التوترات في حي الشيخ جراح وفي المناطق تذكّر بأحداث أيار/مايو 2021
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • بينما تتجه أنظار العالم إلى الحدود الروسية – الأوكرانية هناك من يصر على إشعال حريق صغير بالقرب منا في القدس وفي المناطق. إن عودة المواجهات في حي الشيخ جراح وفي القدس الشرقية تعيد ذكريات غير مريحة لأحداث أيار/مايو الماضي حين أدت التوترات في حي الشيخ جراح وبقوة أكبر في الحرم القدسي إلى إشعال العنف والقتال في غزة وكذلك في المدن المختلطة داخل الخط الأخضر.
  • بصورة تشبه وضع العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين عاد الخلاف الذي يتمحور حول أرض صغيرة في الشيخ جراح يجذب الكراهية والنفور اللذين لا حدود لهما بين الطرفين. ففي نهاية الأسبوع جرى إحراق منزل مواطن يهودي سبق وأُحرقت سيارته في الماضي عدة مرات، وكان هذا كافياً لجذب متظاهرين مشاغبين إلى الحي بينما سارع عضو الكنيست إيتمار بن غفير إلى صب الزيت على النار وأقام "مكتباً برلمانياً" في المكان.
  • لكن المشكلات تأتي بمشكلات اُخرى. ففي شمال الضفة يتصاعد التوتر منذ الأسبوع الماضي أي منذ العملية التي قتلت فيها وحدة من حرس الحدود ثلاثة ناشطين مسلحين في نابلس ينتمون إلى الذراع العسكرية في حركة "فتح". وهذه الليلة بالذات هناك طرف في الجيش قرر إرسال جنود إلى قرية سيلة الحارثية في منطقة جنين لهدم منزل أحد المتهمين بقتل تلميذ اليشيفا يهودا ديمنتمان في بؤرة حومش الاستيطانية قبل شهرين. وشهد المكان مواجهات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي وفلسطينيين قتل خلالها شاب في السابعة عشرة من عمره بنيران الجنود الإسرائيليين.
  • كل ما يجري في القدس وفي الضفة يراقب باهتمام في قطاع غزة. في أيار/مايو الماضي فاجأت "حماس" الاستخبارات الإسرائيلية واستغلت التوتر في الحرم القدسي لإرسال رسالة، فأطلقت الحركة ستة صواريخ على منطقة القدس، تضامناً مع النضال الفلسطيني في المدينة، وردت إسرائيل بشن عملية "حارس الأسوار". وقد تعارض سلوك "حماس" يومها مع التوقعات المسبقة في إسرائيل، التي اعتبرت أن "قيادة "حماس" لا مصلحة حقيقة لها في الدخول في مواجهة في ذلك الوقت. لكن في غزة كان التفكير مختلفاً، إذ كانوا مستعدين لتحمل عمليات قصف إسرائيلي مكثفة من أجل إرسال رسالة موجهة أيضاَ إلى سكان الضفة بهدف الاستمرار في زعزعة سيطرة السلطة الفلسطينية هناك.
  • منذ نهاية الأسبوع الماضي دأبت "حماس" على إطلاق تهديدات عنيفة مشابهة من غزة. هل تغيرت الظروف تغيراً جذرياً؟ لا تزال السلطة الفلسطينية تواجه صعوبات متزايدة في الحكم، ولا تزال مصلحة "حماس" حشرها أكثر فأكثر في الزاوية. في المقابل الوضع في غزة مختلف قليلاَ، فبعد العملية العسكرية قامت إسرائيل بتقديم تسهيلات اقتصادية بعيدة المدى نسبياً في القطاع. وهناك قرابة 10.000 عامل من القطاع (تحت غطاء تجار ورجال أعمال) يدخلون يومياً إلى البلد للعمل. وجرى الاتفاق على شحنات الأموال القطرية كلها باستثناء مشكلة محدودة تجددت تتعلق برواتب الموظفين، كما أن البضائع تدخل بطريقة سهلة ويومية أكثر من الماضي.
  • الحياة في الشتاء الغزي البارد هي أفضل بقليل مقارنة بالسنوات السابقة، والتزود بالكهرباء والماء أصبح منتظماً أيضاً. ولدى الذراع العسكرية لـ"حماس" عمل كثير ومستمر من أجل إعادة بناء الأنفاق التي تضررت في العملية الأخيرة، وتحسين قدرات المنظومة الصاروخية في القطاع. ويمكن اعتبار إطلاق صواريخ من غزة الآن خطوة مبالغاً فيها يمكن أن تؤدي إلى رد إسرائيلي حاد. وفي المقابل لا جدوى من إطلاق بالونات مشتعلة بينما الأرض في غلاف غزة رطبة واحتمالات إحراق الحقول تبدو منخفضة.
  • هل تكفي كل هذه الادعاءات لكبح اندلاع العنف من جديد بينما تتركز أنظار العالم على ما يجري في أوروبا الشرقية؟ لقد أخطأ المعلقون في الصحف وفي الاستخبارات أكثر من مرة في تقديراتهم بحيث أصبح من الصعب التنبؤ. إن إخراج بن غفير و"مكتبه" المرتجل الذي لا لزوم له من حي الشيخ جراح، إذا حدث، سيكون العمل الإيجابي الأول في الاتجاه الصحيح. لكن ثمة شكاً في أن هذا سيكون كافياً لتهدئة الأجواء، في الوقت الذي لدى جزء كبير من اليمين الإسرائيلي في المعارضة مصلحة في تأجيج مستمر للوضع في القدس.
  • إن حكومة بينت مضطرة إلى التعامل مع الوضع بحذر كبير في الأسابيع المقبلة لمنع الانزلاق إلى مواجهة عسكرية إضافية. وكالعادة الخطر يأتي من القدس وتحديداً من محاولات تضخيم المكون الديني في التوترات.