من إخفاق 7 أكتوبر حتى هجوم البيجر: الجيش أمام منعطف مصيري
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

  • السابع من تشرين الأول/أكتوبر هو أحد أكثر الأيام سواداً في تاريخ إسرائيل، حين اقتحم تنظيم "إرهابي" مناطقها، واحتل جزءاً من أراضيها، وقتل المئات من المواطنين والجنود ورجال الشرطة، وخطف مئات المدنيين والجنود إلى مناطقه. لقد فشل الجيش و"الشاباك" في إدارة المعركة، وفي الدفاع، حين لم ينجحا في التحذير من الاجتياح، ومرت ساعات طويلة حتى وصلت قوات الاحتياط إلى المنطقة.
  • قيادة المنطقة الشمالية سبقت حزب الله في ذاك الصباح عندما جنّدت عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الذين بنوا مباشرةً خط دفاع على الحدود الشمالية، وقاموا ببناء منطقة عازلة للتأمين، بهدف منع اجتياح الشمال.
  • انتقل الجيش في الجبهة الجنوبية من الدفاع إلى الهجوم بسرعة نسبية. وبعد يومين من القتال، نجح في "تطهير" الجنوب من أكثر من 2000 "مخرب". بعدها، دخلت 4 ألوية عسكرية إلى داخل القطاع، وبسبب عدم وجود إدارة سياسية منظمة، تأخر الجيش شهوراً طويلة خلال العملية في الجنوب، وهو ما سمح لـ"حماس" بتنظيم نفسها وتنفيذ هجمات.
  • وفي موازاة ما جرى في الجنوب، حافظ الجيش على حجم قوات كبير في الحدود الشمالية، وكان يصد محاولات حزب الله إدارة قتال كثيف، عبر إطلاق الصواريخ المضادة للدروع على البلدات وقوات الجيش، فمنعوه من إطلاق صواريخ على عمق الشمال. ألحق الحزب ضرراً كبيراً بعدد كبير من البلدات على الحدود الشمالية، فضلاً عن مصابين في أوساط المدنيين والجنود.
  • من جهته، خاض الجيش معركة منظمة. استغل ما حدث من أجل القضاء على قدرات جوهرية لحزب الله، واستهدف مئات الضباط وأصحاب المناصب الحساسة في الحزب، وجمع معلومات استخباراتية بشأن كل واحد منهم، بعدها، اغتال هؤلاء الضباط وأصحاب المناصب. خلال عام، نجح الجيش في تفكيك منظومة السيطرة والقيادة لدى حزب الله، من رئيس هيئة الأركان فؤاد شكر، مروراً بقادة الكتائب وضباط الاستخبارات وقادة قوة الرضوان وغيرهم.
  • ألحق الجيش أيضاً الضرر بالمنظومة اللوجستية للحزب، وذلك من خلال استهداف مخازن السلاح ومحاور الإمداد والقواعد الخاصة بالحزب. أمّا الذروة فكانت خلال هجوم "البيجر" وأجهزة الاتصالات، وهو ما شل الحزب لأيام، وما سمح للجيش باستهداف منظومة الصواريخ بر - بحر التي هددت إسرائيل استراتيجياً، وهددت حرية الملاحة. وفي المقابل، أدى الهجوم إلى اغتيال حسن نصر الله، فضلاً عن إلحاق الضرر بمخازن الأسلحة الدقيقة والصواريخ الاستراتيجية، وصولاً إلى بدء المناورة البرية.
  • خطّط حزب الله لإطلاق كثيف للصواريخ والمسيّرات مع بدء المناورة، وعملياً، لم يطلق سوى عدد صغير. أمّا الدفاع في خطوطه فكان ضعيفاً، ففي بعض الأماكن، كان هناك "مخربون"، لكنهم لم ينجحوا في صدّ الجيش.
  • منذ العام الماضي، تتعامل إسرائيل مع 4 جبهات إضافية: الضفة الغربية، وخاصة شمالها، حيث يعمل الجيش بقوة مع فرقة الضفة الغربية، بعد سنوات امتنع فيها من العمل الفعال والعنيف. الآن، يدخل الجيش يومياً إلى داخل مناطق "الإرهاب"، في جنين وبلاطة والبلدة القديمة في نابلس وطولكرم. بالإضافة إلى أن الجيش أعاد تفعيل سلاح الجو في المنطقة، واغتال مئات "المخربين"، وفكّك بنى "إرهابية".
  • وفي موازاة ذلك، تفتح إسرائيل أعينها على الأردن، وذلك بسبب محاولة إيران إقامة بنى "إرهابية" داخل المملكة. الجبهات الأبعد هي اليمن وسورية والعراق. تفعّل إيران هناك ميليشيات تعمل على إطلاق الصواريخ والمسيّرات. تعمل إسرائيل بشكل سرّي وعلني في هذه المناطق، وحتى الآن، امتنعت من تدفيع الرئيس السوري بشار الأسد الثمن بشكل مباشر.
  • التحدي المركزي طبعاً هو محرك "الإرهاب" في المنطقة: إيران. خلال العام الماضي، عملت إيران ضد إسرائيل في مناسبتين مختلفتين علناً. ردّت إسرائيل على الضربة الأولى بشكل محدود، أمّا بخصوص الضربة الثانية، فحتى كتابة هذه السطور، لم ترد إسرائيل بعد، وهو ما يمكن تفسيره بأنه ضعف لدى الجيش ولدى إسرائيل.
  • بعد الهزيمة يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، نجح الجيش في تحقيق إنجازات، حتى لو لم يحقق أهداف الحرب: إعادة المخطوفين؛ تفكيك "حماس" عسكرياً وسلطوياً؛ إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم بأمان. لم ينجح الجيش في ردع إيران، ولم تنجح إسرائيل في بلورة ائتلاف إقليمي ضد إيران، وأيضاً لم يتم صوغ استراتيجية إنهاء المعركة.
  • الآن، الجيش أمام منعطف. لقد حقق نجاحات تكتيكية لم تُترجم إلى خطوات دبلوماسية، ولا يزال يحتفظ بمئات الآلاف من جنود الاحتياط طوال عام كامل، والاستنزاف كبير جداً. هذا بالإضافة إلى أن إسرائيل تعيش حالة عزلة دبلوماسية جزئية، وتحوم فوقها تحقيقات في محكمة لاهاي.
  • لقد خسرت إسرائيل أيضاً قدرتها على الردع في المنطقة، ويمكن أن تحتاج إلى سنوات لاستعادة تفوُّق الردع. إلا إن الأهم هو: أنه يتوجب على إسرائيل والجيش تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث أكتوبر. فمن دون أن نناقش ونتعلّم، سنجد أنفسنا مرة أُخرى في مواجهة الكارثة المقبلة.

 

 

المزيد ضمن العدد