شيرين أبو عاقلة تحولت إلى رمز خلال زيارة جو بايدن إلى بيت لحم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بالنسبة إلى الزعامة الفلسطينية، كل زيارة لرئيس أميركي إلى الشرق الأوسط في العقدين الأخيرين كانت تثير بصيصاً من الأمل، وخصوصاً إذا تضمنت زيارة إلى رام الله وبيت لحم. بالنسبة إلى الرأي العام الفلسطيني، لا يتغير شيء إذا كان الرئيس الأميركي ديمقراطياً أو جمهورياً. فكل زيارة من هذا النوع ترمز إلى بدء تحريك عملية سياسية، حتى ولو كانت محدودة الحجم.
  • زيارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن هي زيارة استثنائية. زيارة رئيس لديه خبرة غنية بالساحة الفلسطينية وكان نائباً للرئيس باراك أوباما، وشكّل مجيئه نهاية إدارة أميركية هي الأسوأ في العقود الأخيرة بالنسبة إلى الفلسطينيين، ومع ذلك، فقد اعتُبرت حدثاً لا ينطوي على أهمية سياسية كبيرة، ولا يحمل رؤية أو أملاً بالتغيير، وذلك في ضوء خيبة الأمل بإدارة بايدن.
  • في بداية ولاية بايدن كانت الأمور تبدو مختلفة. فقد سارع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى تهنئة الرئيس الأميركي لدى استلامه منصبه، وأعلن استئناف العلاقة بالإدارة الأميركية بعد قطيعة دامت 4 أعوام. وفي البداية حظيت المحادثات المباشرة مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن بالثناء. "لم أسمع قط وزير خارجية أميركي يتحدث بهذه الطريقة"، قال عنه مسؤول فلسطيني رفيع المستوى. ووصلت إلى رام الله تلميحات من الحزب الديمقراطي إلى حدوث تغيير مهم في الأفق وكلام عن الدفع قدماً بحل الدولتين في عدة مناسبات. لكن مرت أسابيع وأشهر والآمال أخذت تتبدد.
  • مؤخراً، عبّرت مصادر فلسطينية في أحاديث مغلقة عن خيبة أملها حيال عدم استجابة الإدارة الأميركية لمحاولات إعادة منظومة العلاقات إلى الأيام التي سبقت رئاسة دونالد ترامب والدفع قدماً بخطوات بانية للثقة. كما أمِل الجانب الفلسطيني بالدفع قدماً بفتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وفتح مكاتب منظمة التحرير في واشنطن، وبمساعدة اقتصادية مباشرة. وحتى الآن لم يحدث شيء من كل هذا.
  • نتائج التحقيق في مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، والتي نُشرت قبل أسبوعين، ورفضُ الإدارة تقديم جواب قاطع بشأن ظروف وفاتها اعتُبر ضربة إضافية. "إذا كانت الإدارة الأميركية لم تنجح في تقديم جواب مقنع في قضية تتعلق بمواطنة أميركية، فكيف يمكن أن نتوقع عملية سياسية مهمة؟" قال مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، وأشار إلى كلام بايدن لدى وصوله إلى مطار بن غوريون، قائلاً: "عندما يعلن رئيس أميركي أنه صهيوني، ماذا تنتظر منه؟"
  • من المنتظر أن يُستقبل بايدن في بيت لحم اليوم بالابتسامات، حتى ولو كانت رسمية جداً. ومن المتوقع أن يكون لقاؤه مع أبو مازن قصيراً نسبياً، وفي نهايته سيُدلي الطرفان ببيان. وحتى مساء أمس لم ينجح الطرفان في التوصل إلى اتفاقات بشأن صيغة البيان. فقد رفض الجانب الفلسطيني تأييد التطبيع بين إسرائيل ودول المنطقة، في الأساس السعودية، من دون الحصول على مقابل سياسي، ورفض الفلسطينيون الاكتفاء بتسهيلات اقتصادية ومساعدات محدودة. بناءً على ذلك، من المتوقع أن يُصدر الطرفان بيانين منفردين.
  • التصريحات التي صدرت عن بايدن بشأن استعداده لحل الدولتين اعتبرها الجانب الفلسطيني غير ملزمة ولا تدل على رغبة فعلية في الدفع قدماً بعملية سياسية، وفي رام الله مقتنعون بأن الإدارة الحالية اختارت الاستمرار في المسار الذي بدأه الرئيس السابق دونالد ترامب، مسار يبقى فيه الفلسطينيون في الخلف. في اليومين الأخيرين شددت السلطة الفلسطينية على عدم تطرُّق الرئيس الأميركي إلى حدود 1967.
  • يظهر الإحباط وخيبة الأمل في تغطية زيارة بايدن في وسائل الإعلام الفلسطينية. في رام الله وبيت لحم تبرز صور شيرين أبو عاقلة، والتي عُلّقت في كل زاوية، أكثر من العلم الأميركي. "العدالة لشيرين" هو شعار الناشطين الاجتماعيين، وهي القضية الأساسية في الزيارة، وربما الموضوع الذي يمكنه إحداث تغيير، في نظر الفلسطينيين. في الأمس واليوم جرت اعتصامات احتجاجية في القدس الشرقية ورام الله وبيت لحم، كما جرت تظاهرات بموافقة ومراقبة. ولن تسمح أجهزة الأمن الفلسطينية للاحتجاج بأن يتحول إلى عنف، أو أن يجري في أماكن قريبة من المواقع التي سيزورها الرئيس الأميركي.
  • في الأيام الأخيرة قالت مصادر في الإدارة الأميركية إنها على علم بالانتقادات الفلسطينية، لكنها أوضحت أن هامش العمل السياسي المتاح أمام الإدارة حالياً محدود جداً. في محادثات مع شخصيات فلسطينية ودبلوماسية عربية تقول الإدارة الأميركية إن على الطرفين التعبير عن استعدادهما للدفع قدماً بعملية سياسية كشرط لمثل هذه العملية، وإن عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل وضعف السلطة الفلسطينية لا يسمحان بعملية مهمة. والصورة يمكن أن تتغير لاحقاً بعد الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة وتأليف حكومة مستقرة في إسرائيل. وفي هذه الأثناء، المطلوب من السلطة الفلسطينية الانتظار.
  • في غضون ذلك، الدعوات إلى إجراء انتخابات في الضفة الغربية استُقبلت ببرود من الإدارة الأميركية وأوروبا. وتتخوف الإدارة الأميركية من أن يؤدي مثل هذه الخطوة إلى فوز "حماس" وانهيار السلطة. "مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى أوضحوا أنهم يفضلون في هذه المرحلة تعزيز قوة السلطة الفلسطينية على أمل إجراء انتخابات في وقت لاحق، من دون الالتزام بموعد زمني محدد"، هذا ما قاله مسؤول فلسطيني رفيع المستوى هذا الأسبوع.