ويفقدون المهارات المهنية بسبب توقف الدورات التدريبية، أو إلغائها بالكامل. يُستنزف الجنود في حرب لا نهاية لها. وإذا ما استمرت حرب الاستنزاف هذه، فإننا قد نخسر قواتنا البرية.
  5. بسبب حرب الاستنزاف المستمرة هذه، تقف مؤسسة التربية والتعليم الآن على ساق هزيلة، وباتت على شفا الانهيار، وإلى جانبها هناك العديد من المؤسسات الأُخرى التي بات مصيرها مماثلاً، ولا مجال هنا للإطالة في الحديث والتفصيل.
  • يجب أن يُقرع جرس الإنذار لدى كلٍّ منا، وعلى كل عاقل أن يفهم أنه إذا ما استمرت حرب الاستنزاف وواصلت نحو عامها الثاني، فإن دولتنا على وشك الانهيار قريباً.
  • مَن لديه إلمام بوضعنا الحالي في حرب الاستنزاف، يدرك أن أهداف الحكومة المتمثلة في "القضاء التام على حماس"، و"إخضاع حزب الله"، و"تركيع إيران وقطع صلاتها بأذرعها"، ليست أهدافاً واقعية، بل ليست سوى رؤيا قدرية لبضعة أشخاص يعيشون في جنة الحمقى.
  • هذه الأهداف التي وضعتها الحكومة، بناءً على توجيهات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ترفض أيّ عملية للتوصل إلى اتفاق سياسي، بوساطة الولايات المتحدة، أو دول أُخرى. يهدف الاتفاق إلى وقف حرب الاستنزاف، وإعادة الأسرى والنازحين من الشمال والجنوب إلى منازلهم، وإنقاذ الدولة من الانهيار الاقتصادي، ولملمة الانقسامات الاجتماعية بين القطاعات، وإعادة بناء جيش برّي هجومي قادر على الرد الفوري بعمل عسكري مناسب على أيّ انتهاك للاتفاق من الطرف الآخر (من دون الاحتواء، مثلما جرى في السابق)، وإصلاح التعليم وقضايا أُخرى مماثلة.
  • لن تكون الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تضم كثيراً من المتطرفين، مستعدة للتوجه نحو اتفاق سياسي، إلّا بعد تحقيق أهدافها غير الواقعية. ونظراً إلى أن هذه الأهداف غير قابلة للتحقيق، فإن سياسة الحكومة ستؤدي، بالضرورة، إلى استمرار حرب الاستنزاف حتى تدمير الدولة.
  • أمّا إذا اندلعت حرب مباشرة مع إيران نتيجة ضربة إسرائيلية تستهدف المنشآت النووية مثلاً (ضربة لن تتسبب بتدمير فعلي للمنشآت، بل بتأخير إنتاج القنبلة عدة أشهر فقط)، فإن فرصة التوصل إلى اتفاق سياسي مع إيران وحلفائها ستتضاءل بصورة كبيرة. وما يمكن تحقيقه الآن باتفاق سياسي، سيكون من الصعب تحقيقه، إذا اندلعت حرب مباشرة مع إيران، وسيزداد الوضع تعقيداً عدة أضعاف.
  • للأسف الشديد، هناك كثيرون من الجهَلة في إسرائيل الذين لا يفهمون الأمور، ولا يرون أمامهم الصورة الحقيقية للواقع، وذلك إمّا بسبب الجهل، وإمّا نتيجة تبنّي أوهام، أو رغبات لا تتماشى مع الواقع. هذه الحكومة الفاشلة وهؤلاء الجهَلة الذين يتبعونها، كأنهم "قطيع من الحمقى"، سيواصلون قيادة دولتنا نحو خطر يهدد وجودها.