مع الخبرة التي اكتسبها في سورية، حزب الله يكثّف استخدامه للمسيّرات
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- المسيّرة التابعة لحزب الله، التي أسقطها الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان بعد ظهر يوم الثلاثاء، هي الخامسة التي لاقت هذا المصير خلال عام. لا يقدم الجيش الإسرائيلي تفاصيل تتعلق بكيفية إسقاطه المسيّرات، لكن بالاستناد إلى الاستخدام العسكري للمسيّرات في دول أُخرى، يمكن التقدير أن ما يجري هنا هو مزيج من القتال الإلكتروني، وأحياناً أيضاً عمليات عسكرية اعتراضية.
- استخدام المسيّرات بهدف جمع المعلومات الاستخباراتية، وأحياناً من أجل شن هجمات دقيقة ضد أهداف صغيرة، منتشر اليوم في كل ساحات القتال في المنطقة. ومع الاحتكاك الدائم بين إسرائيل وحزب الله، فإن الحزب الشيعي يستخدم هذه المسيّرات في مهمات تكتيكية، أي جمع معلومات استخباراتية لحاجات تشغيلية. كما يستخدمها لفحص جهوزية الجيش الإسرائيلي على طول الحدود، وقدرته على الرد بسرعة. وهذه الأداة ستُستخدم بصورة واسعة إذا نشبت حرب جديدة على طول الحدود الشمالية.
- في آب /أغسطس الماضي، أسقطت مفرزة الجليل في الفرقة 91 من الجيش، المنتشرة على طول الحدود، مسيّرة تسللت إلى أجواء إسرائيل، وبصورة استثنائية، نجت الصور التي التقطتها المسيّرة خلال تحليقها. وتمكنت الاستخبارات الإسرائيلية، من خلال الصور التي حصلت عليها "هآرتس"، من تحديد مصانع المسيّرات. وعلى ما يبدو، هذا له علاقة بفرقة الرضوان، قوة النخبة الهجومية في حزب الله، والتي تحمل الاسم الحركي لرئيس أركان الحزب عماد مغنية الذي قُتل في عملية اغتيال مشتركة نُسبت إلى إسرائيل والولايات المتحدة في دمشق، في شباط/فبراير 2008.
- في الأعوام الأخيرة، وبعد انتهاء الحرب الأهلية في سورية، أعاد حزب الله أكثرية عناصر فرقة الرضوان من سورية إلى لبنان، ووزعهم على عدد من البلدات في الجنوب اللبناني. أسماء العاملين في وحدة المسيّرات معروفة من إسرائيل. كما ظهرت في الصور صورة جوية لانتشار الجيش الإسرائيلي في منطقة الحدود.
- لقد حقق حزب الله قفزة كبيرة في استخدام المسيّرات. في الأعوام الأخيرة، جرى الكشف في أوقات متقاربة، تقريباً أسبوعياً، لمسيّرات تحلّق من لبنان على طول الحدود مع إسرائيل، وأحياناً تسللت إلى عمق عدة مئات من الأمتار جنوباً.
- المسيّرة هي اليوم منتوج جاهز وفي متناول كل شخص، يجري استيراده بصورة قانونية ويباع في المتاجر في لبنان، كما يمكن طلبه عبر الإنترنت. مصورون محترفون وهواة يستخدمونها لحاجاتهم، وأيضاً الشباب. لكن الجيوش والتنظيمات التي تخوض حرب عصابات ليس لديها صعوبة في تحويلها للقيام بمهمات عسكرية يمكن تنفيذها من خلال منصات أكبر، بحيث تتحول إلى طائرة من دون طيار. أيضاً الجيش الإسرائيلي يستخدم المسيّرات على نطاق واسع في وحداته القتالية، ومن المنتظر أن يكون لها مكان كبير عندما تنتهي خطة "تنوفا" المتعددة السنوات.
- بالنسبة إلى حزب الله، فإنه اعتمد، من بين أمور أُخرى، على عقيدة قتالية منهجية تعلّمها عناصر فرقة الرضوان من القتال، جنباً إلى جنب، مع المدربين الروس والإيرانيين في الحرب الأهلية في سورية. في هذه الحرب، استخدم الطرفان مسيّرات أيضاً ألقت عبوات ناسفة وقنابل يدوية من الجو. محاولات مشابهة قامت بها "حماس"، مؤخراً، ضد قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود مع القطاع. لكن المهمة الأساسية هي جمع معلومات. فمن خلال المسيّرات يطّلع حزب الله جيداً على ما يجري في الجانب الإسرائيلي من الحدود، ويحسّن نوعية استخباراته العملانية في مواجهة أي تصعيد أو حرب مستقبلية.
- الشخص المسؤول عن الموضوع هو الرائد أ. في قيادة "مجموعة الرقابة الجوية اللوائية"، وهي غرفة عمليات تعالج مسيّرات حزب الله في تشكيل الجليل، افتُتحت قبل عام ونصف العام. هناك غرفة عمليات مشابهة تعمل أيضاً في لواء غزة. وبالاستناد إليها، برز استخدام الأعداء الواسع للمسيّرات في سنة 2014، ومنذ ذلك الحين، جرت بلورة الرد العملاني على هذا المجال. في غرفة العمليات المشتركة، يجلس عناصر الرقابة الجوية والاستخبارات والرصد. التركيز على استخدام المسيّرات حسّن أيضاً القدرة على تعقُّبها وتحليل نشاطها، وأخيراً فرص إسقاطها. توجيهات الاعتراض تصدر عن سلاح الجو، والتسلسل القيادي خلال الحادثة ينتهي عند قائد الفرقة، لكن عملياً، تُعطى أهمية عملانية كبيرة إلى الذين يقومون بعملية الاعتراض أنفسهم، لأن القرار يجب أن يُتخذ خلال وقت قصير نسبياً.
- حزب الله، قلما يتطرق إلى المسيّرات في تصريحاته العلنية، حتى عندما يعلن الجيش الإسرائيلي نجاحه في إسقاط مسيّرة بعد تسلُّلها إلى المجال الإسرائيلي. استخدام حزب الله للمسيّرات وتسلُّلها من الحدود مع لبنان هو انتهاك مزدوج للسيادة الإسرائيلية وللقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، والذي يمنع وجود قوات حزب الله جنوبي نهر الليطاني. وفي الواقع، إسرائيل أيضاً تنتهك، طوال أعوام، السيادة اللبنانية بواسطة طائرات استطلاع وتصوير لجمع المعلومات في سماء لبنان. وبحسب وسائل الإعلام العربية، هي تنتهك سيادة لبنان أيضاً عندما تطلق صواريخ من المجال الجوي اللبناني في اتجاه قواعد عسكرية ومنشآت إنتاج سلاح وشاحنات لتهريب السلاح داخل الأراضي السورية.
- في الأسابيع الأخيرة، وقعت سلسلة حوادث على الحدود مع قطاع غزة: فقد أصيب مواطن إسرائيلي بجروح طفيفة بنيران قناص، وتسللت نيران الرشاشات إلى الأراضي الإسرائيلية، كما تحدثت وسائل الإعلام العربية عن إطلاق غير مسبوق لصاروخ مضاد للطائرات من نوع "ستريلا" (أس-آي-7) على طائرة تابعة لسلاح الجو، خلال هجوم إسرائيلي. الهجوم الإسرائيلي هذا هو الذي استهدف منشأة لإنتاج الصواريخ لـ"حماس"، وكان رداً على حادثة غير مسبوقة في تلك الفترة: إطلاق صاروخين من القطاع في يوم السبت الماضي، سقط أحدها في البحر، والثاني على مسافة قريبة من شاطىء بيت يام.
- كعادتها، قدمت "حماس" تفسيرات متعددة للحادثة، من حادث مؤسف نتج من عاصفة رعدية، وصولاً إلى تجربة إطلاق صاروخية فاشلة. نفتالي بينت أعلن أن إسرائيل لن تقبل بعد اليوم تبريرات لمثل هذه الحوادث، وأن "حماس" ستدفع الثمن. عملياً، كان الهجوم محدود الحجم لأن الحكومة الحالية، مثل سابقتها، تريد الامتناع، بقدر المستطاع، من جولة تصعيد إضافية في القطاع.
- مع ذلك، من الصعب تجاهُل تراكُم الحوادث. جزء منها، على ما يبدو، المسؤول عنه الجهاد الإسلامي. وفي الخلفية أيضاً، هناك إضراب عضو التنظيم الأسير هشام أبو هواش عن الطعام، والذي انتهى هذا الأسبوع. وقد ازداد التوتر داخل الجهاد الإسلامي، على خلفية التخوف من وفاة هشام نتيجة الإضراب؛ وأخيراً، وافقت إسرائيل على اقتراح وساطة مصرية لإطلاق سراحه في الشهر المقبل، في مقابل وقف إضرابه. في هذه الأثناء، تبرز أزمة مشابهة، هي إضراب معتقل محكوم بالسجن المؤبد، وهوعضو في حركة "فتح"، عن الطعام.
- يكثف الجهاد الإسلامي نشاطاته، بينما توزع "حماس" تهديدات متتالية ضد إسرائيل. الظروف الحالية لن تؤدي، بالضرورة، إلى عملية عسكرية إضافية في الأسابيع المقبلة، لكن التصعيد يسخر من الآمال التي أعرب عنها الجيش الإسرائيلي بعد عملية "حارس الأسوار" في أيار/مايو الماضي، بأن العمليات العسكرية ضمنت هدوءاً في غزة لعدة أعوام مقبلة. هناك فجوة مفهومة من الصعب جداً ردمها بين توقعات "حماس" فيما يتعلق بعمليات إعادة بناء واسعة النطاق وبين عدم قدرتها على الاتفاق على صفقة الأسرى والمفقودين.
- في وقت ما في الأشهر المقبلة، من المتوقع أن تؤدي خيبة الأمل إلى مواجهة. إسرائيل، مثل السلطة الفلسطينية، قلقة من ازدياد محاولات "حماس" تنفيذ هجمات في الضفة الغربية وإضعاف وضع السلطة. العملية العسكرية الأخيرة بدأت بإطلاق "حماس" صواريخ على القدس، تعاطفاً مع سكان القدس الشرقية الذين كانوا في مواجهة مع إسرائيل. في المرة المقبلة، يمكن أن يكون سبب المواجهة الضفة الغربية، أو تصعيداً جديداً في البلدات المختلطة داخل الخط الأخضر...