خطة ترامب أكثر من منطقية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سكان غزة إلى دول أُخرى صدم العالم العربي، وجرّ خلفه، مثلما هو متوقَّع- معارضة جارفة. للوهلة الأولى، تبدو هذه الخطة غريبة، وحتى إنها واهمة، في أوساط عدد كبير من الجهات الدولية، لكن، في حال فحصها موضوعياً، ومن دون أيّ أحكام مسبقة، تبدو أكثر من منطقية.
  • تخيلوا لو جاء مخلوق فضائي متعلم إلى كوكب الأرض من مجرّة أُخرى، وطرحوا عليه "حلّ الدولتين"، لكان هذا المخلوق الفضائي، الذي يشغل منصب وزير خارجية في دولته، سيتفاجأ ويسأل: أين المنطق في حشر نحو 15 مليون شخص يهودي وفلسطيني داخل حزام ضيق بين البحر ونهر الأردن، وأكثر من ذلك، تريدون تقسيم المنطقة إلى دولتين؟ فإذا نظرنا شرقاً، فسنرى الأردن، دولة معظم أراضيها صحراوية غير آهلة؛ وإذا نظرنا جنوباً، فسنجد غرب سيناء، صحراء أكبر من مساحة دولة إسرائيل بثلاثة أضعاف، ويعيش فيها 600 ألف شخص فقط؛ أمّا جنوب إيلات، فتوجد أراض صحراوية واسعة، اسمها السعودية. وسيسأل الفضائي: لماذا أنتم البشر مهووسون بحلّ الدولتين، ولا تدّعون فقط أنه الحل الأفضل، بل تدّعون أيضاً أنه الحل الوحيد ؟

الافتراضات الأساسية التي لم يُبحث فيها

  • يستند "حلّ الدولتين" إلى 4 افتراضات تم تبنّيها قبل نحو 32 عاماً، من دون بحث. ولم يتمكن أيّ شخص، حتى الآن،  من إثبات أن هذه الافتراضات الأربعة يجب أن تكون مسلّمات لا تقبل الجدل. وهذه الافتراضات هي: سيكون حلّ الصراع جغرافياً داخل المنطقة الضيقة بين النهر والبحر؛ يجب أن يتضمن الحل دولة فلسطينية مستقلة؛ يجب أن تكون الضفة الغربية وغزة جزأين في هذه الدولة، والحدود بين إسرائيل وفلسطين ستستند إلى حدود سنة 1967 (مع تغييرات بسيطة).
  • كلّ محاولات حلّ الصراع، استناداً إلى هذه الخطة، فشلت، وآن الأوان لإجراء تقدير جديد عن حلول لا تقبل هذه الافتراضات كمسلّمات.
  • إن خطة ترامب منطقية، إذا أخذنا بعين الاعتبار ثلاثة أمور:
  • أولاً، يجب فهم الأرقام. إن شبه جزيرة سيناء أكبر من غزة بـ167 ضعفاً. وعدد سكان هذه المنطقة هو ثلث عدد سكان غزة. وبكلمات أُخرى: الكثافة السكانية في غزة هي 500 ضعف الكثافة السكانية في سيناء. وإذا كان العالم يريد، فعلاً، مساعدة الغزيين المساكين، فما يقوله ترامب هو التوجه الصحيح.
  • ثانياً، إن75% من سكان غزة لديهم بطاقة لاجئ من الأمم المتحدة. وبكلمات أُخرى، هم يدّعون أنهم يعيشون في قطاع غزة بشكل موقت، وهو ما يتناقض مع الادّعاء الآخر للفلسطينيين، الذي يقول إن هذه الأراضي أراضيهم، وأنهم لن يتركونها قط. إذاً، آن الأوان لأن يقرروا مَن هم- فلسطينيون يريدون الانتقال إلى مكان آخر، أم أشخاص صامدون في أرضهم.
  • وثالثاً، خلال الحرب في أوكرانيا، نزح من الدولة أكثر من مليونَي مدني، وانتقلوا (موقتاً على الأقل) للسكن في بولندا ومولدوفا، حيث تم استقبالهم بحفاوة. لماذا ما يبدو منطقياً إلى هذه الدرجة في أوروبا، غير منطقي في الشرق الأوسط ؟
  • وفي الختام، خلال الحربين العالميتَين، نزح عشرات الملايين داخل أوروبا، وانتقلوا للسكن بشكل دائم في دول أُخرى. هذه نتيجة طبيعية للحرب. وأكثر من ذلك، النتيجة الطبيعية للحرب هي حين يقوم طرف باحتلال أراضي دولة أُخرى، وهذا ما كان يتوجب على إسرائيل القيام به في شمال قطاع غزة من محور نتساريم شمالاً. لقد قسّمنا المنطقة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وخسارة، أننا لم نفعل الصواب.
  • وملاحظة أخيرة مرتبطة بشمال القطاع اليوم. "حماس" تشجع مئات آلاف الأشخاص على التحرك شمالاً، إلى مدينة غزة ومحيطها. وفي هذه المنطقة، لا يوجد خيام، ولا بنى تحتية للماء، بعكس المواصي. والآن، هناك أصوات تطالب بمنح هؤلاء المساكين خياماً وكرافانات، وإدخال الجرافات من أجل ترميم الدمار. ممنوع على إسرائيل قبول هذا. الحرب لم تنتهِ بعد، وإلى أن تتم إعادة المخطوفين، ممنوع أن نقدم أيّ مساعدات كهذه، إنها ورقة الضغط الوحيدة التي تبقّت لنا.
 

المزيد ضمن العدد