الحكومة لا تنوي الوصول إلى المرحلة الثانية من صفقة الأسرى
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • لم تُوقَّع الصفقة بعد.  ولا يزال تأثير "اللحظة الأخيرة" يحوم فوقها. وحياة 30 مخطوفاً مهددة من رئيس حكومة من دون قلب، ومجرم مُدان يتولى منصب وزير الأمن القومي، ومحتال عديم الضمير يسمى وزير المال. وهؤلاء يعلقون آمالهم الآن على عضلات مجرم آخر غير واضح، نجح قبل دخوله إلى البيت الأبيض بأن يثبت (مرة أُخرى) أن بنيامين نتنياهو لا يفهم إلّا بالقوة. لقد هدد دونالد ترامب بفتح أبواب الجحيم إذا لم يتم التوصل إلى صفقة، على الرغم من أنه لم يُشِر إلى مَن يتوجه بالتهديد، فإن الطرف المهدَّد فهِم ذلك. المخطوفون وحدهم لم يتأثروا بالتهديد بجهنم لأنهم يعرفونها جيداً. ولم يبقَ لنا ولهم سوى أن ننتظر، وبرعب، اللحظة التي يخرجون فيها من الهاوية، وينظرون إلينا بعيونهم الميتة، قائلين: "أين كنتم حتى الآن؟".
  • إن وقت مراجعة الذات آتٍ، وسيتطلب إجابة عن سؤال مُلحّ واحد: كيف فشل الجمهور، ولم ينجح بقواه الذاتية، ولم تنجح جهوده في إخضاع الحكومة وفرض صفقة وقف إطلاق نار وإنقاذ المخطوفين عندما قدم الرئيس جو بايدن، قبل شهور طويلة، خطة مشابهة تقريباً للصفقة الحالية، وعندما كانت قائمة المخطوفين الأحياء أطول؟ لكن لكي تكون المراجعة الذاتية حقيقية، يجب أن ننظر جيداً إلى "الصفقة" المطروحة على الطاولة، وأن نفرك عيوننا بدهشة. ففي النهاية، وفي ضوء هذه الظروف، في الإمكان توقيع صفقة شاملة.
  • التفاصيل الكاملة ليست معروفة، لكن المبادىء معروفة. هذه الصفقة هي، قبل كل شيء، صفقة وقف لإطلاق النار "تهدئة". سيقوم خلالها الجيش الإسرائيلي "بإعادة انتشاره"، أي إنه سينسحب من محور نتساريم، ومن عدة أجزاء من محور فيلادلفيا، وفي إمكان سكان غزة العودة، "تحت الرقابة"، إلى شمال القطاع. وسيُطلَق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، كثيرون منهم من "العيار الثقيل"، وسيجري توسيع المساعدات الإنسانية، وفي اليوم السادس عشر لوقف إطلاق النار، ستبدأ مفاوضات المرحلة الثانية بشأن الصفقة، وإذا جرت الأمور بشكل جيد، فسيُطلق سراح كل المخطوفين، لكن هذا سيكون مرتبطاً بانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع.
  • عملياً، سيتحول الجيش الإسرائيلي خلال أيام وقف إطلاق النار إلى حامية، وسيكون عالقاً في مواقعه ونقاط تمركُزه، ولن يكون في إمكانه الاستمرار في "تدمير البنى التحتية"، وفي هدم المنازل، وتفجير "المواقع المشبوهة". وفي مثل هذا الوضع من التهدئة، يمكن أن يُقتل جنود بنيران مسلحين، أو عبوات ناسفة، وفي إمكان "حماس" الادعاء، وبحق، أنها لا تستطيع السيطرة على كل مَن يحمل السلاح في القطاع لأن الجيش الإسرائيلي دمّر كل بنى سيطرتها وقياداتها؛ على الأقل، هذا ما ورَد في قائمة الإنجازات التي حققها الجيش الإسرائيلي في الحرب.
  • إذا كانت الحكومة جدية في نيتها بشأن التوصل إلى صفقة كاملة من أجل تحرير كل المخطوفين حتى آخر واحد منهم، ومنع موت مزيد من الجنود ودفع الثمن، لماذا لم توافق على توقيع صفقة شاملة واحدة يجري تنفيذها دفعة واحدة، وليس على مراحل، في وقت يتضح أن نتائجها ستكون مشابهة لصفقة من مرحلتين؟ ولماذا لا تنقذ حياة مخطوفين يمكن أن يموتوا خلال المفاوضات بشأن إطلاقهم؟ ولماذا نخاطر بحياة جنودنا الذين ستكون مهمتهم الوحيدة الحضور في الميدان حتى انتهاء المفاوضات، بانتظار التعليمات بالانسحاب؟
  • الخلاصة المترتبة على هذا السؤال هي أن الحكومة لا تنوي الوصول إلى المرحلة الثانية من الصفقة، وأن مجرد وجود مرحلة ثانية يدل على نيات خبيثة. هذه الخلاصة تقودنا إلى ضرورة إنقاذ أكبر عدد ممكن من المخطوفين في المرحلة الأولى، كأنه لن يكون هناك مرحلة ثانية البتة. ويجب ألّا تخدعنا الأوهام.
  • إن التطلع إلى التمركز والاستقرار في غزة وحلم الاستيطان لم يختفيا، بل جرى تأجيلهما بضعة أسابيع. لقد أثبتت هذه الحكومة أن حياة الناس ليست أهم من أيّ اعتبار آخر، وبناءً على ذلك، فبعد تحرير 33 مخطوفاً، يجب الاستعداد لسيناريو استمرار حرب الإبادة في غزة. وأن تتحول حياة سائر المخطوفين إلى أضرار جانبية وهامشية، مقارنةً بحجم الرؤيا. هل سيبقى الجمهور أخرس؟ وبذلك، سيُضاف هذا الإخفاق أيضاً إلى صفحة المراجعة الذاتية.