هذا هو الاجتماع الذي كان نتنياهو ينتظره، والذي سيشكل إرثه
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • بصفتي شخصاً أعدّ عشرات، لا بل مئات اجتماعات وزراء الخارجية مع نظرائهم في فترات دراماتيكية، يمكنني القول، بثقة، إنه لم يسبق لي أن شهدت اجتماعاً دراماتيكياً إلى هذا الحد بين رئيس حكومة إسرائيلي ورئيس أميركي. من المفترض أن يؤدي هذا الاجتماع إلى ولادة شرق أوسط مختلف، شرق أوسط جديد.
  • سيحظى نتنياهو بكل الحفاوة التي يحظى بها أول زعيم دولة أجنبية يزور واشنطن، وسيحلّ ضيفاً على "بلير هاوس"، وهذا الاستقبال مختلف تماماً عن الاستقبال الذي حظيَ به من الرئيس السابق جو بايدن. ومرة أُخرى، فإن الصورة في العالم ستكون "الطريق إلى واشنطن تمرّ في القدس". ومع ذلك، لن يكون هناك توافُق في الآراء بين الطرفين بشأن كل الموضوعات التي سيجري بحثها.

غزة

  • سيُعقد الاجتماع يوم الثلاثاء، بالتزامن مع بدء المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من صفقة الأسرى. هناك 3 موضوعات يكررها ترامب وموفدوه، بدءاً من ويتكوف، وانتهاءً بوزير الخارجية مارك روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز، ومن الضروري أن نصغي إليها:
  1. الأميركيون مصرون على استكمال صفقة الأسرى حتى آخر مخطوف، وسيبذلون كل جهد من أجل إتمامها. رأينا في الأسبوع الماضي الموفد الأميركي ويتكوف يعانق سموتريتش الذي كان محظوراً لوقت طويل في واشنطن. كل ذلك من أجل تمرير رسالة أميركية بشأن مدى تقدير واشنطن لتأييد وزير المال لاستكمال الصفقة. الدلالة العملية المباشرة هي أن الحرب، بشكلها الحالي، انتهت. لكن، و"لكن" هنا مهمة جداً، من الواضح للأميركيين أنه لا يمكن أن تبقى "حماس" في السلطة. ويكرر موفدو ترامب هذه الفكرة مرات ومرات.
  2. على نتنياهو التأكد من أن إعمار غزة شرطه عدم بقاء "حماس" في السلطة ونزع سلاحها، حتى لو كان المقصود عملية عسكرية أُخرى قبل إعادة الإعمار. و"على نطاق صغير"، يمكن اعتبار النموذج الذي بدأ العمل به في معبر رفح، بمشاركة عناصر من السلطة الفلسطينية وجهات أوروبية وأميركية، النموذج المطلوب. وفي الواقع، المقصود "خدعة غزة"، لأن نتنياهو وعد بألّا تحلّ السلطة الفلسطينية محلّ "حماس"، لكن هذا ما يجري عملياً.
  3. يكرر ترامب رغبته في نقل قسم من الغزّيين إلى دول عربية وإسلامية. لقد كرر ذلك عدة مرات، وهو ما دفع بوزراء الخارجية العرب إلى الإسراع في إصدار بيان موحد بشأن عدم موافقتهم على ذلك. ترامب الذي يدخل إلى البيت الأبيض مع هراوة كبيرة جداً، يملك عدداً من أدوات الضغط التي تضمن حدوث هذا الأمر. والمثال لذلك من بين العديد من الأمثلة، هو المساعدة الخارجية الهائلة التي تحصل عليها مصر من الولايات المتحدة، وهي الثانية من حيث الحجم، بعد إسرائيل، والتي تقدَّر بـ1.3 مليار دولار، تُنفَق، في أغلبيتها، على بناء الجيش المصري.
  • وقّع ترامب مرسوماً رئاسياً بوقف كل المساعدات الخارجية مدة 90 يوماً من أجل مراجعتها، باستثناء دولتين، هما إسرائيل، ومصر بسبب دورها في التوسط في الصفقة. ما يتوجب على مصر أن تفعله هو ما كانت تفعله حتى الآن، أن تفتح بابها في مقابل 5000 دولار عن كل غزّي. أيضاً هناك وسائل ضغط كبيرة على السعودية. وفي مقابل التطبيع مع إسرائيل، تطالب السعودية بنشوء دولة فلسطينية في المستقبل. ستضطر هي أيضاً إلى تقديم مقابل للسلام مع إسرائيل والاستثمارات الكبرى المخطط لها في الولايات المتحدة (لقد تحدثوا عن 600 مليار دولار، وأعتقد أن هذا المبلغ سيزداد).

السعودية

  • هذا يؤدي إلى موضوع يريده ترامب كثيراً، وهو توسيع "اتفاقات أبراهام"، واتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل. وهذا سيضمن حصوله على جائزة نوبل للسلام، التي يرى أنه كان يستحقها منذ ولايته الأولى. هذه هي المرحلة المقبلة التي ستسير في موازاة إعادة إعمار غزة. سيضطر نتنياهو إلى قبول أشياء كثيرة لا يرغب فيها، لكن السعودية أيضاً ستضطر إلى إبداء مرونة حيال إعادة إعمار غزة ونقل لاجئين من القطاع. أعلم أنه يجري العمل على تجارب يمكن "التعايش" معها، لكن من المهم إدراج فكرة ترامب بشأن إخراج الغزيّين.

إيران

  • هي التحدي الأكبر، ومن المحتمل وجود فجوة بين موقفَي الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن القضاء على المشروع النووي الإيراني. يصل نتنياهو إلى الاجتماع في وقت وجود إيران في أدنى مستوياتها على صعيد النظام الإيراني، جرّاء هزيمة "الأذرع"، بدءاً من سقوط بشار الأسد، واعتراض قسم كبير من منظومة دفاعاتها الجوية، وعدم شرعية النظام الإيراني في أوروبا بسبب تأييده لروسيا. يمكن القول إن الوقت لم يكن ملائماً، مثلما هو عليه الآن، من أجل القيام بهجوم مشترك ضد المشروع النووي الإيراني. ومع ذلك، أعلن ترامب أنه جاء لإنهاء الحروب، لا ليفتح حروباً جديدة. هو سيوافق على تسليح إسرائيل عسكرياً، وسيستخدم" الضغط الأقصى"، وسيفرض عقوبات ثقيلة، وسيعمل على تطبيقها، وأيضاً سيعمل على إيجاد تهديد عسكري موثوق به. هذا كله لم يكن موجوداً خلال ولاية بايدن، لكن ترامب لا ينوي الانضمام إلى هجوم مشترك ضد إيران. والتحدي الذي سيواجهه رئيس الحكومة هو إقناع الرئيس بأن الطريق إلى الرياض تمرّ عبر طهران. حتى لو بدأ ترامب بإجراء مفاوضات مع الإيرانيين، فيجب أن تكون محدودة من حيث الوقت.

لبنان وسورية

  • يموّل الأميركيون الجيش اللبناني، بما في ذلك دفع الرواتب، من هنا، يملكون أداة ضغط كبيرة عليه. والضربة القاسية التي لحقت بحزب الله سمحت بانتخاب رئيس للجمهورية واختيار رئيس حكومة، وهذه العملية لم تكن متاحة خلال العامين الأخيرين. وأيضاً في أعقاب التفاهمات مع الأميركيين، من المهم أن تحتفظ إسرائيل بحُرية عمل كاملة في لبنان من أجل منع تمركُز حزب الله، وتأمين الغطاء الكامل للوجود الإسرائيلي في سورية، حتى اتضاح صورة الوضع.

موضوعات أُخرى

  • ساحة الأمم المتحدة: هنا تحظى إسرائيل بدعم كامل من الإدارة الأميركية، من قرار حظر الأونروا، حتى استخدام الضغط الكبير على المحكمة في لاهاي. السفيرة الأميركية إليز ستيفانيك تشكل قوة مهمة في هذا الدعم والتغيير المطلوب. وهنا سيضطر نتنياهو إلى تجنيد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين، لأن القرار الأخير الذي أقرّته أغلبية الحزبين في مجلس النواب، منعه مجلس الشيوخ، ولم يؤيده سوى سيناتور ديمقراطي واحد، هو جون بيترمان.
  • إن خطة المساعدة العسكرية لإسرائيل التي كانت مدتها عشرة أعوام، وجرى توقيعها خلال ولاية أوباما، والتي تحصل إسرائيل بموجبها على 3.8 مليار دولار سنوياً (عملياً، أكثر من ذلك) من أجل شراء سلاح أميركي، من المفترض أن تنتهي في سنة 2028. ومن المنتظر توقيع الاتفاق الجديد في سنة 2026. طبعاً، في ضوء الموضوعات المُلحة الأُخرى، من الممكن تأجيل البحث في هذا الموضوع، لكن في ضوء عدم رغبة الرئيس في تقديم مساعدة خارجية كبيرة، يتعين على رئيس الحكومة البدء بإشراكه في هذه المسألة.
  • أمّا بشأن كل ما له علاقة بمحاربة العداء للسامية في الولايات المتحدة، يجب علينا أن نشكر ترامب على تحرُّكه الحازم وطرد الطلاب المؤيدين لـ"حماس" من الجامعات من حمَلة التأشيرات الطلابية.
  • في الختام، يصل رئيس الحكومة نتنياهو مع سلة كاملة إلى لقاء أحد أكثر الرؤساء تعاطفاً مع إسرائيل.  كل الموضوعات مرتبطة ببعضها البعض وهناك إمكانات كبيرة لبناء شرق أوسط جديد مع أمير العقارات دونالد ترامب.