أغلبية يهودية في الضفة الغربية هي التي ستنقذ الدولة
تاريخ المقال
المصدر
- في تموز/يوليو1939، عُقد في بازل المؤتمر الصهيوني السابع عشر، والذي طالب خلاله الحزب الصهيوني الإصلاحي، برئاسة زئيف جابوتنسكي، الكونغرس اليهودي بوضع صيغة صريحة لهدف الصهيونية، ألا وهو "إقامة دولة يهودية ذات أغلبية يهودية". لم يوافق مندوبو كتلة ماباي على صيغة جابوتنسكي، وحذّروا من أن إقامة دولة ذات أغلبية يهودية، يمكن أن تؤدي إلى تجدّد الأحداث الدموية في أرض إسرائيل. وعندما طُرح اقتراحهم على التصويت، نال أغلبية 121 صوتاً ضد 57 صوتاً. رداً على ذلك، قال جابوتنسكي إن "هذا ليس مؤتمراً صهيونياً"، ومزّق بطاقة عضويته، وغادر القاعة برفقة مندوبي حزبه.
- لقد جرت تسوية النقاش بشأن الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل، لكن النزاع بشأن الاستيطان في الضفة الغربية كان يقسّم المجتمع الإسرائيلي منذ سنوات. ومنذ "تحرير" المنطقة في حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967]، أصبحت المنطقة نقطة الخلاف الأساسية في المجتمع الإسرائيلي، وهدفاً للهجمات الدولية الهائلة.
- لقد غيّر هجوم 7 أكتوبر الرأي العام الإسرائيلي، لكن مع الأسف الشديد، لم يغيّر الرأي العام الدولي. فلم تتوقف إدارة بايدن، المنتهية ولايتها، عن المطالبة "بوقف الاستيطان"، وطرحت "حلّ الدولتين" كحلّ وحيد للنزاع هنا. وتحوّل الموضوع إلى شرط وضعته السعودية من أجل التطبيع مع إسرائيل.
- يبلغ عدد الناس الذين يسكنون في المستوطنات في الضفة الغربية اليوم نصف مليون نسمة، لكن التباهي بالعدد ليس في مكانه. لقد بلغ النموّ السكاني في الماضي في الضفة الغربية نحو 10% في السنة، لكنه اليوم قريب من معدل الزيادة الطبيعية. قبل 13 عاماً، نشرت على هذه الصفحات مقالاً بعنوان "رؤيا المليون"، الشعار الذي تبنّاه رؤساء المستوطنات، لكن هذا لا يكفي اليوم من أجل التوصل إلى الحسم. إن تراكُم الأحداث في الفترة المقبلة يعطي فرصة من أجل الدفع قدماً بتغيير حقيقي، بشرط حدوث تغيير عميق في الوعي.
- لقد وضع الشعب اليهودي بين أيدينا هذه الأرض الغالية، قلب إسرائيل. ويتعين علينا تعزيز سيطرة دولة إسرائيل على الأرض بصورة تزيل من جدول الأعمال القومي والدولي احتمال التخلي عن الضفة الغربية. ولا يمكن تحقيق هذا التحدي إلّا عن طريق خلق أغلبية يهودية.
- إن أراضي الأمة لا تقدَّر بثمن، وهي الاحتياطي الأساسي للتقدم الحضري والديموغرافي للشعب اليهودي في العقود المقبلة. ويجب على إسرائيل أن تقيم في أراضي الضفة مدناً كبيرة، مع مئات الآلاف من السكان، وهذه المراكز السكانية سيرافقها مراكز للتوظيف، مثل مراكز الهاي – تك (تقام في المناطق الصناعية الكبيرة، وفي الضفة الغربية بصورة أساسية، شركات يديرها إسرائيليون، وتوظف فلسطينيين).
- لاحقاً، ستخضع مناطق الضفة الغربية لمراجعة تخطيطية، حيث ستتحول المجالس المحلية إلى مدن مزدهرة، وسيزدهر البناء. وسيجري إلغاء الطرقات الداخلية المتعرجة والضيقة، وستُستبدل بطرقات ذات اتجاه واحد. ويجب توسيع عمل بيليا ألبيك[1] في الثمانينيات، والقيام بتسجيل الأراضي الوعرة على نحو يؤدي إلى زيادة أراضي الدولة بثلاثة أضعاف في الضفة الغربية، ويسمح باسترداد الأراضي على نطاق واسع. وتوقيع بتمويل من الدولة سيغيّر مخططات الطرقات والمواصلات، بما في ذلك النقل العام. ويجب تغيير تخطيط البنى التحتية، ومنع فتح طريق من أجل خدمة حاجات السكان الموجودين فقط. إن دولة إسرائيل هي التي يجب أن تخطط وتبني البنية التحتية لملايين الوافدين الجدد، وهي التي من شأنها أن تقرّب المدن الكبرى من وسط إسرائيل، وسنقوم بتوطين مختلف أسباط شعب إسرائيل في هذه المدن.
- إن الضغط على إسرائيل ناجم عن التردد السياسي، وعن الاعتقاد أن المستوطنات في الضفة الغربية هي انقلاب. يصرّح سياسيون إسرائيليون بأن السكان في الضفة الغربية، في أغلبيتهم، يتمركزون في الكتل الاستيطانية، وفي عُمق الأراضي، هناك عشرات الآلاف من اليهود الذين من الممكن اقتلاعهم، مثلما فعل أريئيل شارون عندما طرد الآلاف من سكان "غوش قطيف" في أقل من عشرة أيام.
- عندما يدرك العالم أن الجدل الداخلي في إسرائيل انتهى، وأن سكان الضفة الغربية ستصبح أغلبيتهم يهودية، ستغدو فكرة اقتلاعنا مستحيلة، من الآن فصاعداً. حينها، سيتبدد الضغط الدولي إزاء الوقائع التي لا عودة عنها.
- إن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية لن يغيّر التوجه، هو خطوة مهمة جداً على صعيد الوعي، لكنها غير كافية. لقد فرضت إسرائيل سيادتها على القدس الشرقية في سنة 1967، وهذا لم يردع رؤساء حكومات، من رابين، وصولاً إلى أولمرت، من إجراء مفاوضات بشأن تقسيم القدس.
- أيضاً، "خطة الحسم" لبتسلئيل سموتريتش، وكذلك "خطة التهدئة" لنفتالي بينت (التي تعتمد على خطة أرض إسرائيل الكبرى التي نشرتُها مع حنان بورات وأوري أليستور[2]) لم تغيّر التوجه العام الشعبي في البلد، وفي العالم، على الرغم من أننا تعهدنا تقديم حلول عادلة للسكان العرب في الضفة الغربية.
- التغيّرات التي أحدثها سموتريتش في إدارة المستوطنات، وفي الإدارة المدنية، والجو السياسي المتوقع، بعد دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أمور كلها قد تسمح بالسعي الإسرائيلي نحو تحقيق أغلبية يهودية. إذا خططنا بصورة جيدة، وإذا عملنا معاً على تحقيق ذلك، فسنحقق الأغلبية التي ستغيّر الصورة بشكل كامل. لقد أدرك جابوتنسكي قبل مئة عام أن الأغلبية اليهودية هي فقط التي ستؤدي إلى الحسم. وهذه الأغلبية اليهودية هي مهمة قومية ضرورية.
__________
[1] بيليا سارة ألبيك (1938-2005)، عملت مدة 24 عاماً في الدائرة المدنية في مكتب المدعي العام للدولة، وتعاملت مع تسوية الأراضي في النقب، وفي الجليل، خلال حكومات الليكود، وتعاملت بصورة خاصة مع الوضع القانوني للمستوطنات، وهي التي ساهمت في تحديد الأراضي على أنها أراضي للدولة، وفقاً للقانون العثماني لسنة 1858.
[2] حنان بورات (1943-2011)، من أقطاب زعماء المستوطنين في الضفة الغربية وعضو كنيست عن الحزب الديني القومي؛ أوري أليتسور، شغل منصب مدير عام مجلس يهودا والسامرة، وكان مديراً لمكتب نتنياهو، وكان مع فكرة منح الفلسطينيين في الضفة الغربية امتيازات المواطنة.