علي الخامنئي فهم أن عملية السنوار جعلت خطته الكبرى تذهب أدراج الرياح
تاريخ المقال
المصدر
- تواجه إسرائيل، اليوم، المهمة الأكثر حساسيةً وتعقيداً في تاريخها: إطلاق سراح المخطوفين في غزة، مع المحافظة على الأمن الوطني. التطورات الأخيرة في الساحة الجيوسياسية، انهيار النظرية الإيرانية، وهزيمة حزب الله في لبنان، وسقوط النظام في سورية، أمور كلها خلقت فرصة نادرة للقيام بخطوة استراتيجية تعيد المخطوفين إلى منازلهم. وبالإضافة إلى ذلك، إن فرص نجاحها مرتبطة بالإدارة الحكيمة والحفاظ على التوازنات الدقيقة بين الضغوط العسكرية والدبلوماسية والإنسانية.
- ازدياد عزلة "حماس": بعد سنوات تموضعت خلالها "حماس" كلاعب مركزي في الشرق الأوسط، تجد نفسها اليوم معزولة أكثر من أيّ وقت مضى. وهناك دول كانت متحالفة معها في الماضي، باتت تقلص دعمها لها، مثل مصر وقطر، وحتى حزب الله. تُجري مصر المفاوضات من أجل وقف النار بهدف المحافظة على الاستقرار الإقليمي، وتوثيق علاقاتها بالإدارة الأميركية وضمان مصالحها في سيناء.
- لقد فهم حزب الله وإيران اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، أن "حماس" ورّطتهما في حرب أدت إلى إضعافهما استراتيجياً. الحرب مع إسرائيل جعلت عقدين من الجهد الاستراتيجي الإيراني يذهبان هباءً، وأدت إلى تحويل الموارد الأساسية إلى هذه الحرب، وبالتالي، خسارة سورية. أمّا قطر، فتدرك أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون أقل تسامحاً مع العلاقات بأطراف إسلامية متطرفة. وهذا الوضع يفتح أمام إسرائيل فرصة للعمل من أجل إضعاف "حماس" واستغلال عزلتها الدولية والإقليمية من أجل الدفع قدماً بصفقة تحرير المخطوفين.
فرصة تاريخية: إدارة صحيحة للمفاوضات
- عزلة "حماس" والضغوط التي تمارَس عليها من طرف جهات إقليمية، تسمح لإسرائيل بإجراء مفاوضات من موقع قوة. المقترح المصري لوقف إطلاق النار المتدرج وإطلاق الأسرى الفلسطينيين، في مقابل المخطوفين، يخلق إطاراً محتملاً للصفقة. مع ذلك، هناك خطر أن تستغل "حماس" وقف النار من أجل إعادة تنظيم نفسها عسكرياً من جديد. لذلك، يتعين على إسرائيل الاحتفاظ بتهديد قوي ومُقنع، توضح بواسطته لـ"حماس" أن أيّ استغلال سيئ للهدنة سيؤدي إلى ردّ غير متوازن.
- ضغط أميركي وتغيير قواعد اللعبة: إن نشر فيديو عيدان ألكسندر، المخطوف الإسرائيلي- الأميركي، كانت له أصداء في واشنطن. لقد شكّل ورقة استخدمتها "حماس" من أجل الضغط على الرأي العام الأميركي، لكن ردّ الرئيس ترامب جعل الحركة تدرك أنها تستخدم سيفاً ذا حدين، وهو أيضاً فتح فرصة أمام إسرائيل من أجل زيادة التدخل الأميركي لمصلحتها. يدركون في "حماس" أن الدخول القريب للرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، من المنتظر أن يغيّر الدينامية، ومن المتوقع أن ينتهج سياسة أشد حزماً حيال الحركة، الأمر الذي سيزيد في مخاوفها، في تقديري، ويمكن أن يدفعها إلى تسريع التوصل إلى صفقة، قبل استلام ترامب منصبه.
- في استطاعة إسرائيل القيام بعدد من الخطوات من أجل تحسين فرص التوصل إلى صفقة والمحافظة على تهديد عسكري: التأكد من شعور "حماس" بالضغط الدائم، سواء في الميدان، أو على المستوى الدبلوماسي. الاستفادة من الجهد المصري: تعزيز دور مصر كوسيط موثوق به، والمطالبة بتشديد الشروط على "حماس". ضغط دولي: الاستفادة من الرأي العام الأميركي، وتسخير الإدارة الأميركية الحالية والمستقبلية، من أجل بذل مزيد من الضغط على قطر، وعلى "حماس".
- إدارة المخاطر في الحكومة الإسرائيلية: من الممكن إدارة مخاطر إطلاق سراح أسرى تابعين لـ"حماس" من خلال الامتناع من تحرير أسرى خطِرين، يمكنهم أن يشكلوا خطراً على المستوى القيادي، بينما يمكننا التعامل مع البقية. إن الفرصة الآن لمصلحتنا، ويجب التوصل إلى صفقة من موقع قوة إسرائيلي، قبل دخول ترامب.
- في الخلاصة، الوضع الحالي يضع إسرائيل أمام مرحلة زمنية حساسة، بحيث تخلق عزلة "حماس" والتدخل الإقليمي والضغط الأميركي ظروفاً نادرة من أجل عقد صفقة تبادُل للأسرى. ومع ذلك، فإن التحدي كبير، والمطلوب سياسة حكيمة تجمع بين الحزم العسكري والمرونة الدبلوماسية. إذا عرفت إسرائيل كيف تستغل الفرصة، فإنها ستقدر، ليس فقط على إطلاق المخطوفين، بل ستقوم بخطوة مهمة من أجل إضعاف "حماس" واستعادة قوة الردع.
- لقد أثبتت إسرائيل خلال العام وربع العام الأخيرَين تفوّقها العسكري والاقتصادي والتصميم الكبير لجيشها وجنودها. إن إنقاذ المخطوفين من دون إنقاذ "حماس" قريب جداً، ولا سيما أن "حماس" لم تعد تشترط إطلاق المخطوفين بوقف القتال. حان الوقت، بعد عام وربع العام، للاستفادة من الإنجازات العسكرية في صفقة تحرير المخطوفين. إن إعادة أبنائنا وبناتنا إلى البلد ستشكل رمزاً للانتصار المطلق للروح الإسرائيلية.