ترامب قام بخطوة مزدوجة على طريق الهدف ذاته
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- خلال نهاية الأسبوع، كان هناك تفاؤل في أوساط الوفد الإسرائيلي المفاوض. لم يعلم أعضاء الوفد المفاوض بما يخطط ترامب لقوله لنتنياهو في المكتب البيضاوي، لكنهم شعروا في اللحظة الأخيرة بأن الأميركيين فهموا المبدأ: المطلوب خطوة كبيرة، كبيرة جداً، لإزالة العوائق من الطريق، ليس فقط من أجل شركاء نتنياهو في الائتلاف، بل من أجل نتنياهو نفسه أيضاً.
- وفعلاً، حافظ ترامب على المفاجأة حتى اللحظة الأخيرة - لحظة المؤتمر الصحافي المشترك، قبالة الكاميرات. وكانت المفاجأة ثلاثية: ترامب يتحدث عن جميع السكان في غزة، وعن نقلهم من دون عودة، وليس فقط حتى انتهاء إعادة الإعمار، ويصرّح بأن الولايات المتحدة نفسها تنوي السيطرة على المنطقة.
- إن مجرد التصريح يُعتبر حدثاً دبلوماسياً مهماً: عملياً، ترامب يتبنى كلياً الرؤية القائلة إن الفلسطينيين ليسوا شعباً لديه الحق في تقرير المصير والمطالبة بدولة، بل عبارة عن أفراد يجب إيجاد حلّ لهم في المجال العقاري. فهو لا يقترح حتى نقلهم إلى مكان واحد، بل توزيعهم على عشرات الأماكن المختلفة.
- وعلى الرغم من ذلك، فإن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن ترامب ينوي الذهاب في اتجاه آخر - التطبيع واتفاقيات السلام. لا يجب أخذ تصريحه بشأن تخلّيه عن الحصول على جائزة نوبل على محمل الجد، فهو يعلم بأن إسرائيل لا تستطيع أن تعرض على الفلسطينيين أيّ حلّ بعد السابع من أكتوبر، ولذلك، يضع الآن تهديداً دراماتيكياً - يستطيع هو نفسه استغلاله في المفاوضات.
- عملياً، ما يحدث هو نسخ ولصق [Copy Paste] لِما حدث سابقاً: نسخة ثانية من اتفاقات أبراهام. تذكّرنا خطوة ترامب بما حدث قبل اتفاقات أبراهام - حينها، أدخلوا إلى المفاوضات موضوع الضم، ثم أخرجوه، إرضاءً للدول الخليجية، من دون أن يتوجب على إسرائيل دفع ثمن إضافي في المجال الفلسطيني. وهنا أيضاً، يمكن أن تُستعمل فكرة تفريغ غزة من سكانها، كبش فداء آخر، يستطيع ترامب المتاجرة بها، وخصوصاً إذا واجهت هذه الخطوة أيّ مصاعب.
انتصار أم تمويه؟
- يمكن أن تشكل صور الغزيين، وهم يتركون القطاع، لحظة انتصار في عيون كثيرين، لكن هناك مَن يتخوف من أن تكون مجرد عملية تمويه. فحتى بعد لقاء نتنياهو - ترامب، لا يزال هناك خلافات واضحة بشأن تنفيذ المرحلة الثانية، وبحسب ترامب، فإن "الوفود لا تزال تعمل".
- لا تزال إسرائيل تطالب بتفكيك "حماس" فوراً، لكن ترامب لا يستعجل الاستمرار في القتال. حتى إنه قال خلال اللقاء: "حتى الجنود، لا يريدون الذهاب إلى هذا المكان المدمر". هذا بالإضافة إلى قضية تحرير الأسرى التي تُعد قضية خلافية، إذ يمكن أن تتضمن الصفقة تحرير آلاف "المخربين" - وهو خط أحمر بالنسبة إلى سموتريتش وبن غفير. وبكلمات أُخرى: من أجل استكمال صفقة التبادل التي يصرّح ترامب بأنه ينوي المضيّ بها، سيكون على نتنياهو الدفع "نقداً" لقاء ذلك - فمن غير الواضح حتى الآن ما سيتم تطبيقه منها.
- حتى داخل الائتلاف الإسرائيلي، ليس الكل مقتنع بأنه يمكن تطبيق الخطة كاملة. وهو نفسه يعمل على خطة تسمح للغزيين بالخروج بصورة محددة، لكنهم يقدّرون أن الأعداد ستكون قليلة جداً. ويجب التذكير بأن بن غفير صرّح بأنه لاحظ مؤخراً أن نتنياهو بات أكثر تقبّلاً للفكرة.
- ما هي تداعيات هذا كله على الساحة السياسية؟ بن غفير سارع إلى الخروج والتصريح لوسائل الإعلام بأنه جاهز للعودة إلى الحكومة، إذا تم تطبيق خطة ترامب. وقال "لم أقم بشراء البدلات بعد، لكن إذا قام نتنياهو بتنفيذ هذه الخطة، فسأكون معه حتى النهاية". وأضاف أنه "أصلاً، توجد خطط يمكن تطبيقها".
- وهذا له معنى مزدوج أيضاً: أولاً، بن غفير لم يقتنع بعد بأن الأقوال ستتحول إلى أفعال. وثانياً، يفهم أن أفق بقاء هذه الحكومة عامَين إضافيَّين - ولا ينوي تمرير هذا الوقت في المعارضة. سموتريتش وستروك وبقية نواب حزبه، لن يسارعوا إلى تفكيك حكومة اليمين مع رئيس كهذا في البيت الأبيض، حتى لو توجب عليهم دفع أثمان ثقيلة.