الفوضى السياسية مضرة بالحرب في مواجهة إيران
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • لا يشكل الكشف في الأمس (الثلاثاء) عن أربع سفن إيرانية تبحر في البحر الأحمر الخطر الحالي على إسرائيل - لأن هذا الأمر يجري منذ عدة أشهر - بل هي المعركة الشاملة في مواجهة مسارات النشاط الإيراني ضد دولة إسرائيل. وحقيقة الكشف عن هذه السفن في خضم مرحلة انتخابية جديدة هو أيضاً من أسباب قلق الجانب الإسرائيلي.
  • هذه السفن هي جزء من صورة التهديد الإيراني المتعاظم، الذي يعتمد على رؤيا جعلها نظام الملالي شعاراً له منذ عشرات السنين وهي القضاء على دولة إسرائيل. ويشكك كثيرون في جدية النوايا الإيرانية في تحقيق هذه الرؤيا، لكن يمكن أن ننسب الفضل إلى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لأنها استطاعت - بالاستناد إلى معطيات - رسم خريطة نوايا النظام في طهران وإصراره على توظيف موارد ضخمة في بناء قدرات لتحقيق هذه الرؤيا، وفي المقابل بناء مكانة إيران كإمبراطورية إقليمية.
  • نجحت إيران في بناء منظومة متعددة الأذرع شديدة الخطورة على الأمن القومي الإسرائيلي وعلى العالم العربي السني، على الرغم من مصاعب اقتصادية اجتماعية متزايدة الاتساع داخل الجمهورية الإسلامية، والتي تشمل هبوطاً اقتصادياً ونقصاً في المياه وفي البنى التحتية وفساداً عميقاً بالإضافة إلى المواجهة مع العقوبات الصارمة للغرب. وعلى الرغم من ضعف المناعة الوطنية لإيران فهي ما تزال تتباهى بإنجازاتها في تطوير منظومات سلاح تساهم في نظرها في الدفع قدماً بطموحاتها البعيدة المدى.
  • فيما يتعلق بإسرائيل، هناك ثلاثة مسارات رئيسية حققت فيها إيران، وفق زعمها، تقدماً باهراً. الأول، هو المسار الباليستي: أي حزام النار المحتمل ضد إسرائيل من إيران نفسها ومن القواعد التي أقامتها في الدول الفاشلة التي تتنازل عن سيادتها وتسمح لها بالتمركز في أراضيها مثل لبنان، وسورية، واليمن، وإلى حد ما العراق. والمقصود هو وجود كميات ضخمة من الصواريخ - قرابة 150 ألف صاروخ في لبنان وحده - الغرض منها إعطاء إيران قوة هائلة.
  • الثاني، هو المسار النووي: تُعتبر إيران دولة على عتبة الدول النووية - أي قادرة على تطوير أو تخصيب يورانيوم على مستوى عسكري بعد اتخاذ قرار فقط. وكما هو معروف لا تملك إيران حتى الآن سلاحاً نووياً، أي قنبلة نووية مركبة على رأس صاروخ عملاني يمكنه أن يطلقها. المسار الثالث هو الإرهاب والهجمات السيبرانية: تستخدم إيران من وقت إلى آخر قوتها من خلال أعمال إرهابية، وهجمات بالمسيرات ضد السعودية ودول الخليج، كما تطور قدرة عسكرية على الصعيد السيبراني الهجومي.
  • ماذا يجب أن تفعل إسرائيل؟ قبل كل شيء عليها أن تبني بسرعة قوتها العسكرية، على الرغم من التأخيرات التي حدثت بسبب التأجيل غير المفهوم في استغلال أموال المساعدة الأميركية. وعليها القيام بذلك بصورة تسمح لها بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وحتى الآن نجحت إسرائيل في ذلك. هناك من يقلل من قيمة هذا الإنجاز، لكن وجود سلاح نووي في يد نظام "قاتل وعنيف" يمكن أن يتحول إلى خطر وجودي، وأن يثير أيضاً سباقاً على التسلح النووي يمكن أن يقوّض صورة الردع لإسرائيل.
  • بالإضافة إلى ذلك يتعين على إسرائيل الدفع قدماً ببناء منظومة دفاع بقيادة الولايات المتحدة، وهذا يمكن أن يتعزز بعد زيارة الرئيس جو بايدن إلى المنطقة. إن التنسيق مع الولايات المتحدة حيوي وحتمي. وحتى لو كان لدى الجيش الإسرائيلي قدرات هجومية مستقلة في مواجهة إيران، فإنه لا يمكن التفكير في استخدامها من دون تنسيق استراتيجي مع واشنطن - بسبب التداعيات التي ستكون لهذه العملية.
  • ويفرض اختبار النتيجة فحصاً يومياً للعمليات الإسرائيلية الشاملة - تلك التي تتحمل إسرائيل مسؤوليتها، وتلك التي تُنسب إليها. وهذا الاختبار بسيط: إلى أي مدى نحن نقترب من إضعاف التهديد الإيراني. إن انجرار إسرائيل إلى معركة انتخابية إضافية في ظل فوضى سياسية يتناقض مع الحاجة إلى حكومة قوية تعمل من دون توقف على بناء رد مشترك – عسكري - سياسي – أمني - استخباراتي على التهديد الإيراني. لا يمكن التفكير بأن النظام مستقر في إيران سياسياً، وفي إسرائيل هناك مشاجرات لا داعي لها تستهلك طاقة القيادة التي هي في أمس الحاجة إليها.
  • والمعيب بصورة خاصة الوقاحة في المماطلة في تعيين رئيس الأركان، قائد جيش الدفاع الإسرائيلي، والطريقة البشعة التي يجري فيها تشويه عملية الاختيار. الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى قيادة مستقرة تعمل ليلاً نهاراً على بناء القوة والاستمرار في عمليات عسكرية متنوعة...
  • إن التصريحات التي لا ضابط لها بشأن المرشحين لمنصب رئيس الأركان وتشويه العملية برمتها بالتصريحات المقززة تضعف بالتأكيد إسرائيل. من واجبنا إعادة الاستقرار من أجل إتاحة الفرصة أمام بناء القوة من خلال استغلال الفرصة النادرة المتمثلة في نشوء حلف تاريخي مع الدول العربية بقيادة الولايات المتحدة.