انعطافة في سورية: الروس يخرجون والإيرانيون يدخلون
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف

 

  • الجميع عندنا مشغول بالكلام المتبادل بين إسرائيل وروسيا بشأن أوكرانيا. لكن مع كل أهمية الرد على كلام وزير الخارجية الروسي لافروف واعتذار بوتين، فإن الساحة الأساسية لمنظومة العلاقات المعقدة لإسرائيل مع روسيا تدور على الأرض السورية.
  • في سورية تجري عدة أمور: في الأيام الأخيرة أخلى الجيش الروسي سلسلة من القواعد والمواقع التي كان يحتفظ بها طوال أعوام، في الأساس في وسط الدولة وشرقها، وأيضاً في الشمال بالقرب من مدينة حلب، وفي عدة مناطق من دمشق، وفي جنوب سورية بالقرب من الحدود مع إسرائيل. ينفّذ الروس هذه العملية من دون الحديث عنها لأنهم مضطرون إلى تكريس المزيد من الجهد للساحة الأوكرانية، حيث يرون الآن فرصاً أكبر مما تنسبه إليهم وسائل الإعلام الغربية.
  • تقليص الوجود الروسي له أهمية غير بسيطة، لأنه منع حتى الآن التمركز الإيراني في مناطق مختلفة، وأقام ميليشيات غير خاضعة لإملاءات الحرس الثوري الإيراني، وأحبط سيطرة جنرالات موالين لإيران على الجيش السوري. الآن، الوضع تغيّر، والتعيينات الأخيرة في القيادة العليا في دمشق، بما فيها وزير الدفاع، كلها من المؤيدين لإيران من الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد. من دون روسيا قوية في سورية، ستزداد قوة إيران أكثر، هذا هو السبب الذي دفع بشار الأسد إلى القيام بزيارة مفاجئة إلى طهران، فبالنسبة إليه، ما يجري حالياً هو تغيُّر دراماتيكي.
  • على ما يبدو، المواقع الروسية حول مدينة تدمر، وفي مناطق ريف حلب، وفي منطقة وادي الفرات، تمتلىء بسرعة بوحدات تابعة للحرس الثوري الإيراني، وبصورة منسقة. ويمكن رؤيتها الآن في مطار النيرب [مطار حلب]، وفي أماكن أُخرى حرص الروس على منع تواجد هذه الوحدات فيها. هناك تعمّق لتخندُق الإيرانيين في سورية-أيضاً في البعد العسكري-يتخطى ما يمكن أن يصدقه المواطن الإسرائيلي بعد التقارير الكثيرة عن الهجمات الناجحة لسلاح الجو الإسرائيلي. صحيح أن هذه الهجمات تؤلم الإيرانيين وتعرقل وتيرة تزوُّد حزب الله بصواريخ دقيقة، لكن حتى هذه اللحظة، لم تنجح إسرائيل في وقف ذلك بصورة كاملة. مَن يقول غير ذلك هو مخطئ. في تقديري، لدى حزب الله اليوم قرابة 500 صاروخ دقيق. وهذا أقل بقليل مما أراد الإيرانيون تحقيقه، لكن أكبر بكثير مما تستطيع إسرائيل تحمُّله.
  • ليس لدى إسرائيل وسيلة للتأثير بصورة حقيقية في اعتبارات الانتشار الروسي في سورية. لكن كلما خفّض الروس تواجدهم العسكري في تلك الدولة، كلما ازدادت قبضة إيران على مواقع يجب أن تقلقنا. من المهم أن نتذكر أن روسيا عندما تعاونت مع إيران في سورية لحاجتها إلى الاستعانة بالقوات البرية للميليشيات الإيرانية لاستغلال قصف سلاح الجو الروسي، سعت دائماً لتقييد وتقليص التمركز الإيراني والتغلغل الإيراني في الجيش والأجهزة الأمنية التابعة للأسد.
  • إذا كانت الحرب الأوكرانية غيرت صورة الأمور، فإن هذه ليست بشرى سارة لإسرائيل.
  • كلمة أُخرى، أداء الجيش الروسي في أوكرانيا كان بائساً، وأحياناً مؤسفاً، وفي أكثر الأحيان محزناً بالنسبة إلى موسكو. لكن يجب أن نتذكر أنه لا يزال لدى بوتين فرص: تطويق نحو 40% من الجيش الأوكراني في شرق البلاد، وإقامة ارتباط بري مع ترانسنيستريا، الشريط الواقع تحت سيطرة الروس في مولدافيا، وخلق تهديد حقيقي في هاتين الساحتين على أوديسا، حتى من دون مساهمة فعلية من سلاح البحر الروسي. أيضاً إذا انتهت حرب بوتين الفاشلة بفصل أوكرانيا عن منفذها إلى البحر، فإنها لن تكون حرباً خاسرة تماماً.
 

المزيد ضمن العدد 3785