العقوبات على روسيا تدفع بوتين إلى الاختيار بين الزبدة والمدافع
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • هل العقوبات على روسيا ناجعة؟ نعم. فمنذ الآن، هي تلحق أضراراً كبيرة بفلاديمير بوتين وشركائه، وتأثيرها سيزداد بمرور الوقت. منذ اجتياح روسيا لأوكرانيا، تبنّى الاتحاد الأوروبي 6 حزم من العقوبات الموجهة الآن ضد 1200 شخص و98 كياناً في روسيا، وكذلك ضد أجزاء كبيرة من الاقتصاد الروسي. وتم فرض هذه العقوبات بالتنسيق مع أعضاء فيG7، وأكثر من 40 دولة إضافية تبنّتها أو اتخذت خطوات مشابهة.
  • حتى نهاية سنة 2022، سيقلص الاتحاد الأوروبي استيراد الوقود من روسيا بـ90%، ويقلل بسرعة استيراد الغاز منها. وعلى الرغم من الصعوبات التي تفرضها عملية الفطام من الغاز الروسي، فإن هذا هو الثمن الذي علينا أن ندفعه جميعاً، بهدف الدفاع عن الديمقراطيات والقانون الدولي، ونحن نتخذ هذه الخطوات المطلوبة بتضامن كامل.
  • سيكون هناك مَن يسأل: هل لهذه العقوبات فعلاً تأثير في الاقتصاد الروسي؟ الجواب هو نعم. على روسيا أن تستورد منتوجات مهمة لا تصنعها. وفيما يتعلق بالتكنولوجيا المتقدمة مثلاً، فإنها تعتمد كثيراً على أوروبا والولايات المتحدة، مقارنة بالتعلق الضئيل بالصين. أما في المجال العسكري، فإن العقوبات تحدّ من قدرة روسيا على إنتاج صواريخ دقيقة. جميع الشركات المصنعة للسيارات قررت مغادرة روسيا، والسيارات القليلة المصنّعة روسياً ستُباع من دون بالونات هواء حامية من الصدمات، ومن دون صندوق غيارات أوتوماتيكية.
  • أما الصناعات النفطية الروسية، فإنها تعاني جرّاء صعوبات في الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة، كالحفريات الأفقية. فالقدرة الصناعية الروسية على الوصول إلى آبار جديدة من خلال الضغط تبدو محدودة. ومن أجل صيانة النقل الجوي، سيكون على روسيا إخراج أغلبية الطائرات من الخدمة، بهدف استعمال قطع غيار منها لطائرات أُخرى يمكنها الطيران.
  • وبالإضافة إلى هذا كله، خسرت روسيا القدرة على الوصول إلى الأسواق المالية، وأصبحت معزولة عن أغلبية شبكات البحث الدولي الكبيرة، وهناك هجرة عقول كبيرة منها. أما البديل الذي تطرحه الصين للاقتصاد الروسي فهو محدود، وبصورة خاصة في كل ما يخص التكنولوجيا الدقيقة. فحتى اليوم، الحكومة الصينية، المتعلقة جداً بالتصدير إلى الدول المتطورة، لم تساعد الروس في الالتفاف على العقوبات الدولية. والسؤال، هل ستقود هذه التأثيرات الجدية بوتين إلى تغيير حساباته الاستراتيجية؟ يبدو أن الجواب لا في المدى الآني: يبدو أن خطواته لا تنبع من منطق اقتصادي. لكن حقيقة أن العقوبات تفرض عليه الاختيار ما بين الزبدة والمدافع، فهذه مصيدة تضعه بين فكي كماشة.
  • وفيما يخص تأثير العقوبات في دول طرف ثالث، وخصوصاً الدول الأفريقية المتعلقة بالقمح الروسي والحبوب الأوكرانية، المسؤولية واضحة. عقوباتنا ليست موجهة، ولا بأي شكل من الأشكال، ضد تصدير القمح أو الحبوب من روسيا، وأوكرانيا ممنوعة من تصدير القمح بسبب الحصار المفروض على البحر الأسود والدمار الذي فرضه العدوان الروسي. وفي حال تبين أن هذه المشاكل مرتبطة بعقوباتنا، فسنكون على استعداد لتفعيل الآليات الملائمة للتعامل معها. لقد أخبرت شركاءنا في أفريقيا بذلك وطلبت منهم عدم تصديق التضليل الذي تبثه السلطات الروسية.
  • الرد الحقيقي على الصعوبات التي تواجه سوق الطاقة والغذاء هو وقف الحرب من خلال انسحاب روسي من أوكرانيا. احترام السيادة ووحدة الأراضي للدول، وعدم استعمال القوة، وهذه ليست مبادئ غربية أو أوروبية، بل هي أساس القانون الدولي، وروسيا تدوس عليه. الموافقة على هذا الانتهاك ستكون بمثابة فتح أبواب قانون الغاب على مستوى عالمي. فبعد اجتياح أوكرانيا، أثبتنا أنه عندما يتم تحدّينا، تستطيع أوروبا الرد. ولأننا غير معنيين بالحرب مع روسيا، فإن العقوبات الاقتصادية هي الأساس في ردنا. بدأت هذه العقوبات بالتأثير، وفي الأشهر القادمة ستؤثر أكثر.