وماذا عن دماء الأطفال الفلسطينيين؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في الأمس، قتل الجيش الإسرائيلي طفلَين في الثامنة والعاشرة من العمر في هجوم بمسيّرة في قرية طمون القريبة من نابلس، ولم يحدث هذا رداً على هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي تستخدمه إسرائيل منذ ذلك الحين كذريعة لسياستها النارية في قطاع غزة، إنما جاء ضمن إطار دعوات اليمين الاستيطاني إلى تحويل الضفة الغربية إلى غزة أُخرى. وبحسب الجيش، فقد كانت المسيّرة في طمون موجهة نحو خلية عبوات متفجرة.
- واستناداً إلى أرقام الجيش الإسرائيلي، فقد وقع منذ بداية الحرب 110 هجمات من الجو في الضفة الغربية، قُتل جرّاءها 220 فلسطينياً. لكن بالنسبة إلى اليمين الاستيطاني، فإن هذا لا يكفي، وهُم لن يتراجعوا عن موقفهم إلى أن تصبح الضفة الغربية كقطاع غزة، ويعتبرون كل الفلسطينيين، سواء أكانوا من "مخربي" "حماس" أم كانوا أطفالاً يتجولون في المنطقة، "مخربين" يجب قتلهم.
- وهذه الرؤية لليمين المسياني صاغها مندوبهم في الحكومة الوزير بتسلئيل سموتريتش، الذي صرح عَقِبَ هجوم إطلاق النار في قرية الفندق، والذي أدى إلى مقتل رجل وامرأتين، قائلاً: "الفندق، وجنين، ونابلس مناطق يجب أن تصبح كجباليا، كي لا تصبح كفرسابا ككفر غزة." وقد استغل عدد من رؤساء المجالس المحلية في المناطق الهجوم في الفندق من أجل مطالبة الحكومة والجيش بأن تفتح إسرائيل جبهة حرب جديدة أُخرى في الضفة، وأن "تخلع قفازاتها الحريرية"، وها قد حصلوا على ما يريدون.
- إن محاولة تصوير المعاملة مع الفلسطينيين أنها معاملة مع قفازات من حرير هو أمر منافٍ للمنطق؛ إذ ليست عمليات الجيش البرّية والجوية وحدها التي حطمت الأرقام القياسية، بل أيضاً عنف المستوطنين، ويَظهر ذلك ضِمن ما يتعلق بالتجمعات الفلسطينية التي اضطرت إلى الرحيل بسبب المضايقات التي يمارسها المستوطنون، وجولات الاعتداءات والمذابح.
- لكن هذا كله لا يُهِمُ أولئك الذين يريدون أن يروا في الضفة عمليات طرد السكان وتدمير مبانٍ كاملة وبنى تحتية؛ والذين يرون صور الدمار في غزة وأرقام عشرات الآلاف من القتلى ويشعرون بالحسد. وهُم يحسدون قطاع غزة لأن هناك إجماعاً على عدم وجود أبرياء، وقد قال عضو الكنيست موشيه سعده يوم الثلاثاء الماضي: "لا مشكلة عندي إذا كان الأطفال في غزة يموتون"، وبالنسبة إليه، فإن "الطريقة الوحيدة من أجل إعادة الأمن هي الاستمرار في حصار غزة. وخطؤنا أننا لم نفعل ذلك حتى اليوم." وقد تعهّد وزير الدفاع يسرائيل كاتس هذا الأسبوع أمام المستوطنين بأن تستخدم إسرائيل قوة أكبر، وشدد قائلاً: "لن نحتوي ولن نسامح ’الإرهاب‘ الفلسطيني. دم اليهود لن يذهب هدراً."
- لكن ماذا بشأن دم الأطفال الفلسطينيين؟ يبدو أن هذا لا يُهِمُ أحداً في دولة إسرائيل. ومن جهتنا، ممنوع أن نسمح لليمين الاستيطاني بِجَرِّ الدولة إلى حرب يأجوج ومأجوح انطلاقاً من اعتقاد أن هذا هو السبيل نحو الخلاص. كما يجب منْع تحقيق رغبة اليمين المسياني في "تحويل الضفة الغربية إلى قطاع غزة."