الحرب في أوكرانيا: إسرائيل ترفض التعلم من أخطاء الماضي
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- لسنا على استعداد بعد للتفكير في التداعيات الاستراتيجية للغزو الروسي علينا وعلى الشرق الأوسط بصورة عامة. هل سيحاول الروس ترجمة الزخم في أوكرانيا إلى مبادرة لتعزيز مكانتهم وتدخلهم في إيران وسورية؟ وكيف سترد الولايات المتحدة؟ هل هناك احتمال أن تستغل الاتفاق في الموضوع النووي مع إيران من أجل تعميق العلاقات معها إلى حد بناء مثلث قوة يجمعها مع إيران والسعودية؟ طبعاً، في الأوضاع الراهنة يبدو هذا تطوراً خيالياً ولا فرصة لنجاحه، لكن في عالمنا الذي يفتقر إلى الاستقرار، وبما أن ما يبدو اليوم مستحيلاً يمكن أن يتحول في الغد إلى أمر غير مستبعد، لا يمكن ألاّ نأخذ في الاعتبار تطوراً من هذا النوع.
- لقد تضاءل اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط بصورة عامة، وبالنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني بصورة خاصة، فهي توجه أنظارها حالياً نحو الصين وشرق آسيا إذ تعتبر أن المستقبل هناك، بالإضافة إلى أن النفط الشرق أوسطي خسر من أهميته في نظرها ولم تعد بحاجة إليه. وتتميز علاقات الولايات المتحدة بالدول السنية الموالية للغرب وعلى رأسها السعودية ومصر والإمارات ودول الخليج بالاختلاف في الآراء، وأحياناً تمر بأزمات وتشهد صعوداً وهبوطاً. والسؤال هنا: هل حقيقة أن إسرائيل تعلق كل آمالها على المحور السني للسعودية والإمارات في مواجهة إيران، مفترضة أن الخصم الإيراني والمشترك لإسرائيل والدول السنية في الخليج، يمكن أن يجعل إيران عدواً استراتيجياً للمعسكر السني بنفس قوة عداوتها لإسرائيل؟ وهل الافتراض الأساسي الإسرائيلي بأن الولايات المتحدة تفضل أن تكون حليفة حصرية لمصر والسعودية والأنظمة السنية في الخليج العربي بينما تواصل التعامل مع إيران كعدوة تنتمي إلى المعسكر الروسي الصيني المعادي لأميركا هو افتراض صائب؟ وهل من المحتمل أن يغير حليف اليوم جلده تحت تأثير أوضاع متغيرة ومصالح دينامية؟
- يبدو أن إسرائيل ترفض التعلم من أخطاء الماضي. إن قناعتنا الداخلية بأن التحالف الاستراتيجي بيننا وبين المعسكر السني من شأنه أن يساهم في صمود إسرائيل في مواجهة إيران، يشبه اعتمادنا على الموارنة الذين أقاموا معنا حلفاً استراتيجياً ضد الفلسطينيين عشية حرب لبنان الأولى في سنة 1982. لذلك يتعين علينا أن نتبع نهجاً يقوم على الشك حيال علاقتنا بالكتلة السنية التي تستند إلى السعودية والخليج، وكذلك إلى حد ما فيما يتعلق بالموقف الأميركي حيالنا. وهذا يعني ألاّ نستبعد أن تتكرر تجربتنا مع الموارنة مع السعودية والإمارات، مثلما حدث في علاقتنا مع الفرنسيين في حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967] حين تحولنا بين ليلة وضحاها من أصدقاء مقربين إلى منبوذين.
- الدروس التي يجب أن نستخلصها من هذه التطورات هي: أولاً، أن ندرك أن حليف اليوم يمكن أن يصبح عدواً في الغد. ثانياً، التخلص من العقيدة التي سيطرت علينا ومفادها أن الصديق لن يدير ظهره وأن العدو لن يغير جلده. ثالثاُ، التوقف عن الميل إلى تصوير العالم القريب والبعيد باللونين الأبيض والأسود، وأن نكون مستعدين لمواجهة واقع يفرض فيه لاعبون جمعتهم الضرورة ومزيج من المصالح الاستراتيجية تحولات مفاجئة تبدو مستبعدة لأول وهلة وتطورات استراتيجية غير متوقعة.