نتنياهو لن يوقف الحرب، والصفقة الجزئية ستنقذ بعض المخطوفين الأحياء على الأقل
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أثار نشْر قائمة المخطوفين التي يظهر فيها أسماء مَن يبدو أن "حماس" جاهزة لتحريرهم في إطار صفقة "إنسانية" عاصفة كبيرة وخلافات مخيفة بشأن قضيتين مركزيتين: الأولى التخبط بين الموافقة على صفقة جزئية يتحرر فيها 34 مخطوفاً أو التمسك بمطلب الصفقة الشاملة التي سيتحرر فيها الجميع، والثانية تتعلق بالشرط الذي تضعه إسرائيل أمام "حماس"، وبحسبه، فستوافق على وقف قصير لإطلاق النار، لمدة أسبوع، كي تقوم الحركة بفحص الأحياء من المخطوفين شرطَ تحرير عدد صغير من المخطوفين، كنوع من "دفعة على الحساب" للتعبير عن الجدّية.
- ويدور الحديث هنا بشأن قضايا مصطنعة، ومستفزة لأنها تتنكر بغطاء حجج أخلاقية، لكنها ليست إلاّ ألاعيب مقصودة تنضم إلى الألاعيب التي رأيناها سابقاً. ويمكن القول الآن إن مَن يسمح لنفسه بقول إن تحرير الرهائن يمكن أن يتحقق عبر مزيد من الضغط على "حماس"، ومن الهدم والردم لعدة منازل، وتجويع مليونين وربع مليون إنسان، لم يسمع أو يرَ كيف تبدو غزة الآن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مَن يتحدث عن عملية عسكرية بطولية تقود إلى تحريرهم. وفي هذا السياق، من المهم القول إن عدد المخطوفين الذين ماتوا نتيجة العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش أكبر كثيراً من عدد المخطوفين الذين تحرروا بفضل هذه العمليات.
- إن تحرير جميع الرهائن دفعة واحدة، أو كما يطلَق عليه "صفقة الجميع في مقابل الجميع"، يستوجب وقف الحرب، وانسحاب الجيش من القطاع، وتحرير مئات إن لم يكن آلاف "المخربين" الفلسطينيين. فهذه الصفقة هي "صفقة الأحلام"، لكن الخوف هو أن تبقى أحلاماً. والإيمان بصفقة كهذه يتطلب أيضاً الإيمان بأن رئيس حكومة إسرائيل شخص مستقيم وشجاع وحساس ومحب للناس، وبأن المخطوفين على رأس سلّم أولوياته، وشخص يمكن أن يضحّي بمنصبه وبقائه السياسي وبقاء حكومته من أجل تحرير 100 مخطوف، يبدو أن نصفهم ماتوا.
- ولا أعتقد أن من ينسب هذه الصفات إلى بنيامين نتنياهو عاش في إسرائيل خلال الأشهر الـ 15 الماضية، كما لا يعرف طبيعة الحاكم، أو تركيبة حكومته التي تعتقد أن خسارة 100 مخطوف أفضل من تحرير "ألف سنوار". إن مخطط نتنياهو لا يسمح بعقد صفقة كاملة، ليس الآن ولا حتى عموماً.
- والشرط الجديد الذي وضعه نتنياهو، الذي يطالب بتحرير بعض المخطوفين في مقابل أسبوع وقف لإطلاق النار، مطلوب خلاله من "حماس" فحص وتحديد عدد الأحياء من المخطوفين، يشير إلى طريقة عمله، وليس إلى ما يريده فعلاً. وهذا الشرط، كما نُشر، هو أحد العوائق الأخيرة التي تمنع الاتفاق، وبالتالي، يتساءل المرء: لماذا لا نستغل هذا الشرط من أجل تأجيل المفاوضات أكثر وإيجاد ذريعة لجولة أُخرى من المفاوضات؟ الوقت هو عامل ثمين، ليس فقط للمخطوفين وعائلاتهم، بل أيضاً للحكومة. لقد وصلت الأمور إلى حد يبدو فيه أنه يجب تحرير الرهائن من سطوة حكومة إسرائيل أيضاً، والتي حولتهم إلى رهائن لضمان بقائها، وليس فقط "حماس".
- ومن يعارضون الصفقة الجزئية يتخوفون حقاً من أنه لن تكون هناك صفقات بعدها، وسيبقى عشرات المخطوفين لدى "حماس" كـ "ورقة ضمان" إلى أَجَلٍ غير مسمى. لكن رفْض الصفقة الجزئية على أمل الوصول إلى صفقة شاملة معناه أنه المخطوفين الذين لا يزالون على قيد الحياة يمكن أيضاً أن يموتوا لأسباب صحية، أو أن يُقتلوا من طرف آسريهم، أو حتى بالخطأ عبر قصف جوي من جانب الجيش.
- إن الصفقة الجزئية ستنقذ على الأقل بعض المخطوفين الأحياء، ورفْضها يستوجب تقديم شروحات إلى عائلاتهم ونسائهم وأولادهم؛ كيف ماتوا على مذبح وعود نتنياهو بالتوصل إلى صفقة شاملة لكنه لم يوافق للأسف على دفْع ثمنها، فبقوا في الأَسر ولاقوا حتفهم؟ طبعاً، نتنياهو لن يكون المذنب لأنهم صدقوه.