وحدها حكومة مؤلفة من أحزاب الوسط هي من ستتمكن من التوصل إلى صفقة مع السعوديين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • إن الصفقة السعودية هي الصفقة الأهم على الساحة السياسية. ولا شيء سوى تحالُف إقليمي بقيادة أميركية سعودية - إسرائيلية يمكنه أن يوفر حُكماً بديلاً في غزة، وأن يبني جبهة في مواجهة إيران وبرنامجها النووي، ويربط إعادة إعمار لبنان وسورية باتفاقيات أمنية مستقرة، ويطرح أفقاً سياسياً للقضية الفلسطينية يوقف تدهور مكانتنا الدولية.
  • إن اتفاق التطبيع يمثل حالة نادرة يمكن فيها لفكرة واحدة أن تحل مجموعة من مشكلات الأمن الاستراتيجي، وأن تنشئ، في الوقت نفسه، أفقاً سياسياً وفرصاً اقتصادية هائلة لإقليم كامل. وتمثل هذه الصفقة الركيزة الأساسية للخطة السياسية التي قدّمتها مؤخراً، وهي إحدى القضايا القليلة التي تتفق عليها إدارة بايدن وإدارة ترامب. وبخلاف المتطرفين الذين سيطروا على الحكومة الإسرائيلية، فإن الجميع يدرك أن هذه الصفقة ضرورية لأمن إسرائيل واقتصادها.
  • ووحدها حكومة إسرائيلية تقودها أحزاب الوسط قادرة على التوصل إلى صفقة كهذه، وهناك سببان لذلك:
  1. فمن أجل التوصل إلى صفقة يكون أحد مكوناتها الرئيسية تحالُف دفاعي أميركي - سعودي، فإن الإدارة الأميركية تحتاج إلى أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ، وهذا يعني أنه بالإضافة إلى أصوات أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، فإن هناك حاجة إلى أصوات 15 عضواً ديمقراطياً على الأقل (إذا لم يعترض الجمهوريون الانعزاليون).

والمشكلة هنا هي أن الديمقراطيين يعادون، بشدّة، حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف؛ إذ تعلن القيادة الديمقراطية كراهيتها لبنيامين نتنياهو علناً، كما أنها لا ترغب في تقديم العون إليه، أو في تحمُل الانتقادات من قاعدتها الشعبية بسبب ذلك. ووحدها حكومة وسط إسرائيلية يمكنها العمل عن كثب مع إدارة ترامب التي لا تزال لدينا علاقات جيدة ودافئة معها إلى جانب ضمان الحصول على الأصوات الديمقراطية اللازمة لتمرير الصفقة في مجلسَي الشيوخ والنواب.

  1. أمّا السبب الثاني، فيتعلق بالمكون الفلسطيني؛ إذ إن الحكومة الحالية غير قادرة على تقديم الحد الأدنى مما يطلبه السعوديون في الشأن الفلسطيني، على غرار المشاركة الرمزية للسلطة الفلسطينية في إدارة قطاع غزة، أو التصريح بأن إسرائيل قد عدلت عن جميع أحلامها الخطِرة المتمثلة في ضم الأراضي، مع المحافظة على إمكان الانفصال المستقبلي عن الفلسطينيين بناءً على مبدأ الدولتين.
  • حتى هذا الحد الأدنى يمكن فرْضه بشروط صعبة يجب على الفلسطينيين التزامها، لكن في هذه الحكومة الحالية، لا يوجد مَن يمكن الحديث إليه؛ فإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش والفصيل اليميني المسياني الصاعد بقوة داخل الليكود سيواصلون رفْض أي مقترح تسوية، أمّا الأحزاب الحريدية، فستواصل اتّباع موقف قواعدها الشعبية [الرافضة للتسوية].
  • وبنقيض ذلك، فإنه يمكن لحكومة وسط إسرائيلية تقديم مجموعة من الشروط الصارمة والواقعية للتقدم إزاء السعوديين والأميركيين. ويمكن لهذه الحكومة التأكد من أن السلطة الفلسطينية لن يكون لها أي دور في الشؤون الأمنية في غزة، وفرْض اشتراط أي تقدم سياسي لإصلاح شامل للبرامج التعليمية الفلسطينية ومكافحتها لـ "الإرهاب".
  • هذا مسار طويل الأمد سيكون عبء الإثبات فيه واقعاً على عاتق السلطة الفلسطينية، وخلال هذه الأعوام يمكننا أن نعمل مع شركاء إقليميين أقوياء للإطاحة بالنظام الإيراني، وتدمير برنامجه النووي، وضمان قيادة بديلة لحركة "حماس" في غزة، واستقرار الحدود مع سورية ولبنان، والبدء في بناء ترتيبات سياسية مستقرة معهما.
  • تمثّل اتفاقيات التطبيع مع السعودية الغاية العظمى للسياسة الإسرائيلية، والطريقة الوحيدة للتوصل إليها لن تكون إلاّ عبر حكومة وسط.