يجب إنهاء الحرب، وضرب حجر الزاوية- ما بين أربع جبهات
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان المجتمع الإسرائيلي يعتقد أن وجوده مضمون. لم يكن يريد حروباً، وكان مستعداً لتحمّل عمليات إطلاق النار المتقطع نحو إسرائيل، وحتى الهجمات "الإرهابية" بين الحين والآخر، بشرط ألّا تندلع حرب شاملة.
  • لقد جاءت الاستراتيجيا التي تبنّتها إسرائيل بشأن احتواء تصاعُد قوة جيوش "الإرهاب" في غزة ولبنان لعدة أسباب: اعتقدت إسرائيل أنها قادرة على السيطرة على الوضع من الناحية الاستخباراتية، ومن حيث الردع ("الصواريخ ستصدأ"، كما قال يعَلون). كذلك، جاءت بناءً على توجيهات المستوى السياسي للفصل بين الضفة الغربية وغزة (لم يعارض الجيش الإسرائيلي ذلك لأن الأمر كان مريحاً له). وأيضاً بافتراض أن جيوش "الإرهاب" لا تشكل تهديداً وجودياً، وبالتالي، يمكن السماح لها بالتعاظم من دون خوض حرب لمنع ذلك. بالإضافة إلى الخشية من فتح جبهة ضد تعاظم قوة حزب الله، مع إدراك حجم الضرر الذي يمكن أن يسببه لنا. وأخيراً، بسبب غياب إجماع وطني واسع داعم للحرب في غزة ولبنان، إذ إن شن الحرب لم يكن يوماً مريحاً بسبب عدد من العوامل، مثل ازدهار الشمال، امتلاء بيوت الضيافة هناك، والأعياد والعطل. في ضوء هذا كله، يجب أن نقيّم وضعنا الراهن، بعد إخفاقنا الذريع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبعد أكثر من عام على الحرب في غزة ولبنان.

 

فيما يتعلق بجبهة غزة:

  • لم تعد "حماس"، كقوة عسكرية ذات أهمية، موجودة فعلياً. إذ قُتل عناصرها بأعداد كبيرة، وتم القضاء على تسلسلها القيادي، ودُمّرت البنية التحتية العملياتية الضخمة التي كانت تشمل الأنفاق، ومنشآت التصنيع، ومستودعات الأسلحة، والأموال. في الواقع، حالياً، لا توجد حرب في غزة، بل عمليات حرب عصابات تشنها "حماس" ضد جيش كبير ومتراخٍ متمركز في القطاع في مواقع معروفة، ويدير روتيناً من النقاط العسكرية والمحاور والقواعد، بانتظارأوامر جديدة.
  • في ظل هذا الوضع القتالي، من المتوقع أن نتلقى ضربات مؤلمة بين الحين والآخر، تؤدي إلى وقوع قتلى وجرحى، لكن "حماس" لا تمتلك القدرة على إخراجنا من القطاع بالقتال، والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك يتمثل في التوصل إلى اتفاق. في الواقع، لا توجد أيّ أدوات ضغط عسكرية على "حماس" تجبرها على التوصل إلى تسوية تشمل تحرير المختطفين، إلا من خلال اتفاق على إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع، بشكل أو بآخر، مع الإفراج عن أسرى فلسطينيين متورطين في عمليات "قتل". وفي ظل غياب اتفاق مع "حماس"، سيستمر موت مختطفينا في الأسر، وسيظل وصمة عار لا تُمحى عن المجتمع الإسرائيلي، وعلى رأسه حكومة إسرائيل ورئيسها.
  • اليوم، لا يوجد مبرر لتعريض جنودنا للخطر في غزة. فأدواتنا للضغط العسكري الهادف إلى تحرير المختطفين انتهت، وكلّ مَن يدّعي عكس ذلك يخدع الجمهور. هذا لا يعني أنه لا يمكن تنفيذ عملية بطولية لتحرير بعض المختطفين، لكنني أشك في حدوث ذلك قريباً. لذلك، يجب الانتقال إلى مفاوضات جدية، من دون "ألاعيب وحيل"، لإنهاء القتال في غزة والعمل على تحرير جميع المختطفين، الأحياء منهم والقتلى، الآن. أمّا بالنسبة إلى كل مَن يدعو إلى إعادة الاستيطان في غزة، يمكن الرد بالقول: دعونا نعيد سكان الجنوب والشمال إلى منازلهم، ونعيد بناء المستوطنات التي تعرضت لأضرار جسيمة، ونؤسس مستوطنات جديدة في "غلاف غزة" والشمال داخل حدودنا، ونترك مسألة الاستيطان في لبنان وغزة لوقت آخر.
  • إن مقولة "الاستيطان يمنح الأمن" ليست قاطعة: فحتى عندما كنا نستوطن غزة، كان هناك هجمات، بعضها شديد القسوة، فضلاً عن إطلاق صواريخ القسّام نحو سديروت وعسقلان و"غلاف غزة". كان الطلاب يذهبون إلى المدارس في الصباح بحماية الجيش، وبتأمين مسارات خاصة. أيضاً الاستيطان في الضفة الغربية لم يحُل دون وقوع الهجمات الشديدة، مثل هجوم "الدولفيناريوم"، أو هجوم فندق "بارك"، وغيرهما من الهجمات الكثيرة.

 

فيما يتعلق بجبهة لبنان:

  • الإنجازات العملياتية التي تحققت خلال حرب الاستنزاف الطويلة في لبنان تمنحنا الأمل بأن الأمور قد تكون مختلفة هذه المرة، فحزب الله بات أضعف من أيّ وقت مضى، ويعاني جرّاء وجود قيادة ضعيفة تفتقر إلى الكاريزما، أو التهديد الذي كانت تتمتع به في عهد نصر الله. كما أن أيّ صحوة لبنانية، بدعم من الغرب والسعودية والإمارات، قد تؤدي إلى إحداث تغيير ملموس. وبالإضافة إلى ذلك، إن فرض إسرائيل بنود الاتفاق بشكل صارم، بخلاف ما جرى في سنة 2006، يمكن أن يضمن لنا عشرين عاماً من الهدوء النسبي على الحدود اللبنانية. من المتوقع أن تحاول إيران إعادة بناء حزب الله، نظراً إلى غياب بدائل أفضل، لتحقيق أهدافها المتمثلة في الحصول على السلاح النووي وتدمير إسرائيل، ويجب علينا الحيلولة دون ذلك. وفي الوقت نفسه، ينبغي إعادة السكان إلى مستوطناتهم بقرار حكومي، وترميم الشمال، وتشجيع الاستيطان فيه.

 

فيما يتعلق بالجبهة السورية:

  • في ظل تجدُّد الحرب بين القوات السورية وحلفائها وبين المتمردين الذين يُعدّون إرهابيين بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وفي صفوفهم عناصر من "داعش" و"القاعدة" وغيرهما، يُطرح التساؤل عمّا يخدم مصلحة إسرائيل. لكن النقاش في هذه المسألة عديم الجدوى، فلا توجد لدى إسرائيل قدرة فعلية على التأثير في الوضع. ليقتلوا بعضهم البعض، وعندما ينتهون، يمكننا النظر في طبيعة الأطراف التي سنتعامل معها. قد يبدو هذا الأمر تبسيطياً للغاية، لكنه يعكس الواقع.

 

فيما يتعلق بالجبهة الإيرانية:

  • من الواضح أن علينا مواجهة إيران، فهي حجر الزاوية في المحور المعادي لنا. علينا تغيير استراتيجيتنا تجاهها، فبدلاً من مطاردة البعوض، علينا تجفيف المستنقع. يجب أن نعمل مع الولايات المتحدة على إسقاط نظام الحكم الإيراني وعندما يسقط النظام، ستُحل جميع قضايا السلاح النووي و"الإرهاب" تلقائياً. نعم، هذا ممكن التحقق. في ضوء ذلك، يجب على المستوى السياسي الشروع في خطوات، مثل إنشاء مديرية مُمولة لمعالجة قضايا جنود الاحتياط، وعائلاتهم، ومصالحهم التجارية؛ وتنفيذ صارم لخطة خمسية لإعادة إعمار "غلاف غزة"، بما في ذلك إنشاء مستوطنات جديدة داخل حدود الدولة؛ وتنفيذ صارم لخطة خمسية لإعادة إعمار الشمال بالنهج نفسه؛ وتحديد ميزانية أمنية لخمس سنوات تتيح بناء الجيش الإسرائيلي ليواجه تحديات المستقبل؛ وإنشاء خطوط استراتيجية (للفولاذ والذخائر وغيرها) لضمان القدرة الذاتية على مواجهة التحديات المستقبلية؛ وتأجيل النظر في جميع المبادرات التشريعية الأُخرى، والعمل على توحيد المجتمع الإسرائيلي، بدلاً من تقسيمه.
 

المزيد ضمن العدد