النزاع بين روسيا وأوكرانيا يطرح عدة معضلات دبلوماسية أمام إسرائيل
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • تبذل القيادة في أوكرانيا جهوداً كبيرة من أجل تلطيف الأجواء [مع روسيا]، بينما تعمل الولايات المتحدة، وإن كان بالأقوال أكثر مما هو في الأفعال، على رفع منسوب التوتر. ولن نرتكب خطأ إذا ما قدّرنا أن موقف إدارة جو بايدن الحازم نابع من الرغبة في ترميم مكانة الولايات المتحدة والرئيس بعد صورة الهزيمة التي أعقبت الانسحاب من أفغانستان، لكن الأمر لا ينتهي هنا، وأوكرانيا ليست الموضوع، إذ إن واضعي السياسة في واشنطن متنبهون إلى أن المطروح على جدول الأعمال ليس صراعاً محلياً بين روسيا وأوكرانيا، بل هو صدام واسع من أجل ترسيخ نظام عالمي جديد؛ من جهة، تقف أميركا وحلفاؤها (ليسوا جميعاً بحماسة زائدة)، ومن الجهة الأُخرى تقف الصين وروسيا، بل وإيران، والذين يعتقدون أن هدف واشنطن هو إسقاط أنظمتهم والاستعانة في ذلك بلاعب فرعي، مثل أوكرانيا.
  • لكن إذا كان الدافع الأصلي للصين وروسيا وقائياً، فإنهما حدّدا لنفسيهما أهدافاً بعيدة المدى أكثر، أي ضعضعة مكانة أميركا كقوة عظمى وتغيير أنظمة العالم في كل المجالات: العسكرية والجغرافية والسياسية والاقتصادية، والتي تحكّمت بها واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية. وتتغذى طموحاتهما أيضاً مما يرونه كضعف داخلي لأميركا. ولا شك في أن أحداث 6 كانون الثاني/يناير 2021 في تلة الكابيتول أضافت مفعولاً إلى هذا المفهوم. إن هدف روسيا الأول هو تثبيت هيمنتها في المناطق المجاورة لحدودها، لكن الهدف في المدى البعيد هو طرد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي [الناتو]، وإخراج كل السلاح النووي الأميركي من أوروبا (ثمة هدف مشابه بالنسبة إلى الشرق الأوسط، وأميركا نفسها ساعدت روسيا في تحقيق مبتغاها). وهذا هو الحكم أيضاً بالنسبة إلى الصين، أي طرد الولايات المتحدة من شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ، بينما تايوان، من ناحيتها، قد تؤدي الدور الذي تؤديه أوكرانيا من ناحية روسيا.
  • تلمّح إدارة بايدن في هذه اللحظة إلى موسكو بأن أي خطوة هجومية تجاه أوكرانيا قد تصطدم بردّ فعل غير متوازن من جانب أميركا، لكن ينبغي الانتظار لرؤية ما إذا كان الرئيس الروسي بوتين سيتأثر بهذا التهديد. ثمة مصطلح في نظرية الألعاب هو "لعبة الدجاجة"، وهي اللعبة التي يصرّ فيها كل طرف من الطرفين على عدم التنازل، وكلاهما يخسران جرّاء ذلك. وقد يكون هذا هو الوضع أيضاً في المواجهة الحالية بشأن أوكرانيا. وربما يكون هناك حل دبلوماسي، لكن الأمر منوط بمسألة مكانة مَن ستتضرر، بوتين أم بايدن؟ لكن في كل الأحوال، هذه ليست مسألة مكانة فحسب، لأن الصورة التي ستنشأ ستؤثر في جبهات أُخرى، بما في ذلك تجاه إيران.
  • بالنسبة إلى إسرائيل، لا بد من القول إنها هي الأُخرى لم تعد تجلس في مدرج المتفرجين في هذه المسرحية. في الماضي كان الموضوع بسيطاً، إذ لم تكن إسرائيل لاعبة في الساحة الدولية، وكان تأييدها للموقف الأميركي على نحو أوتوماتيكي لا لبس فيه. وتماثُل إسرائيل مع الولايات المتحدة واضح الآن أيضاً لكل الأسباب التقليدية المعروفة، لكن نظراً إلى اتساع مكانتها الدولية في العقود الأخيرة وتحوُّلها إلى قوة إقليمية عظمى، فإن كل موقف تتخذه في مواضيع دولية هي موضع خلاف، سيكون له ثمن قد يتسبب لها بضرر مباشر أو عرَضي، وخصوصاً إذا كانت لها مصالح وعلاقات لدى الطرفين. مثل هذا الأمر برز، على سبيل المثال، في موضوع النزاع بين مصر وأثيوبيا، وفي موضوع اليونان وتركيا.
  • بالنسبة إلى المسألة الأوكرانية، على إسرائيل إبداء حيادية واضحة. ومع ذلك، لا بد من القول إن هذه المسألة تطرح أمام إسرائيل عدة معضلات دبلوماسية. صحيح أن الشراكة الاستراتيجية والقيَمية الأساسية لنا مع أميركا ليست موضع شك، غير أنه ثمة معضلة دبلوماسية بين الدولتين، مثلاً فيما يتعلق بالموضوع الإيراني.
  • وقد قام رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت في نهاية الأسبوع الماضي بقصف الجمهور الإسرائيلي بوابل من المقابلات الصحافية شدّد فيها جميعها على أن لإسرائيل يداً حرة تجاه إيران، حتى ولو وقّعت أميركا اتفاقاً نووياً جديداً معها. هذا الموقف صحيح في أساسه، لكن يبقى السؤال المطروح: كيف يستوي هذا مع نية معلنة للحكومة الإسرائيلية الحالية بألا تخرج عن التَلَم الأميركي في أي شيء؟