مَن يدير هذه الحرب؟
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • جرت إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت وتعيين الوزير يسرائيل كاتس الذي ليس لديه تجربة بديلاً منه، لأسباب غير صحيحة، ولاعتبارات شخصية وسياسية قصيرة المدى. من هنا، تخوّف كثيرون من التداعيات المحتملة لهذا الأمر على حصانة المجتمع الإسرائيلي، وعلى الجيش الإسرائيلي.
  • لكن حتى الذين حزنوا على رحيل غالانت، خوفاً من عدم وجود مَن يدير الحرب التي تخوضها إسرائيل، الآن، يعترفون في قرارة أنفسهم بأنه لا غالانت، ولا إسرائيل، هما اللذان كانا يديران الحرب، بل الحرب هي التي كانت تديرنا. بكلمات أُخرى، افتقرت إسرائيل، ولا تزال تفتقر إلى استراتيجيا، وبصورة خاصة إلى خطة عمل واضحة في إدارة الحرب، ومع غياب ذلك، نجد أنفسنا ننتقل من حدث إلى آخر، ومن عملية إلى أُخرى، وهو ما يؤدي إلى استمرار الحرب، ويجعل تحقيق أهدافها صعباً.
  • وفي الحقيقة، خلال السنة الماضية، حققنا إنجازات تاريخية يمكنها إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط كله والمنطقة المحيطة بنا من جديد. وبعد وصولنا إلى أسوأ نقطة في تاريخنا، نجحنا من التعافي، وفي ضرب العدو، وإزالة السيف الذي وضعه فوق رقابنا. لا تزال التنظيمات "الإرهابية" تقاتلنا في غزة ولبنان، لكننا أزلنا التهديد الوجودي وحلقة النار من الصواريخ التي أحاطتنا بها إيران.
  • لقد انتصرنا في المعركة، وليس في الحرب، ويجب أن نعزو ذلك إلى الشجاعة والبطولة اللتين أظهرهما جنود الجيش، فضلاً عن حصانة المجتمع الإسرائيلي وتماسُكه.
  • لكن في الوقت عينه، يجب أن نعترف، وبأسف، بأن هذه النجاحات تحققت على الرغم من طريقة إدارة الحرب، أو الأصح، عدم إدارتها على يد القيادتين، السياسية والعسكرية. ويبدو أن هذه النجاحات هي حصيلة تراكُم نجاحات تكتيكية، وليس نتيجة خطوات منتظمة ضمن خطة عمل منهجية تكمن وراءها رؤيا استراتيجية شاملة.
  • وهذا نتيجة حتمية لحقيقة وجود مستوى سياسي يتردد في اتخاذ القرارات، ويفتقر إلى الخيال والتفكير المبدع والشجاعة، وليس لديه آليات لصنع القرار وصوغ سياسة تساعده على ملء الفراغ. وفي ضوء هذا الغياب، يطلب المستوى السياسي من قادة الجيش إدارة الحرب، وهم الغارقون في إدارة المعارك في الميدان، وليس لديهم الوقت، ولا الوسائل، ولا الصلاحية، من أجل تحديد أهداف الحرب وترجمتها إلى خطة عمل وتنفيذها.
  • انعدام الثقة بين المستوَيين السياسي والعسكري، وعدم تبليغ رئيس الحكومة الجيش بشأن الأهداف الحقيقية للحرب، وما هي وجهتها، أمور كلها لا تُبقي أمام قادة الجيش سوى تخمين ما يريد نتنياهو، وهذا يساهم أيضاً في واقع أن هذه الحرب لا تدار من الأعلى، والأحداث في الميدان هي التي تملي علينا طريقنا. بهذه الطريقة، يُدار القتال في غزة، حيث انتقلنا من عملية عسكرية إلى أُخرى، ومن شمال غزة إلى مدينة غزة، وعندما وجدنا أن هذا الأمر جرى بشكل جيد، استمر تدحرُجنا إلى خانيونس، وفي النهاية، وصلنا إلى رفح.  لم يجرِ هذا كله كمراحل ضمن خطة شاملة، بل كخطوات مجزأة منفصلة عن بعضها البعض.
  • لقد كانت النتيجة أننا ضربنا "حماس"، لكن الطريق إلى إخضاعها طويلة، ونهاية الحرب لا تبدو في الأفق. في لبنان أيضاً، غرقنا في الوحل نحو عام، لكن تفجير أجهزة البيجر، قبل أن يكشف العدو أمرها، أدى إلى تصعيد غير مخطط له. هنا أيضاً انجررنا من نجاح عملاني إلى آخر، لكن في الخلاصة، وفي ظل عدم وجود رؤيا استراتيجية شاملة، دخلنا في حرب استنزاف مستمرة من دون حسم في مواجهة حزب الله.
  • إدارة الحرب هي أمر منوط بالمستوى السياسي، ومن الخطأ تكليف الجيش بها، الذي مهمته القتال، وليس إدارة المعارك في مواجهة العدو. لكن الحكومة ترددت في وضع مخطط سياسي، وفي اتخاذ القرارات، وباختصار، ترددت في إدارة الحرب.
  • كانت إقالة غالانت لحظة مؤلمة لكثيرين، لكن الأكثر إيلاماً بالنسبة إلينا هو ان تستمر هذه الحكومة في التهرب من مسؤوليتها في إدارة الحرب، إذا استمرت في أن تترك الأحداث في الميدان تديرنا، مثلما جرى حتى اليوم.

 

 

المزيد ضمن العدد