يجب أن نقولها بصراحة: الحرب في غزة انتهت، ونحن ندفع ثمناً لا يُحتمل
تاريخ المقال
المصدر
- 445 يوماً من الحرب ضد "حماس" في قطاع غزة والمستوى السياسي لا يعتقد أننا وصلنا إلى الحسم العسكري ضد "حماس". أمس، اضطررنا إلى دفع ثمن باهظ لا يمكننا دفعه؛ 3 مقاتلين من لواء كفير قُتلوا جرّاء تفجير ساحة عبوات ضدهم، وذلك بعد دقائق قليلة من نجاحهم في قتل "مخرب" خلال اشتباك من مسافة قصيرة في بيت حانون، شمال القطاع.
- ويصرّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في أثناء المفاوضات، على تحرير المخطوفين في صفقة من عدد من المراحل، وبذلك، لا تعلن إسرائيل وقف الحرب.
- وفي الحقيقة، أنا لا أجد أيّ منطق عسكري في إصرار نتنياهو هذا. حان الوقت لإجراء نقاش عام حقيقي لجوهر هذا القرار، ويجب مناقشة المسألة بجدية كبيرة، وبصورة موضوعية، لا التمسك برأي مسبق ينتمي إلى هذا التيار السياسي، أو ذاك. ولأن المقصود ليس مسألة سياسية تقليدية، إنما نحن في مواجهة مسألة عسكرية بحتة، فإننا ندفع، مع الأسف الشديد، أثماناً باهظة لها من حياة جنودنا، وأيضاً من حياة المخطوفين.
- لقد قام الجيش الإسرائيلي بمناورات عسكرية في قطاع غزة كله، ونجح، فعلاً، في ضرب منظومة القيادة في "حماس"، ونجح أيضاً في ضرب البنى التحتية المركزية للحركة في قطاع غزة. وأنشأ مناطق فاصلة في رفح ومحور فيلادلفيا، وبالقرب من السياج الحدودي مع "غلاف غزة"، كذلك، أنشأ ممراً تبلغ مساحته نحو 8 كيلومترات.
- وهاجم الجيش الإسرائيلي الأنفاق الاستراتيجية والأنفاق التنظيمية، في معظمها، وهو ما يمكن أن نلمسه جيداً في الميدان؛ ففي الأسبوع الماضي، وخلال هجوم لواء غفعاتي واللواء 401 المدرع على قلب مخيم جباليا، حيث يتمركز "المخربون"، في أغلبيتهم، كان يمكن رؤية مَن تبقّى منهم يبحثون عن ملجأ بالقرب من مدرسة أو مستشفى يوجد فيها نازحون، وطاردت مسيّرتان من اللواء هؤلاء "المخربين"، وهما اللتان وجّهتا قوات سلاح الجو ومقاتلي غفعاتي.
- هذه هي القصة كلها، ويستطيع الجيش الإسرائيلي، اليوم، السماح لنفسه بالتراجع إلى الوراء، والتمركز على خط الحدود، و"المخربون" الذين لا يمكنهم الاختباء تحت الأرض، سيتحولون، ببساطة، إلى هدف لنيران الجيش. يتعين على إسرائيل استغلال مزاياها العسكرية، مثل سلاح الجو والصواريخ الدقيقة والمسيّرات والحوامات، كذلك، يمكن الاستفادة من البنى التحتية التي أنشأها الجيش في المناطق الفاصلة بالقرب من فيلادلفيا، وفي الممر، وفي "الغلاف"، وكلما كان مطلوباً من الجيش دخول مناورة، فيمكنه أن يفعل هذا بسرعة.
- حالياً، الوضع في الميدان إشكالي جداً، بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي؛ أولاً، المطلوب منه العمل على 3 جبهات، وهو بحاجة إلى قوة بشرية كبيرة ومعدات في ساحات أُخرى من جبل الشيخ في سورية في الشمال، حتى إيلات في الجنوب.
- لكن الجيش يقوم بعمليات دفاعية وعمليات توغُّل يومية في أغلبية الساحات، وفي غزة، وفي مناطق عديدة من القطاع، والمبادرة إلى الاشتباك مع "المخربين" الذين انتقلوا إلى أسلوب حرب العصابات، لمنعهم من الوصول إلى القوات الدفاعية للجيش الإسرائيلي في القطاع. وهذا الوضع إشكالي، بالنسبة إلى قواتنا.
- لقد سبق أن شهدنا هذا الجمود الفكري قبل عقود في لبنان، عندما بقيَ الجيش غارقاً في الوحل اللبناني طوال 18 عاماً. والآن، نحن في اليوم الـ445 للحرب في غزة، وبدأنا نشعر بالغرق في الوحل الغزّي والجمود الفكري فيما يتعلق بالمستقبل.