مبعوث ترامب أرغم نتنياهو على الموافقة على مخطط الصفقة التي رفضها مراراً
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- اتصل المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط في إدارة ترامب ستيفن ويتكوف، من قطر، مساء يوم السبت الماضي، بمقربين من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وأخبرهم أنه سيقوم بزيارة في ظهر اليوم التالي. المقربون من نتنياهو شرحوا له أنه يوم السبت، وأن نتنياهو سيُسعد بلقائه بعد انقضاء هذا اليوم. لكن جوابه الحاد فاجأ ديوان نتنياهو: لقد أوضح ويتكوف بإنكليزية واضحة ومبدعة أنه لا يهتم بما إذا كان اليوم هو السبت، أو غير السبت، قائلاً: لا يهمني بتاتاً. كانت الرسالة واضحة، وبشكل استثنائي، جرى التحضير لعقد اجتماع سياسي. فحضر نتنياهو إلى مكتبه يوم السبت في الساعة العاشرة صباحاً، واستقبل ويتكوف، قبل عودة هذا الأخير إلى قطر من أجل إنهاء الصفقة.
- كان هناك إشارات من القدس، قبل تنصيب ترامب بأسبوع، تدلل على أن التغيير في واشنطن هو ما غيّر قواعد اللعبة، وأخرج قاطرة الصفقة العالقة في الوحل. وبشكل استثنائي، منحت إدارة بايدن ويتكوف الإمكانات لقيادة الصفقة، بادّعاء أن التزامات الولايات المتحدة المتعلقة بالصفقة ستكون ضمن مسؤولية إدارة ترامب، وليس بايدن، وأنهم لا يريدون فرض أيّ شيء على إدارة ترامب. ويتكوف رجل أعمال في مجال العقارات، يهودي، ومقرب من ترامب - أي أنه ليس من النمط الذي يتولى هذه المناصب عادة. وبحسب مسؤول دبلوماسي كبير في إسرائيل، فإن "ويتكوف لا يتحدث كدبلوماسي، ولا علاقة له بكل القواعد الدبلوماسية. إنه رجل أعمال يسعى لعقد صفقة، ويندفع بعدوانية غير طبيعية".
- عملياً، ويتكوف أرغم إسرائيل على قبول خطة رفضها نتنياهو، المرة تلو الأُخرى، خلال العام الماضي. "حماس" لم تتزحزح عن موقفها، وما زال تحرير المخطوفين مرتبطاً بتحرير أسرى (وهو الجزء الأسهل)، وبانسحاب إسرائيل الكامل من غزة (هذا هو الجزء الأصعب). نتنياهو يرفض الجزء الثاني، ولذلك، تم اقتراح الصفقة الجزئية، بمبادرة مصرية. في البداية، كان الكلام عن صفقة إنسانية صغيرة، ورويداً رويداً، أُضيفت شروط أُخرى حوّلتها إلى مدخل لصفقة كبيرة، اتجاهها واضح: تحرير المخطوفين، وترتيبات إقليمية جديدة، وانسحاب كامل لإسرائيل. أمّا محور فيلادلفيا، الذي كان العائق الأساسي، فقد شُطب. وبطلب من مصر، ستنسحب إسرائيل منه كلياً في المرحلة الأولى.
- من الصعب معرفة ما إذا كان نتنياهو راضياً عن عدوانية إدارة ترامب التي تمنحه، أخيراً، تبريراً لقاعدته الجماهيرية، يقول من خلاله إنه دُفع إلى صفقة لا يريدها، وستقود إلى نهاية الحرب، وتقلبات سياسية محتملة. حالياً، تبثّ آلة الدعاية الخاصة به رواية، مفادها أنه لا يوجد خيار آخر، وأن ترامب هو السبب. على سبيل المثال، اليوم، بدأ يبرز خط جديد في "القناة 14"، وبحسبه، فإن ترامب ليس مثلما توقّعوه، أو حسبما قال يوتام زمري: "أنا أسمع جميع المسؤولين في الإدارة الأميركية يقولون إنه إذا لم تتم الصفقة، فإن "حماس" ستفهم معنى جهنم. وبالتالي، أنا لا أفهم المصلحة الإسرائيلية في عدم انتظار ترامب". فردّ عليه يانون ميغل: "لأن ترامب يضغط لتنفيذها". ويردّ زمري: "إذاً، فجميع ممثليه يكذبون، وهذا مخيّب للآمال". ليضيف ميغل: "يقول جهنم، ويرسل في الوقت نفسه المبعوث الخاص من أجل أن نوقّع صفقة. إسقاطات هذه الصفقة صعبة جداً. قال لي أحد الوزراء في الحكومة أنه يتوجب علينا أن نصلي لكي يزيد في قسوة قلب فرعون (بما معناه – ´حماس´)". أمّا يعقوب بردوغو، فقال صباح اليوم: "إن الضغوط التي تفعّلها علينا إدارة ترامب الآن لم تتوقعها إسرائيل، هذه الضغوط هي جوهر القضية".
- وعلى الرغم من ذلك، فإن الكرة لا تزال في ملعب نتنياهو، ولا يمكن التكهُّن بشأن ما سيقرره في اللحظة الأخيرة. يوم الأحد، دعا الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير من أجل إطلاعهما على المستجدات. بن غفير سيصوت ضد الصفقة، وسيحصل على أصوات شعبوية من مواطنين يسكنون في إسرائيل. أمّا سموتريتش، فعندما خرج من اللقاء بدا كأنه يفكر. ومَن تحدث معه في الأمس، تكوّن لديه انطباع أن الصفقة جيدة. اليوم، أعلن أنها كارثية، ولا يجب الموافقة عليها.
- لكن هناك شيئاً واحداً أساسياً ناقصاً في بيان سموتريتش: هل هو مبرر للانسحاب من الائتلاف؟ إذا انسحب من الائتلاف، فسيجرّ خلفه بن غفير، وستسقط الحكومة. وإذا عارض فقط، فستبدو معارضته غير مهمة فعلياً، ولا تتخطى أهميتها الوقت على الهواء خلال الحديث عنها في الإذاعات. هذا السؤال يندمج في سؤال آخر: هل يملك نتنياهو أصلاً إمكانات لتمرير الميزانية ودفع ائتلافه إلى الاستقرار، وخصوصاً أن لديه أيضاً قضية قانون التجنيد والصراع الحريدي الداخلي الأكثر راديكالية. يمكن أن يقرر نتنياهو أن حكومته ستسقط في جميع الأحوال، لذلك، من الأفضل أن يسقطها بسبب صفقة مدعومة شعبياً من الجمهور غير المؤيد لبن غفير، وليس بسبب نزوة الحاخامين من الحريديم المتطرفين.