صفقة المخطوفين هي الاختبار الكبير لترامب
تاريخ المقال
المصدر
- بدى التهديد الذي وجّهه دونالد ترامب إلى "حماس"، والذي يقول فيه إنه إذا لم تنفَّذ صفقة لتحرير المخطوفين فإن "أبواب الجحيم ستفتح"، للأسماع الإسرائيلية وكأنه وعد كبير، لكنه في الواقع لا طائل منه. فما الشيء الذي يمكن أن نهدد به "حماس" ولم يستخدمه الجيش الإسرائيلي؟ غزة مدمرة، و"حماس" مفككة وفي حالة دفاعية، وأغلبية سكان غزة مقتلَعين من منازلهم، وحتى إذا أرسلت الولايات المتحدة طائرات لقصف غزة، الأمر الذي لن يحدث طبعاً، فإن النتيجة ستظل نفسها.
- من الواضح أن صفقة مخطوفين شاملة يمكن أن تتحقق فقط إذا غيرت إسرائيل سياستها ووافقت على إنهاء الحرب، لكن إذا صحّت التقارير الصادرة عن مكتب رئيس الحكومة، والتي تقول إن إسرائيل مستعدة فقط لوقف إطلاق النار، فإنه في الحقيقة لم يتغير شيء في وضع الأمور، باستثناء دخول الإدارة الجديدة البيتَ الأبيض.
- وهذا هو السبب الذي يجعل من الصفقة التي يجري الحديث عنها أهم اختبار للسياسة الترامبية في الشرق الأوسط. وضِمن هذا الإطار، تُطرح 4 أمور ممكنة الحدوث: الأمر الأول أن نكتشف أن تهديدات ترامب هي كتهديداته في ولايته الأولى للمكسيك إذا لم يشيّد سوراً، أي كلمات بلا معنى بالنسبة إلى تأثيرها في الواقع. ونظراً إلى أنه ليس لدى "حماس" ما تخسره فعلاً، فإنها لن تتنازل على الرغم من التهديدات، وستبدو الحماسة الإسرائيلية إزاء ولاية ترامب مجرد وَهْم.
- الأمر الثاني، وهو الأقل جدية، أن نكتشف أن التصريحات واستعدادات البيت الأبيض قادرة فعلاً على تحريك عودة المخطوفين حتى 20 كانون الثاني/ يناير، وهو موعد تسلُّم ترامب منصبَه، كما أعلن ترامب في مؤتمره الصحافي أمس.
- أمّا الأمر الثالث، وهو ترامبي في طبيعته، فهو اقتراح خدعة؛ أي صفقة جزئية، وبعد عودة قِسم من المخطوفين، نظل نتأمل عودةَ سائر المخطوفين مع استمرار الحرب. وهذه خدعة لأننا سنشعر بأننا حققنا تقدُماً ونفرح بعودة الأَسرى، لكن الوضع الأساسي لن يتغير، أي استمرار الحرب وبقاء سائر المخطوفين في الأنفاق.
- وأخيراً، الأمر الرابع أن يقوم ترامب بالضغط من وراء الكواليس على إسرائيل للموافقة على وقف كامل للحرب، بحيث يجري إعلان وقف إطلاق النار وكأنه موقت، لاعتبارات سياسية لها علاقة بنتنياهو، لكن هذا الإعلان سيكون عملياً مدخلاً إلى وقف كامل للحرب، وسيكون هذا هو السبب الحقيقي لموافقة "حماس" على إطلاق المخطوفين.
- كل هذه الأمور معقولة بشكل أو بآخر، لأن لدى ترامب توجهَين متعارضَين: الأول، تأييد واضح لإسرائيل وتهديد أعدائها مع وعود كبيرة على طريقة "Don’t" كبايدن. الثاني، هو أن ترامب لا يتوقف عن الحديث في سياق كلامه عن غزة وأوكرانيا، وعن أن هدفه هو وقف سفك الدماء الذي يذهب سدى، وأنه ينوي إنهاء الحربَين، طبعاً من دون إرسال جنود أميركيين إلى حروب غير ضرورية في العالم.
- وفي الواقع، وبسبب التناقض بين مواقفه، فمن الصعب التنبؤ بمواقف رئيس ستكون التطورات في الأيام الأولى لولايته غير متوقعة إلى هذا الحد. وعلى هذا النحو، يجب أيضاً أن نفهم تهديداته لكندا والدنمارك وبنما. ومن هنا، فإمّا أن نكتشف أنه يوجد في البيت الأبيض مفاوض ماهر ينجح بتهديداته اللفظية في تحقيق إنجازات اقتصادية للولايات المتحدة، وإمّا أن نكتشف أن الولايات المتحدة في ظل ترامب ستتبع خطى بوتين، وستسعى للتمدد إقليمياً بالقوة. وفي كل الأحوال، فإن إسرائيل، في كل ما له علاقة بالصفقة مع "حماس"، هي فقط ممثل ثانوي في مسرحية من صُنْع شخص آخر.