الظروف بدأت بالنضوج: نتنياهو جاهز لخطوة جديدة وكبيرة
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • بعد "7 أكتوبر" بـ425 يوماً، يبدو أن الظروف بدأت بالنضوج في غزة والقدس بشكل يمكن أن يسمح بصفقة تبادُل إضافية. إن دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض والتهديد الواضح الذي صدر عنه بتحويل الشرق الأوسط إلى جهنم، يهدف إلى تفعيل الضغوط على "حماس" من أجل أن تبدي مزيداً من الليونة. الحركة "الإرهابية" الغزية مستمرة في تلقّي الضربات الميدانية، وتراجعت آمالها بإشعال المنطقة، بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
  • وعلى صعيد سياسي أيضاً، يبدو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يرى أن الفرصة سانحة، بعد أن وسّع ائتلافه بضم جدعون ساعر وتقليص قوة بن غفير، وأيضاً دخول ترامب إلى البيت الأبيض سيصعّب على بن غفير وسموتريتش تفكيك حكومة اليمين.
  • لكن الأكثر تغيراً هي منظومة الحسابات الخاصة بنتنياهو نفسه. فبعكس جو بايدن، يفتح ترامب أمام نتنياهو فرصاً جديدة يمكن أن تعيد صوغ إرثه من جديد، لا يمكنه أن يمحو أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، حتى لو أعاد المخطوفين، لكنه يمكن أن يصنع إرثه في المنطقة بطرق مختلفة- اتفاق تاريخي مع السعودية، أو تغيير ميزان القوى في مقابل إيران.
  • هذا لن يحدث، طبعاً، من دون تقدُّم في الساحة الغزية. يبدو أن ترامب لن يسمح بذلك، لا هو ولا شركاؤه الاستراتيجيون في المنطقة. لذلك، يسعى نتنياهو الآن لعقد صفقة موسعة أكثر، يمكن أن يكون اتفاق تبادُل الأسرى فيها أداة ضغط لتحقيق إنجازات كبيرة جداً في ساحات أُخرى. إن صفقة كهذه يمكن أن تسمح له أيضاً، ولشركائه في الائتلاف، بتسويق الصفقة التي يتحفظ الجمهور عنها. الأوقات المصيرية أكثر هي الأسابيع التي تفصلنا عن موعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض- خلال هذه الفترة، يمكن أن يقع كثير من المصائب، مثل أوامر الاعتقال الدولية، وأيضاً الفرص التي لم يحلم أيّ شخص بها، وتبدو الآن ممكنة.
  • إذاً، علامَ يدور الحديث الآن؟ الحديث الآن عن صفقة جزئية فقط. لا يزال نتنياهو يرفض وقف الحرب، ويفهم أنه من الصعب جداً، سياسياً، أن ينسحب كلياً من القطاع. وعلى الرغم من ذلك، فإنه سيكون من الصعب عليه تسويق صفقة جزئية للجمهور بعد 430 يوماً وأكثر من عام على الصفقة الأولى، لأنه من الصعب جداً ترك مخطوفين، بينهم جنود هناك، ويعتقد كثيرون أن هذا ما سيؤدي إلى هلاكهم.
  • وماذا يجري في الساحة الداخلية؟ لا يمكن القول إن الإصلاحات القضائية عادت، لأنها أساساً لم تختفِ قط. ببساطة، إنها تتقدم بخطوات بطيئة أكثر وذكية أكثر، على طريقة الضفدع في المقلاة التي تسخن بالتدريج. الداعمون لها يعرفون جيداً أن المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزير ياريف ليفين في كانون الثاني/ يناير كان خطأً كبيراً. وبدلاً من الدخول من الباب الرئيسي، يدخلون الآن بصمت عبر الشبابيك الجانبية: قانون اختيار مفوض عام الشكاوى بحق القضاة سياسي، وتقليص ميزانيات نقابة المحامين، ورفض تعيين رئيس للمحكمة العليا استناداً إلى الخبرة، وقائمة طويلة من القوانين.
  • لا تخلو منظومة ضبط القانون من الأخطاء. هذا الأسبوع فقط، ارتكبت  النيابة خطأين كلفّاها كثيراً في أوساط الجمهور- اتهام إيلي فدلشتاين بمحاولة الإضرار بأمن الدولة، وهو اتهام رفضه القاضي؛ والاعتقال الانتقامي الذي تعرّض له، هو والضابط. وكذلك الأمر بالنسبة إلى محاولة اتهام المتهمين الأربعة بإلقاء قنبلة ضوئية بالقرب من بيت رئيس الحكومة بـ"القيام بعمل إرهابي وتعامُل متهاون مع النيران والاستهتار"، والإبقاء عليهم في السجن حتى انتهاء الإجراءات. هذه الملفات الحساسة، جعلت النيابة تصعد إلى شجرة عالية جداً، وحاولت المساواة، بشكل واهم، ما بين حقوق المتهمين، وهذا كله بعد فضيحة الملفات التي بدأت بصوت مرتفع جداً، وانتهت بصوت منخفض وضعيف.
  • هذا مؤسف جداً، لأن الأخطاء تُستغل سياسياً من أجل القيام بموجة قوننة بعيدة كل البعد عن أن تكون حلاً للمشكلة. الهدف من وراء هذه القوانين ليس مساعدة المواطن، إنما منح السياسيين مزيداً من القوة، بالإضافة إلى أنها وقود لحملات شعبوية تجعل الجميع متهمين، باستثناء الحكومة. هذه هي القضية بالمناسبة- يجب أن تتم التغييرات النظامية بمسؤولية، ومن خلال اتفاق واسع. فالائتلاف الذي فقد، بحسب الاستطلاعات، كثيراً من قوته، ولم ينجح في تشريع هذه القوانين قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، غير مخوّل بلورة النظام في إسرائيل من جديد.
  • لدى هذه الحكومة مهمة واحدة، يبدو أنها شارفت على النهاية أيضاً: إعادة السفينة إلى حالة الاستقرار، بعد الكارثة الكبيرة والدمار، ومن المؤكد أنها غير مخولة إجراء تغييرات إشكالية، الهدف منها إزاحة السفينة عن مسارها وإبعادها عن التحديات الحقيقية، وإعادة فتح الجروح القديمة. إذا كانت هذه الحكومة تريد ترميم الوضع فعلاً، فيتوجب عليها أولاً تشكيل لجنة تحقيق مستقلة. لكنها بدلاً من ذلك، تحاول كسب الوقت بشكل لا يسمح بالتحقيق في الكارثة بشكل نزيه إطلاقاً.

...

 

المزيد ضمن العدد