30 عاماً على إقامة العلاقات بين إسرائيل والصين: التحديات التي تواجهها الدولتان
تاريخ المقال
المصدر
- اليوم في 24 كانون الثاني/يناير هو ذكرى مرور 30 عاماً على إقامة العلاقات الرسمية بين الصين وإسرائيل. سبقتها محاولات فاشلة قامت بها إسرائيل خلال الأعوام الأولى لقيامها لإنشاء علاقة بنظام ماو تسي تونغ الذي استولى على السلطة في الصين في سنة 1949. فقط في سنة 1992، وبعد تفكُّك الاتحاد السوفياتي، وبعد تسوية أغلبية الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل وموافقتها على المشاركة في مؤتمر مدريد، وافقت الصين على الاعتراف بإسرائيل وأقامت علاقات رسمية معها.
- تميزت الأعوام الأولى بالفضول والرغبة المتبادلة في التعلُّم من الطرف الآخر والاستفادة من ميزاته. سعت الصين لاستغلال معرفة وخبرة الإسرائيليين في مجاليْ الأمن والزراعة، والتعاون في هذين المجالين دفع قدماً بفتح سفارتين. كما أن فرصة الدخول إلى سوق ضخمة تشمل مليارات البشر جذبت إسرائيل. لقد كنت عضواً في الطاقم الذي أجرى المفاوضات بشأن أول اتفاق للتجارة بين الدولتين، الذي أنهيناه خلال 3 أيام. بينما المفاوضات بشأن اتفاق التجارة الحرة بين الدولتين استمر أعواماً، وربما ينتهي هذه السنة.
- لكن الحرارة في العلاقات تراجعت مع قضية "الفالكون" - طائرة ردع اشترتها الصين من إسرائيل. وتحت ضغط وتهديدات الولايات المتحدة، اضطرت إسرائيل إلى إلغاء الصفقة ودفعت تعويضات للصين، كما أُغلقت السوق الصينية أمام الصناعة الأمنية الإسرائيلية. أكثر من ذلك، اكتشفت بيجين، التي اعتبرت إسرائيل جسراً إلى مراكز التأثير السياسي في واشنطن، حدود النفوذ اليهودي - الإسرائيلي.
- تبوأت الصين صدارة الاقتصاد العالمي، وطموح زعماء بيجين إلى الوصول إلى تعادُل اقتصادي تكنولوجي وعسكري مع الولايات المتحدة، خصمها الاستراتيجي، حتى منتصف القرن الحادي والعشرين - زاد في أهمية إسرائيل، في نظر الصين، بسبب أهمية اختراعاتها. من جهة أُخرى، كانت إسرائيل دولة الشركات الناشئة تبحث عن مصادر تمويل خارجي. والصين التي تملك أكبر احتياط للعملات في العالم، وعدداً كبيراً من كبار الأثرياء الذين تعادل ثرواتهم مئات المليارات، تحولت إلى هدف مرغوب فيه.
- وكانت جوهرة التاج في العلاقات الصينية – الإسرائيلية هي لجنة الابتكارات التي اجتمعت قبل تفشّي الكورونا في القدس برئاسة نائب الرئيس الصيني ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. الصينيون الذين يحرصون على تحديد علاقاتهم بالعالم وصفوا علاقاتهم بإسرائيل بأنها "شراكة شاملة في الابتكار".
- في المقابل، اكتشفت شركات بنى تحتية صينية كبرى أن إسرائيل في خضم عملية سريعة لتجديد وتوسيع بناها التحتية وبدأت بالحصول على مناقصات في مجالات المرافىء والطرق والقطارات. وأدى توسُّع العلاقات الاقتصادية إلى زيادة كبيرة في عدد الرحلات بين إسرائيل والمدن الصينية.
- توسُّع نطاق العلاقات بين الصين وإسرائيل شهد تباطؤاً في الأعوام الأخيرة بسبب تفاقم النزاع بين الصين والولايات المتحدة، الذي بدأ خلال ولاية الرئيس أوباما. في الأعوام الأخيرة بدأت الإدارة الأميركية بفرض عقوبات على الصين، وممارسة ضغط على شركائها من أجل التخفيف من العلاقات الاقتصادية مع الصين. السباق الصيني - الأميركي ليس من المتوقع أن يخمد في الأعوام المقبلة، وستضطر إسرائيل إلى التفكير في خطواتها بحذر في إدارة علاقاتها المعقدة مع الصين. بالإضافة إلى القيود الأمنية والاقتصادية، فإن المجال السياسي أيضاً يمكن أن يشهد صعوبات.
- صحيح أن الصين كانت تؤيد دائماً التصويت مع القرارات المعادية لإسرائيل في المنظمات الدولية، وهي تدعم مطالب الفلسطينيين. لكنها من جهة أُخرى لم تتخذ خطوات عملية في سياق شبكة العلاقات المتبادلة كي تعبّر عن انتقادها لإسرائيل. وإسرائيل من جهتها، امتنعت من التصويت في المنتديات الدولية على قرارات توجّه انتقادات إلى الصين.
- التقارب بين الصين وإيران، والجهد الصيني من أجل تعزيز العلاقات مع دول الخليج والدول العربية الأُخرى، والضغط الأميركي لاتخاذ مواقف نقدية ضد الصين، وفي مواجهة القوة الاقتصادية للصين - كل ذلك يفرض على إسرائيل إدارة حكيمة للمخاطر والفرص في المرحلة المقبلة لهذه العلاقات.