لا تعتقدوا أن "حماس" ماتت
تاريخ المقال
المصدر
- يُعتبر اغتيال قائد "حماس" يحيى السنوار إنجازاً مهماً لإسرائيل، فإلى جانب الأهمية الرمزية للاغتيال، من المتوقع أن تؤثر العملية أيضاً في مكانة الحركة وسياساتها ومواقفها وسلوكها. ومع كل ما تقدم، لا نستطيع، حتى الآن، إعلان نهاية "حماس" التي أثبتت قدرتها على مواجهة الأزمات الصعبة. على إسرائيل مواصلة جهودها في قطاع غزة حتى استعادة المخطوفين وتحقيق الأهداف التي حددتها بالكامل.
الآثار الرئيسية للاغتيال
ضربة لمحور المقاومة بقيادة إيران
- يُعد اغتيال يحيى السنوار، الذي كان يعرف جيداً كيف يقدّر جهود الجمهورية الإسلامية في تعزيز قوة "حماس"، خطوة نحو القضاء على الذراع الغزّية لـ"الأخطبوط" الإيراني. يتزامن الأمر مع الضربة الكبيرة التي تعرضت لها ذراعه الأُخرى على حدودنا الشمالية، ورحيل حسن نصر الله وكبار قادة التنظيم.
ضربة معنوية وتنظيمية لـ"حماس" -غزة
- يُضاف السنوار إلى قائمة تضم إسماعيل هنية، ومحمد الضيف، ومروان عيسى، وعدداً كبيراً من القادة الذين أداروا "دولة حماس" في غزة وبنوا قوتها العسكرية. يمثل موت هؤلاء بداية انهيار هذا المشروع، ومعه المحاولة الخطِرة لتأسيس كيان شبه دولتي لجماعة "الإخوان المسلمين" في منطقتنا.
نقل مركز صُنع القرار في "حماس" إلى القيادة في الخارج
- على مدار سنوات، كانت قرارات "حماس" تُتخذ عن طريق التوافق بين قادتها في أربعة مراكز قوة: قطاع غزة، والضفة الغربية، والسجون الأمنية في إسرائيل، والخارج. في العقدين الماضيين، ازدادت تأثيرات قيادات غزة في هذه العمليات على حساب ممثلي الضفة والخارج. وفي ظل الأوضاع الراهنة في غزة، من المتوقع أن ينتقل مركز صُنع القرار إلى القيادة في الخارج، بقيادة خالد مشعل.
تعزيز الجهود في الضفة الغربية
- من المحتمل أن يمكّن التغيير في موازين القوى داخل قيادة "حماس" خالد مشعل وشركاءه في القيادة، المتحدرين من الضفة الغربية، من تنفيذ رؤيتهم (التي كان قادة غزة يقمعونها) وتعزيز الجهود الهادفة إلى بناء بنية الحركة في الضفة الغربية. ومن المتوقع أن يحاول هؤلاء استغلال الفرصة لتحقيق تسويات تسمح للحركة بالاندماج في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية كنقطة انطلاق للاستحواذ عليهما من الداخل.
مرونة أكبر في المفاوضات بشأن المخطوفين ومستقبل غزة
- قد يسهّل اغتيال يحيى السنوار ومعظم المقربين منه في قيادة "حماس" في غزة على القيادة في الخارج التنازل عن بعض المطالب التي طرحها السنوار في المفاوضات، والتوصل إلى تفاهمات بشأن قضايا متعلقة بغزة، بما في ذلك قضية إطلاق سراح المخطوفين. ومع ذلك، ما دامت دماء عائلة السنوار حية، وخصوصاً أن شقيقه محمد لا يزال يشغل منصباً رفيعاً في الحركة، فمن المحتمل أن تظل هذه المسألة غير ملموسة في المواقف التي ستُعرَض. بل إن "حماس" قد تتبنى مواقف أكثر صرامة. لكن بمرور الوقت وزيادة الضغط عليها، قد تزداد إغراءات القيادة في الخارج للتساهل، وبصورة خاصة إذا لم تعد تضم ممثلين للحركة من غزة. ينطبق الأمر نفسه على مسألة استمرار الحرب، و"اليوم التالي"، والعلاقات مع السلطة الفلسطينية، وبقية القضايا المتعلقة بمستقبل القطاع.
كيف ينبغي لإسرائيل أن تتصرف؟
- لم تنتهِ الحرب ضد "حماس" بعد، وهي ليست مقتصرة فقط على حدود غزة. إن أهداف الحرب لم تتحقق بالكامل حتى الآن. واستعادة المخطوفين هي الهدف الذي يُعتبر عنصر الوقت فيه حاسماً. وعلى المستوى الأمني، من الضروري الآن تكثيف الجهود في ثلاثة مجالات:
- تعزيز الضغط العسكري في شمال القطاع، وفي مناطق أُخرى. هذا ضروري لمنع تعافي "حماس"، وتعميق الضربة ضد عناصرها وما تبقى لديها من قدرات، وإفشال محاولاتها بشأن استعادة السيطرة، وقطع رؤوس القيادات التي سيتم تعيينها كبدائل. كما أن تعزيز الضغط سيوفر مبرراً لعناصر في "حماس" - إن وُجد مثل هذه العناصر - للسعي للتسوية بشأن مسألة المخطوفين. أمّا الخطوات التي تطالب بها الولايات المتحدة في المجال الإنساني، فمن الصواب التعامل معها فقط كجزء من التنازلات في المفاوضات.
- زيادة الضغط على دوائر صُنع القرار في مقر قيادة "حماس" في الخارج، وعلى قطر التي تستضيفها على أراضيها. لم يعد في إمكان قطر إلقاء اللوم على السنوار وشركائه فقط.
- تكثيف الجهود لضرب البنية التحتية العسكرية والتنظيمية للحركة في الضفة الغربية، لمنع مدّ قنوات التنسيق بينها وبين القيادة في الخارج، وإفشال القيادات في هذه المقرات المتورطة في تحريك النشاطات "الإرهابية".
- بعد مرور نحو عام على "المجزرة" الرهيبة، تواصل إسرائيل توجيه العالم الغربي نحو الطريقة المثلى للتعامل مع أذرع "الأخطبوط" الإيراني. في غزة، ولبنان، واليمن، والضفة الغربية. نتائج العمل العسكري مثيرة للإعجاب، لكن المهمة لم تنتهِ بعد. لا تزال أمامنا تحديات كبيرة. والأمر يتطلب إزالة كاملة للتهديدات، ومنع تجدّدها، وكذلك مواجهة "رأس الأخطبوط".