الاعتراف بأن الموساد هو المسؤول عن عملية البيجر يخدم برنياع ونتنياهو بشكل أساسي
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إن قرار رئيس الموساد ديفيد برنياع الاعتراف بأن الموساد هو المسؤول عن عملية البيجر ضد حزب الله، هدفه الترويج للموساد، وموظفيه ورئيسه. وطبعاً، هذا يخدم أيضاً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي وافق على العملية.
- وكان نتنياهو لمّح إلى العملية في مقابلة أجرتها معه القناة 14 في 28 تشرين الثاني/نوفمبر، والتي سمّاها محاوره "عملية ليختنشاين"، من أجل الالتفاف على الرقابة. وسارع نتنياهو إلى الإقرار، وحصل على الفضل في اجتماع الحكومة. واستغل برنياع الثغرة التي أحدثها نتنياهو في المحافظة على السرية التي تفرضها الرقابة بصرامة، وسارع إلى توسيعهاـ فوافق على برنامج "60 دقيقة"، وطلب من موظفيه التعاون مع معدّي البرنامج. وجرى تبرير ذلك بزيادة الردع وشن حرب نفسية ضد أعداء إسرائيل، وقيل أيضاً أنه من الأفضل أن يتعاون الموساد من أجل التأثير في مضمون البرنامج، كي لا يجري بثّ أمور قد تبدو معادية لإسرائيل، وللموساد والدولة.
- لكن النشر الحصري، كأن ما يجري الكلام عنه قصة شخصية، وليست وطنية، ليس له أيّ فائدة عملانية، ولا قيمة مضافة في الحرب على الوعي. لأن حزب الله وإيران مرتدعان، ونظام الأسد سقط. عندما قرر نتنياهو ورئيس الموساد، آنذاك، يوسي كوهين في مؤتمر للجمهور عُقد في سنة 2018، الكشف عن سرقة الأرشيف النووي الإيراني، كان في الموساد مَن اعتقد أن لا لزوم لذلك، لكن على الأقل، كان هناك منطق استراتيجي في ذلك، لقد أظهر إصرار إيران، وهدفَ إلى إقناع الرئيس الأميركي، آنذاك، دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي. لكن الحال الآن ليست عمّا كانت عليه.
- لقد فوجئ بعض كبار المسؤولين في الموساد الذين كانوا على معرفة بعملية البيحر بقرار برنياع. وقال أحدهم: "هذا تفاخُر بالنفس، ولا يخدم الردع". وفي الحقيقة، هذا يخدم بصورة خاصة نتنياهو الذي يقدم نفسه كبطل المعركة، ويبعده عن إخفاق 7 أكتوبر.
- أثبتت الرقابة التي منعت النشر في الأيام التي تلت العملية، من خلال السماح بالنشر، أن لا أساس لحديثها عن حماية أمن الدولة من نشر أمور يمكن أن تشكل خطراً عليها. وعملياً، هي جهاز إعلامي للمؤسسة الأمنية، تسمح للصحافة الأجنبية بنشر ما كان يُمنع نشره في إسرائيل قبل أسبوع، من أجل إرضاء نتنياهو وبرنياع.
- للتذكير، خلال العملية في 17 أيلول/سبتمبر، انفجر الآلاف من أجهزة الاستدعاء بعناصر حزب الله. وفي اليوم التالي، أصيب المئات في انفجار أجهزة لاسلكي، جُرح قسم منهم خلال تشييع ضحايا عملية البيجر. لقد كانت عملية جريئة نالت إعجاب العالم، كذلك، كانت من أكبر العمليات المحدودة في تاريخ الحرب ضد "الإرهاب"، بالإضافة إلى أن أضرارها الجانبية كانت ضئيلة نسبياً. عملية البيجر هي ثمرة مبادرة وتنظيم استمر أعواماً. لقد اتُّخذ قرار تفخيخ الأجهزة قبل عشرة أعوام، خلال الفترة التي كان فيها تامير فاردو رئيساً للموساد. قبل 4 سنوات، وخلال ولاية يوسي كوهين، اتُّخذ قرار تفخيخ البيجر، واستمرت التحضيرات خلال فترة رئاسة برنياع، ورافقت ذلك صعوبات داخلية. وفي بعض الأحيان، كان المبادرون والمخططون للعملية يعملون، جاهدين، لإقناع المسؤولين بجدوى توظيف ملايين الدولارات المطلوبة من دون التأكد من موعد تنفيذ العملية.
- جرى الكشف في برنامج "60 دقيقة" عن تفاصيل عملانية لم تكن الرقابة لتوافق عليها لولا طلب رئيس الموساد. على سبيل المثال، جرى الحديث عن أن الموساد باع حزب الله 16 ألف جهاز، بواسطة شركات وهمية، ورفض بيع أطراف أُخرى أبدت اهتمامها بالأمر. أيضاً جرى الكشف عن أنه من أجل إدخال المواد الناسفة، كان هناك حاجة إلى تكبير أجهزة البيجر، وأن تجارب أُجريَت على دمى.
- في العمليات التي تتطلب تعاوناً بين البرامج والجهاز، تنضم في أغلب الأحيان شعبة الاستخبارات العسكرية ووحدات خاصة أُخرى في الجيش والصناعات الأمنية. لقد شاركت في صُنع البيجر شركات صناعات أمنية كبيرة في إسرائيل. وقامت شعبة العمليات، عندما كان يترأسها اللواء أهارون حاليفا، بدور مهم في التخطيط من خلال التعاون الوثيق مع الموساد. لكن في برنامج "60 دقيقة" لم يأتِ ذكر ذلك. وهذا يفسّر أن العلاقات بين رئيس هيئة الأركان هاليفي وبين رئيس الموساد برنياع ليست مثلما كانت عليه من ذي قبل. وأن تفاخُر برنياع يقزّم الشاباك برئاسة رونين بار.
- لقد أعلن هاليفي وبار تحمُّلهما مسؤولية أحد أكبر الإخفاقات في تاريخ الدولة. وهما لم يستقيلا بعد، لكنهما ينويان ذلك. في المقابل، لم يفعل برنياع سوى القليل. صحيح أن الموساد ليس مسؤولاً عن غزة، لكنه مسؤول عن العمليات الاستخباراتية والاغتيالات لعناصر "حماس" في الخارج، وفي أنحاء العالم. وله دور في الكارثة. وكون رئيس الموساد رئيساً للجنة قادة الأجهزة، فإنه يشارك في كل النقاشات الاستراتيجية قبل الحرب، بينها قرار الاستمرار في تزويد "حماس" بالأموال من قطر.
- ويجب أن نضيف إلى ذلك دور برنياع في التعامل غير الكافي بشأن مسألة المخطوفين. لقد كنا نتوقع من برنياع وبار ونيتسان ألون [المسؤول عن المخطوفين والمفقودين] أن يكونوا أكثر حزماً إزاء نتنياهو. إنهم يذهبون إلى الدوحة وعواصم أُخرى، ويصلون مع محاوريهم إلى اتفاقات بشأن الصفقة، لكن عندما تصلهم تعليمات من نتنياهو، مفادها التخلي عن الاتفاق الذي توصلوا إليه، فإنهم يتراجعون، بدلاً من أن يطرقوا على الطاولة ويصروا. وهذا أيضاً لم نشاهده في برنامج "60 دقيقة".