حزب الله استهدف الغاز وقدّم لمحة عن حرب لبنان المقبلة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • اعتراض المسيّرات الثلاث التي أطلقها حزب الله في سماء البحر المتوسط في اتجاه منصة الغاز الإسرائيلية "كاريش" يوم السبت الماضي، عُرض كإنجاز للمؤسسة الأمنية. أول أمس كشف الجيش الإسرائيلي، بعد تأخير أسبوع، أن هذه الحادثة سبقتها عملية اعتراض أُخرى لمسيّرة لحزب الله فوق البحر حدثت قبل 3 أيام. العمل المشترك بين سلاح البحر والجو وشعبة الاستخبارات أدى إلى ضرب المسيّرات. هذه المسيّرات لم تكن تحمل عبوات ناسفة، لكن الجيش أبعد خطرها عن منشأة ذات أهمية اقتصادية كبيرة.
  • في المدى البعيد، ما حدث هنا تطوُّر مثير للقلق. للمرة الأولى، حدد حزب الله، بالأفعال والمكان والكلمات، حقول الغاز الإسرائيلية هدفاً شرعياً للهجوم بالنسبة إليه. يبدو أننا حصلنا هنا على لمحة عن الطريقة التي يمكن أن تنشب فيها حرب لبنان الثالثة.
  • الحادث الأمني يوم السبت كان أول حادث خلال تولّي يائير لبيد رئاسة الحكومة. رئيس الحكومة الجديد الذي يقف على أبواب معركة انتخابية رد بعنف، وربما بحدة زائدة مقارنةً بتصريحاته السابقة في ظروف مشابهة، وحذّر: "إذا لم يكبح لبنان حزب الله فنحن سنفعل ذلك".. أيضاً هناك خبراء أمنيون يرون أن ما جرى انعطافة تتطلب تعاملاً مختلفاً.
  • ... الجيش يرفض التأثر بالتهديدات الجديدة، وهو يعتبر الخلاف على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل موضوعاً تضخّمه الحكومة في بيروت خدمةً لمصالحها. لقد سبق أن وافق اللبنانيون على اقتراح الوسيط الأميركي، الذي رسم خط الحدود جنوبي موقع التطوير الإسرائيلي؛ لكنهم تراجعوا عن موقفهم. التقدير هو أنه سيجري التوصل إلى تسوية في النهاية. وعلى أي حال، من الواضح لأي مراقب خارجي أن حقل كاريش يقع جنوبي الخط الأقصى الذي يطالب به اللبنانيون، ولا يسرق أي مورد من جيراننا.
  • انطلاقاً من هذه النظرة، فإن العدائية اللبنانية لإسرائيل، والتي بلغت ذروتها في تحرُّك حزب الله، تعبّر قبل كل شيء عن إحباط كبير. فالدولة تدهورت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الأهلية في منتصف السبعينيات. التزود بالماء والكهرباء هو لساعات محدودة في اليوم، وأقل بكثير مما هو الوضع عليه في غزة مثلاً. الشلل السياسي والفساد يسيران جنباً إلى جنب.
  • وبينما تدفع إسرائيل قدماً بمشروع الغاز البحري - وتُجري اتصالات لتصدير الغاز إلى أوروبا، على خلفية أزمة الطاقة التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا- فإن لبنان لم يبدأ بعد بالتنقيب. والمفاوضات الطويلة والمرهقة بشأن ترسيم الحدود البحرية تعرقل التحرك اللبناني. لكن إذا جرى التوصل إلى تسوية، فإن الشركات الأجنبية ستتردد في القيام بصفقات مع الحكومة المتداعية في بيروت.
  • طوال أعوام، يناور حزب الله بين الحاجة إلى مواصلة صراعه ضد إسرائيل، وبين التخوف من اتهامه بأنه سبب التدهور الاقتصادي والسياسي في لبنان. إطلاق المسيّرات هو بمثابة إشارة علنية موجهة إلى إسرائيل، وإلى الحكومة اللبنانية أيضاً؛ ونوع من التذكير بالقوة المدمرة التي يملكها الحزب. وربما كان هناك نية أيضاً لتسريع المفاوضات. أيضاً الحكومة اللبنانية ليست بريئة. فحزب الله هو شريك في الائتلاف الحكومي، بواسطة سياسيين من الشيعة. والحزب، مثله مثل كل المعسكرات السياسية المتطرفة، يشارك في لعبة الخداع، حيث الدولة مشلولة، لكن المسؤولين الرفيعي المستوى الذين ينتمون إلى النخبة الاقتصادية لحق بهم ضرر محدود بسبب الأزمة.
  • هذا الأسبوع التقى لبيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فأجرى معه محادثات خصص الجزء الأكبر منها لإيران ولبنان. قبل عامين، وفي أعقاب الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت، سارع ماكرون إلى زيارة بيروت تضامناً، ومن أجل المساعدة.
  • التفكير اليوم في أن حزب الله يهدد ولا ينفّذ لا يعفي الجيش الإسرائيلي من الاستعداد للجولة المقبلة. في الشمال، يجري اليوم توظيف أموال طائلة من أجل تحسين خط الحدود. وهذا الأمر لا يُستقبل دائماً بتفهُّم من جانب السكان. عندما قام قائد المنطقة الشمالية اللواء أمير برعام بزيارة إلى المطلة، واجهته شكاوى من السكان، منها أن الجدار الواقي الذي يبنيه الجيش حول المستوطنة القديمة، التي معظم أراضيها مكشوف ومهدد من الأراضي اللبنانية، يحجب المنظر؛ وأن اللبنانيين يرمون نفايات، عن قصد، بالقرب من الحدود، وهو ما يؤدي إلى تكاثر الذباب؛ كما تُسمع أصوات موسيقى صاخبة دائماً من الجانب اللبناني تمنع سكان المطلة من النوم.
  • كل شيء نسبي، وخصوصاً إذا تذكّرنا أن الجيش كشف قبل 3 أعوام ونصف العام نفقاً حفره حزب الله من تحت الحدود على مداخل المطلة، وأغلقه، وكان من المفترض أن يعبر بواسطته مئات المقاتلين خلال الحرب... الوضع حالياً هادىء نسبياً لأن الجيش إجمالاً يتصرف كما يجب، وأيضاً لأن للخصوم مشكلات أُخرى.