إلى متى ستبقى إسرائيل في النقاط الخمس على الحدود مع لبنان؟
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • استكملت إسرائيل، في الأمس، انسحابها من الجنوب اللبناني، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، الموقّع في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، لكنها تواصل الاحتفاظ بخمس نقاط استراتيجية ضمن منطقة محدودة على طول الحدود. إن قرار إسرائيل بشأن الاحتفاظ بهذه النقاط الموجودة في مناطق مُشرفة [على المناطق اللبنانية]، وقريبة من المستوطنات الإسرائيلية، ناجم عن التقدير أن الجيش اللبناني سيواجه صعوبات، على الأقل في الفترة المقبلة، في الانتشار بصورة كاملة في المنطقة كلها، وفي التصدي لمساعي حزب الله لترميم قواته في الجنوب اللبناني، وفق ما نصّ عليه الاتفاق؛ بالإضافة إلى الميزة التي  يقدّمها هذا الوجود في هذه النقاط الاستراتيجية بشأن تلبية الحاجات الاستخباراتية والنشاط العملاني المطلوب من أجل حماية المستوطنات المتاخمة للحدود؛ والحاجة إلى تعزيز الشعور بالأمان للسكان الذين نزحوا عن منازلهم، من أجل العودة إليها.
  • يطالب حزب الله، وبقوة، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني بالكامل، ويهدد بأنه إذا لم يحدث ذلك، فسيتحرك من دون أن يقول كيف (هذا ما جاء في الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم). كما يولي الحزب استكمال الانسحاب أهمية كبيرة، الأمر الذي سيساعده على تأكيد مزاعمه بشأن تحقيق انتصاره في الحرب، والذي من المتوقع أن يعلنه خلال التشييع الضخم الذي ينوي إقامته لنصر الله في 23 شباط/فبراير.
  • تعارض القيادة الجديدة في لبنان، هي أيضاً، استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في النقاط الخمس، وترى أن هذا الوجود يشكل استمراراً للاحتلال، ويمسّ بالسيادة اللبنانية، ويشكل خرقاً للاتفاق، لكن يبدو أنها قبلت الأمر على مضض، في ضوء الدعم الأميركي لإسرائيل. وهي لا تستطيع سوى الانضمام إلى موقف حزب الله، على الرغم من مصلحتها في منع تمركُز حزب الله في الجنوب اللبناني من جديد، ورغبتها في تحقيق رؤيتها، عبر نزع سلاح الحزب وإلغاء وجوده كميليشيات مستقلة، حسبما لمّحت الخطوط الأساسية للحكومة الجديدة (17 شباط/فبراير). وفي أيّ حال، فإن رئيسَي الجمهورية والحكومة في لبنان أوضحا أنهما سيواصلان العمل من أجل تحقيق الانسحاب الكامل "بالوسائل الدبلوماسية".
  • في ضوء هذا، من المتوقع أن تتعرض إسرائيل، منذ الآن، لضغوط سياسية مستمرة، سواء من الجانب اللبناني، أو من أطراف دولية، من أجل الانسحاب من النقاط الخمس التي أقامتها، وبأسرع وقت.  ومن المتوقع أن تتحول المسألة إلى موضوع خلافي بين إسرائيل والقيادة اللبنانية التي تحظى بتأييد فرنسا التي، هي أيضاً، عضو في لجنة مراقبة الاتفاق. ومن المحتمل أن يستغل حزب الله استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي لإثبات عجز الجيش اللبناني في مواجهة إسرائيل، واستخدامه كذريعة للتمسك بموقفه، كميليشيات مستقلة، وكونه المدافع الحقيقي عن لبنان، وبمرور الوقت، يمكن أن تتحول القوات الإسرائيلية المتواجدة في هذه النقاط إلى أهداف للهجمات.
  • في مثل هذه الظروف، إذ تقضي مصلحة إسرائيل بالاستمرار في إضعاف حزب الله، وصولاً إلى نزع سلاحه وتعزيز الدولة اللبنانية تحت قيادتها الجديدة، يتعيّن على إسرائيل السعي لتقصير فترة سيطرتها على النقاط الخمس، ونشر قوات الجيش الإسرائيلي على طول الخط الأزرق في أقرب وقت ممكن.  كذلك، يتعيّن على إسرائيل أن توضح، منذ الآن، أن وجودها في هذه النقاط موقت، وأنها ستنسحب منها عندما ينجح الجيش اللبناني في الانتشار في كل المنطقة، وفي إثبات قدرته على مواجهة التحدي الذي يشكّله حزب الله. إن الخروج الإسرائيلي من لبنان قد يعزز تأييد الولايات المتحدة وآخرين لاستمرار عمليات الجيش الإسرائيلي ضد الخروقات والتهديدات من طرف حزب الله، وفق ما يسمح به الاتفاق، وخصوصاً في الحالات التي لا يعالجها الجيش اللبناني.
 

المزيد ضمن العدد