العرب في الائتلاف الحكومي ما عادوا يعانون متلازمة ستوكهولم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • عضو الكنيست غيداء ريناوي - زعبي (من ميرتس) كانت جسورة؛ فقد تجرأت على التصويت بحسب ضميرها وتسببت بخيبة أمل عميقة داخل حزبها الضعيف وفي الائتلاف الذي تشارك فيه، عندما أسقطت موقتاً قانون التجنيد [الخاص بتجنيد الحريديم] الذي طرحه وزير الدفاع بني غانتس. وبررت ريناوي تصويتها قائلة: "هذه الحكومة تخطت خطوطاً حمراء. تصرف الحكومة ووزارة الأمن الداخلي ووزارة الإسكان والشرطة والصندوق الدائم لإسرائيل في النقب ضد المواطنين البدو هو وصمة عار لدولة متوحشة وظالمة".
  • لم تُتهم ريناوي - زعبي بخيانة الائتلاف فقط، بل اتهمت أيضاَ بالوقاحة. فهي لم تحذر مسبقاً حتى قيادة حزبها، أين المسؤولية؟ وأين التضامن؟ ألا تعرف أن هذه الحكومة التزمت عدم التطرق إلى موضوعات حساسة جداَ يمكن أن تؤدي إلى انهيارها؟ وأنها فرضت على نفسها الصمت والشلل في كل المسائل التي يمكن أن تثير مواجهة إيديولوجية؟ وأنها محت مصطلح الضمير من الاتفاق الائتلافي؟
  • التهديد الذي فرضته ريناوي - زعبي سيقوّض روابط الائتلاف الذي سيجد نفسه فجأة مطالباً بالتعامل باحترام مع المخاوف والضمير ومع الهوية القومية للأقلية العربية ومع ممثليها. وفي الواقع ليس قانون التجنيد ولا دروس التجنيد للحريديم هو الذي يهم عضوة الكنيست، لقد استغلت ريناوي- زعبي ببساطة الخلاف الداخلي اليهودي وهشاشة الائتلاف الحكومي من أجل الدفع قدماً بجدول أعمال عربي، أو على الأقل رفع علم الاحتجاج في مسألة ثانوية ومهملة - زرع أشجار في النقب.
  • ليست ريناوي – زعبي أول عضو كنيست يحتج على هذه المسألة، إذ سبقها منصور عباس الذي هدد بعدم مشاركته في التصويت في الكنيست إذا لم تتوقف عملية التشجير فوراً. وقد نجح التهديد، وحصل عباس على ما يريده، وجرى الدفع بقانون الكهرباء - ولقاء ذلك تعهد عباس بأن يمنح تأييده لقانون التجنيد و"قانون حاريش" الذي يمدد ولاية اللجنة الخاصة لتطوير بلدة حاريش.
  • عباس، ووليد طه وريناوي – زعبي ليسوا لاعبين على مقاعد الاحتياط ولا دمى تزين قاعة الديمقراطية الإسرائيلية، فقد منحتهم الأوضاع السياسية قوة كبيرة على الرغم من عدد المقاعد القليل الذي حصلت عليه أحزابهم. لكن كما في حالة نفتالي بينت، ليس عدد المقاعد هو الذي يحدد بل القدرة على استغلالها بنجاعة. التجديد الجوهري هو أن التركيبة الائتلافية المشدودة حتى أقصى حد هي التي تسمح لأعضاء الكنيست بوضع خطوط الحدود الإيديولوجية - وتجاوز هذه الحدود سيؤدي إلى تفكيك أجزاء الائتلاف في كل اتجاه.
  • في الماضي غير البعيد كان أعضاء الكنيست من الحريديم هم الذين يفرضون حدود المسموح به، أمّا الآن فقد جاء دور أعضاء الكنيست العرب، وهم يدركون جيداً أن الوقت المتبقي أمامهم قصير ولديهم عمل كثير. فإذا جرت صفقة الادعاء وطُرد بنيامين نتنياهو من الساحة السياسية، فإنهم يمكن أن يُطردوا من الملعب. وإذا قررت "حماس" إطلاق صواريخ وردت إسرائيل تلقائياً، فسيكون من الصعب عليهم البقاء في الائتلاف. وإذا جرى الدفع قدماً بقانون المواطنة وكرّست صياغته وضع العرب في زاوية الأقلية المقبولة، فإنهم سيضطرون إلى تفجير الائتلاف. ما لم يتمكنوا من تحقيقه الآن يمكن أن يتبخر.
  • من حسن حظ الديمقراطية الإسرائيلية أن "توازن الرعب" السياسي الذي يبقي الائتلاف في قيد الحياة يحوله إلى أحد الائتلافات الأكثر جودة هنا. فهو يفرض على كل أعضائه التعامل بخشوع لا فقط مع المطالب المالية والتوزيع العادل للميزانيات بين أعضائه، بل أيضاً مع الضمير ومع المشاعر القومية لكل مكوناته. ريناوي – زعبي لم تهدد هذا الائتلاف عندما صوتت ضد قانون التجنيد. فالقانون سيُقر والائتلاف سيصمد، لكن ريناوي – زعبي رفعت بطاقة صفراء في وجه كل من يجرؤ على التعامل مع الأعضاء العرب في الكنيست كأنهم ما زالوا يعانون متلازمة ستوكهولم.