نتنياهو، انتظر، لا تستعجل الاحتفال؛ المستقبل مع ترامب أقل ورديةً من الشامبانيا
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إنه صباح سيئ لأميركا، وصباح سيئ للعالم. الديمقراطية الأميركية ليست وحدها في خطر، فنتيجة الانتخابات الأميركية ستكون داعمة لديكتاتوريين من دون رحمة، ولا حدود؛ في الكرملين، والصين التي تريد هي أيضاً تعزيز سيطرتها الاقتصادية والسياسية، والسيطرة على تايوان، وكوريا الشمالية التي تجندت إلى جانب إيران وروسيا في الحرب ضد أوكرانيا. حقيقة أن مَن سيجلس في البيت الأبيض بعد شهرين، يبدو كأنه شخص مؤيد للديكتاتوريين ويريد أن يكون مثلهم، يمكن أن تكون مدمرة للعالم الحرّ برمته، وأن تشكل خطراً علينا نحن أيضاً في المنطقة.
- الأشخاص الذين سيدخلون في تركيبة الإدارة المقبلة، سيكونون مختلفين، جوهرياً، عمّن أحاطوا ترامب خلال الولاية السابقة، وباتوا الآن، في أغلبيتهم، أعداء له. لن يكون هناك مزيد من الجنرالات من أصحاب الأوسمة، مثل جيمس ماتيس، أو جون كيلي، أو مزيد ممّن شغلوا مناصب في إدارة بوش، مثل مايك بينس، أو مايك بومبيو. هذه المرة، سيكونون من الأشخاص الانعزاليين المؤمنين بالـ"MAGA" [الشعار الذي رفعه ترامب خلال حملته make America Great Again لنجعل أميركا قوية مرة أُخرى]، وسيقودهم، أيديولوجياً، ستيف بانون وتاكر كارلسون. وسيمثلهم في الإدارة الثانية لترامب نائب الرئيس جي دي فانس، ونجلا ترامب دونالد جونيور وإريك اللذان حلاّ بالقرب من الأب مكان ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر اللذين آمنا بالدبلوماسية. أمّا خطة العمل، فصاغها مَن صاغ "المشروع 25" في معهد الأبحاث Heritage الذي يريد تحويل الولايات المتحدة إلى حُكم استبدادي بالممارسة.
- في مقابل هذا اليأس الذي يسيطر على العالم الغربي، يمكن الافتراض أنه جرى فتح الشامبانيا الزهرية في ديوان رئيس حكومتنا. لكن من الأفضل أن ينتظر نتنياهو والمحيطون به قليلاً، وأن يخففوا من التفاؤل لأن الواقع أقل ورديةً من الشامبانيا. صحيح أنهم يتشاركون كثيراً مع تيار الـ"MAGA" في الحزب الجمهوري في كل ما يخص الطموح إلى تحويل الأنظمة في إسرائيل والولايات المتحدة إلى "ديمقراطية غير ليبرالية" على نمط فيكتور أوربان في هنغاريا، لكنهم يتشاركون قليلاً من الأمور في كل ما يخص واقع الشرق الأوسط. فهؤلاء ليسوا مثل الإنجيليين الذين كانوا يعتبرون إسرائيل الخير المطلق، على الرغم من كل مساوئهم، ويجب الوقوف إلى جانبها في جميع الأحوال من أجل الدفع بحرب "يأجوج ومأجوج" في الأرمغادون المأمول. مَن يقود الإدارة الجديدة، الآن، الانعزاليون الذين يريدون تقليص التدخل الأميركي في العالم إلى أقل قدر ممكن، وعندنا أيضاً.
- يمكن أن يكتشف نتنياهو قريباً ما أشار إليه ترامب قبل الانتخابات: أنه يتوقع من نتنياهو إنهاء القتال في غزة ولبنان حتى موعد تنصيبه يوم 20 كانون الثاني/يناير، لكنه بعكس الإدارة الأميركية، لا يعمل على خلق بديل دبلوماسي لاستبدال "حماس" وحزب الله. سيكون أمام الإسرائيليين الليبراليين كثير من العمل الصعب لإقناع إدارة ترامب بأن وقف إطلاق النار يجب أن يكون منوطاً بتحرير الرهائن الذين لا يهمّون ترامب كثيراً.
- مصلحة ترامب والمحيطين به المركزية ليست في الوقوف إلى جانب إسرائيل، إنما في ألّا تشكل إسرائيل مشكلة لهم مع بداية الولاية، لذلك، سيفعّلون كل الضغوط الممكنة على نتنياهو لإنهاء الأمور بأيّ ثمن. حتى لو كان الثمن ائتلافه. ستكون الفرحة في مكتب نتنياهو قصيرة جداً لأنه سيتضح سريعاً أن "الصديق ترامب" هو صديق مشروط. فبعكس الرئيس بايدن الذي يُعتبر صهيونياً حقيقياً ومحباً لإسرائيل، ودفع ثمناً باهظاً بسبب الدعم العسكري والقيَمي لإسرائيل، فإن ترامب لن يكون مستعداً لدفع أيّ ثمن باسم الصهيونية.
- وبعكس إدارة بايدن التي كانت واضحة جداًفي موقفها ضد الانقلاب الدستوري، فإن ترامب لا يهتم بذلك فعلاً، وخصوصاً أنه يحاول القيام بقلب النظام في واشنطن. لكن في مقابل حرية العمل التي سيمنحه إياها ترامب نحو الداخل، يمكن أن يكتشف نتنياهو أن ترامب سيكون أكثر حزماً في كل ما يخص سياساته الخارجية. إن لم يسارع نتنياهو إلى إنهاء الحرب في غزة، مع صفقة تبادُل، أو من دونها، سيكتشف أن ترامب يمكن أن ينقلب عليه سريعاً جداً.
- من الأفضل أن يتذكر نتنياهو الأيام بعد "مذبحة"السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، عندما ألقى الرئيس بايدن خطابDON’T الشهير، وجاء لزيارة إسرائيل في الوقت الذي كان ترامب يقول للمقربين منه أنه يأمل عدم رؤية نتنياهو الفاشل كرئيس حكومة حين يعود إلى منصب الرئيس.
- يتحدث ترامب مع اليهود الأرثوذكس كأنه صديق نتنياهو، وفي الوقت نفسه، يمرر رسائل متناقضة للمسلمين في ميشيغان لأنه مشغول فقط بنفسه. إنه شخص متقلب وغير متوقَّع، ومَن سيدفع ثمن هذا التقلب نتنياهو، إذا لم يتصرف كما يتوقع منه ترامب، وإسرائيل أيضاً. جميعنا سنخسر حليفة صادقة، ونحصل على نرجسي عنصري كقائد للدولة الأهم في العالم، لا يهتم بالتحالفات وتخصيص الموارد خارج حدود الولايات المتحدة. يمكن أن يتضح أن معنى "لنجعل أميركا عظيمة مرة أُخرى" هو "لنجعل إسرائيل أضعف إلى الأبد".