على خلفية عودة ترامب: إيران تعيد التفكير في استراتيجيا جديدة
تاريخ المقال
المواضيع
- على خلفية عودة ترامب إلى الرئاسة الأميركية، تعيد إيران التفكير في استراتيجيا جديدة، بينما تواجه قيادتها في الأسابيع الأخيرة معضلة تتعلق بتوقيت الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي وقع في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، في ضوء الانتخابات في الولايات المتحدة ونتائجها.
- هناك في طهران مَن فضّلوا مهاجمة إسرائيل قبل الانتخابات، وادّعوا أن تركيز الولايات المتحدة عليها يقلل من احتمال نشوب حرب شاملة. مع ذلك، فإن الحجة المضادة هي التي حسمت الموقف، واتُّخذ قرار توجيه ضربة قبل الانتخابات يمكن أن تزيد في فرص فوز دونالد ترامب.
- من الواضح أن نتائج الانتخابات صدمت النظام في إيران الذي اعتمد على استطلاعات الرأي التي توقعت فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس. وبرز مَن ادّعى أن فوز ترامب يؤكد مرة أُخرى ضرورة التزام الحذر في التعامل مع استطلاعات الرأي، وحتى مع مصادر، مثل "النيويورك تايمز". وهناك مَن قال إن ترامب الذي تعلم من ولايته الأولى، أصبح أكثر خطراً الآن على إيران. وهذا الأمر يطرح مسألة ما إذا كان النظام سيردّ بصورة مختلفة على الهجوم الإسرائيلي، وهو ما يشير إلى أن النظام في إيران هو أيضاً تعلّم من ولاية ترامب السابقة.
- واستناداً إلى تقارير مختلفة في إيران، نُشرت بعد الانتخابات الأميركية، يدّعي مؤيّدو النظام أن ترامب استخلص الدروس من الأعوام الأربعة الأخيرة. وفي رأيهم، أن هذا ما عزّز قاعدته السياسية، وقضى على خصومه وأعدائه في الداخل، وهو الآن في موقع قوي للغاية مع سيطرة حزبه على مجلسَي النواب والشيوخ.
- لقد تميزت الولاية السابقة لترامب باتخاذ خطوات قاسية ضد إيران: مثل الانسحاب من الاتفاق النووي، واغتيال قاسم سليماني، وفرض عقوبات على بيع النفط، الأمر الذي أضرّ كثيراً بالاقتصاد الإيراني. وكشفت خطوات ترامب استراتيجيته في التفاوض التي شملت الهجوم أولاً، ثم فرض تنازلات على الطرف الثاني، هذه الاستراتيجيا، بحسب محللين إيرانيين، أدت إلى زيادة في حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
- هل تفكر إيران في إعادة النظر باستراتيجيتها مع عودة ترامب إلى الرئاسة؟ يعود ترامب إلى البيت الأبيض، بينما إيران ضعيفة ومكشوفة أكثر من الناحيتين الاقتصادية والأمنية مما كانت عليه في سنة 2016. وهذا يعود بصورة أساسية إلى العقوبات التي فرضها ترامب خلال ولايته الأولى، والأزمات الاجتماعية التي عانت جرّاءها، وكذلك نتيجة الحرب في 7 أكتوبر، التي قضت على عشرات الأعوام من العمل على تعاظُم قوة أذرعها وجيشها، بما فيها مشتريات عسكرية كبيرة (مثل منظومة الدفاع الجوي أس-300).
- هناك مَن ينتظر أن ينتهج ترامب استراتيجيا مشابهة في ولايته الجديدة: خطوات عدائية؛ ضغط اقتصادي على مداخيل النفط؛ بذل الجهود من أجل تقليص مداخيل طهران بصورة عامة. ومن المتوقع أن يدفع ترامب قدماً بمشروع الممر الاقتصادي من الهند - الشرق الأوسط - وأوروبا (IMEC)، وأن يدعم أذربيجان فيما يتعلق بممر زانجزور [الذي تعارضه أرمينيا وإيران، والذي يربط أذربيجان بمنطقة معزولة تابعة لها تقع في الجنوب الغربي من أرمينيا، بالقرب من الحدود الإيرانية]، بهدف الحد من وصول إيران إلى أوروبا. ويدّعي الخبراء أنه في ضوء الضرر الذي يمكن أن تُلحقه هذه السياسة بالصين، فإن أمل إيران الوحيد هو بازدياد حدة المواجهة بين الولايات المتحدة والصين، الأمر الذي يمكن أن يقرّب بيجين من طهران.
- تذّكر تصريحات ترامب بشأن "إنهاء الحرب" بسياسة الرئيس هاري ترومان الذي أنهى الحرب العالمية الثانية. وفي تقدير المحللين أن ترامب سيسمح لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتدمير "حماس" تدميراً كاملاً في غزة، وسيعطيه حرية العمل ضد إيران وإضعافها، اقتصادياً وإقليمياً، وتهديد استقرار النظام الإيراني.
- لا يمكن التنبؤ بما سيفعله ترامب. ومع ذلك، من الواضح وجود 4 عوامل في سياسته في الشرق الأوسط:
- عامل شخصي خاص، مساعدوه والمقربون منه، بينهم نائبه جي دي فانس، وهو من المسيحيين الإنجيليين الموالين لإسرائيل؛ وهناك علاقاته الوثيقة بلاعبين إقليميين، مثل وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلاقته بنتنياهو.
- بناءً على ذلك، تعيد طهران دراسة خطواتها. وعلى خلفية عودة ترامب، تتخوف من أن يؤدي أيّ استفزاز للرئيس الأميركي إلى تحريك تأثير هذه المكونات الأربعة، بحيث يصبح ترامب أكثر خطورةً مما كان عليه قبل 4 أعوام. وعلى هذه الخلفية، يعتقد النظام أن عليه التصرف بطريقة مختلفة في الوضع الجديد، والتفكير في استراتيجيا جديدة.
- يطالب بعض هؤلاء الخبراء بإقامة قناة اتصال تفاوضية، مثل تلك الموجودة مع إدارة بايدن، على أمل التوصل إلى "صفقة أفضل" مع رجل الأعمال ترامب، تشكل إنجازاً لإدارته الجديدة، مقارنةً بالإدارة السابقة. كذلك يعمل النظام الإيراني على تعزيز العلاقات مع السعودية، مع الاعتقاد أن المصالحة معها، ولو ظاهرياً، ستقلل من قوة الضغط الذي يمكن أن تمارسه الرياض ضد طهران.
- هذه الخطوات الإيرانية، فضلاً عن الأمل بأن يفي ترامب بوعوده لناخبيه من المسلمين بشأن إنهاء الحرب في غزة ولبنان وإعطاء الأولوية لإعادة البناء الاقتصادي، يمكن أن تلجم السياسات العدائية في الشرق الأوسط.