ليس كل ما يحدث في الشرق الأوسط مرتبطاً بالضرورة بإسرائيل ونزاعها مع الفلسطينيين
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

 

  • كانت هناك أيام اعتُبرت المسألة الديموغرافية فيها مسألة أساسية في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، ويتذكر الجميع أقوال ياسر عرفات التي قال فيها إن رحم المرأة بمثابة سلاح وطني للفلسطينيين سيصبحون بواسطته الأغلبية بين النهر والبحر، ثم يتسببون بزوال إسرائيل. لكنها أيام انقضت، وما يتبين الآن هو أن الأغلبية اليهودية متينة أكثر من ذي قبل بسبب موجات الهجرة من روسيا وأثيوبيا، وبسبب زيادة نسبة الولادة في أوساط اليهود الحريديم [المتشددون دينياً].
  • في العقد الأخير عاد الحديث عن الديموغرافيا، وعن عدد الولادات وحالات الموت والهجرة في منطقة الشرق الأوسط، غير أنه لم يعد يدور حول الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، بل حول الصراع السُّني – الشيعي، وفي واقع الأمر حول الصراع بين إيران والدول العربية الذي أصبح مسألة مركزية على جدول أعمال سكان المنطقة. ويمكن القول إن الديموغرافيا باتت تؤدي دوراً مركزياً في هذا الصراع، وعند الحاجة لا يمتنع الإيرانيون وحلفاؤهم من هندسة الديموغرافيا من أجل خدمة تطلعاتهم إلى الهيمنة الإقليمية.
  • في سورية التي شكّل فيها أبناء الطائفة السُّنية أغلبية نحو 60% من عموم سكان الدولة، عشية نشوب الحرب الأهلية، في مقابل العلويينالذين تنتمي إليهم سلالة الأسد، والذين لم يبلغوا سوى نحو 12%، حدث تحوُّل كامل هو من فعل النظام السوري وحلفائه في روسيا وإيران، على خلفية هرب أو طرد نحو 8 ملايين سوري من البلد، أغلبيتهم الساحقة من أبناء الطائفة السُّنية من المناطق الريفية التي نشبت فيها الثورة ضد الأسد ونظامه. وبقي في المنطقة التي يسيطر عليها الأسد اليوم نحو 10 ملايين سوري، وتضاعف عدد العلويين، بحيث اقترب من الربع وربما أكثر.
  • في العراق أيضاً حدث انعطاف عقب الاحتلال الأميركي الذي أدى إلى إسقاط صدام حسين، الذي كان مثل أسلافه في الحكم ابن الطائفة السُّنية. وارتفعت نسبة الشيعة المسيطرين في الدولة إلى نحو 65%، وينقسم الباقون بين الأكراد والعرب السُّنة الذين أصبحوا طائفة هامشيةوكثيرون منهم فرّوا إلى الأردن وسورية.
  • في لبنان أيضاً أصبح الشيعة الطائفة الأكبر في الدولة وباتوا يشكلون ثلث عدد السكان، في مقابل المسيحيين الذين فقدوا الأغلبية التي تمتعوا بها ولا يشكلون اليوم إلّا نحو ربع سكان لبنان، وفي مقابل السُّنة والدروز الذين يشكلون هم أيضاً نحو ثلث السكان. غير أن ثمة تحولاً آخر وقع في لبنان خلال الأعوام القليلة الفائتة، إذ إن واحداً من كل ثلاثة لبنانيين (نحو 2 مليون من أصل 6 ملايين) هو لاجئ سوري أو لاجئ فلسطيني الآن.
  • وأخيراً لا بدّ من أن نشير إلى أن الأردن أيضاً الذي كان في الماضي واقعاً تحت وطأة التوتر بين الفلسطينيين الذين شكلوا نحو ثلثي سكانه في مقابل البدو أبناء الضفة الشرقية، بات أكثر من ثلث سكانه الآن (نحو 4 ملايين من أصل 11 مليوناً) لاجئين من العراق أو سورية.
  • ولا شك في أن آثار هذا الواقع في الاستقرار الداخلي في كل هذه الدول واضحة.
  • وكل هذا قبل أن نذكر الزيادة الطبيعية المتسارعة، وفي المقابل تناقُص الثروات الطبيعية بسبب أزمة المناخ التي تحكم على السكان في المنطقة بالخضوع للضائقة والنقص والفقر.
  • وهكذا لم يعد الهلال الخصيب سُنِّياً كما كان على مدى ألف عام، وهو أمر يخدم في الظاهر تطلعات الهيمنة الإيرانية التي تسعى لتعزيز مكانتها في المنطقة بواسطة تأجيج التوترات الطائفية. وما يتبين أن ليس كل ما يحدث في الشرق الأوسط سيرتبط بالضرورة بإسرائيل ونزاعها مع الفلسطينيين.