إسرائيل والمغرب: إمكانية هائلة مع عدة نجوم
تاريخ المقال
المصدر
- بعد الإعلان الأول لاتفاقات أبراهام في آب/أغسطس 2020، أعلن الرئيس دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي أن دولة إسلامية رابعة – المغرب - ستقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل. وكان الثمن الذي دفعه الأميركيون هو الاعتراف بالصحراء الغربية كجزء من المغرب.
- وعلى الرغم من أن المغرب أرسل قواته لمحاربة إسرائيل في سنة 1967 وسنة 1973، فإنه يصوَّر طوال أعوام كدولة عربية معتدلة في علاقتها بإسرائيل، ولديها اتصالات بها في مجالات متعددة، وخصوصاً في موضوعيْ الأمن والاستخبارات. هذه العلاقة البراغماتية تشبه إلى حد بعيد سلوك الأردن. وبعكس دول عربية كثيرة، فإن علاقة المغاربة بالجالية اليهودية كانت متسامحة للغاية. أكثر من ذلك، تراث اليهود المغاربة معترَف به رسمياً كجزء من الفسيفساء الثقافية للدولة، كما كان المغرب وسيطاً في اتفاق السلام مع مصر.
- وُقِّع اتفاق التطبيع في كانون الأول/ديسمبر 2020، وشمل قراراً بفتح ممثليات دبلوماسية في الرباط وتل أبيب، وتعاوناً اقتصادياً، وأيضاً رحلات طيران مباشرة بين الدولتين. وكانت الدولتان أقامتا علاقات دبلوماسية منذ سنة 1995، لكن المغرب قطعها في إبان الانتفاضة الثانية، وعلى الرغم من ذلك، فإن المغرب سمح للسياح الإسرائيليين بمواصلة زيارته، واستمر جزء من العلاقات الثنائية بعيداً عن الأضواء.
- توقيع اتفاق التطبيع فتح باب التعاون في مجالات كثيرة. فهناك طلبٌ على إسرائيل بسبب إنجازاتها في عدة مجالات: الزراعة، والطبابة، ومعالجة موارد المياه، والاتصالات، والسايبر؛ وفي إمكان المغرب الاستفادة من المعرفة الإسرائيلية في هذه المجالات. ونظراً إلى كون إسرائيل دولة صغيرة، فإنها لا تشكل تهديداً لشركائها في مشاريع من هذا النوع.
- زيارة وزير الدفاع بني غانتس في تشرين الثاني/نوفمبر إلى المغرب فتحت فصلاً جديداً في العلاقات الطويلة بين البلدين. ومن المتوقع أن يتيح توقيع اتفاق التعاون الأمني للدولتين إجراء حوار عسكري متواصل والدفع قدماً بمشتريات أمنية، والتعاون الاستخباراتي. الزيارة بحد ذاتها، التي تركت أصداء داخل المغرب وخارجه، والاتفاق هما دليل على التقدم في العلاقات.
- المغرب مهم في المنظومة الدولية والشرق الأوسطية، وأيضاً في أفريقيا. العائلة المالكة الحاكمة التي تنسب نفسها إلى الرسول محمد، وهذا يمنحها نفوذاً معيناً وسط الدول العربية، والتقارب بين الرباط والقدس يمكن أن يدفع دولاً عربية أُخرى إلى مسار اتفاقات أبراهام.
- المغرب يؤيد شفهياً حل الدولتين، لكن سلوكه يدل على أن القضية الفلسطينية لا تمنع اندماجاً أكبر لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط. وللمغرب العضو في الاتحاد الأفريقي تأثير في الدول الإسلامية الواقعة جنوبي الصحراء، وكل ذلك يمكن أن تستفيد منه إسرائيل في المستقبل القريب.
- يعطي المغرب نفسه دوراً خاصاً في موضوع القدس. وتطوُّر العلاقات به يعطي، عملياً، شرعية للوضع القائم في المدينة، والذي يحافظ على السيطرة الإسرائيلية على الحرم القدسي والقدس الشرقية. ومثل دول إسلامية أُخرى، لا ينظر المغاربة بعين الرضا إلى المبادرات الفلسطينية للسيطرة على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس.
- بالنسبة إلى إيران، شهد المغرب محاولة طهران زعزعة سلالته السُّنية. لذلك، هو شريك لإسرائيل في كبح النفوذ الإيراني في أفريقيا، وفي لجم الأحلام الكبيرة للزعامة السياسية والعسكرية في طهران بوجود بحري في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
- العلاقات مع المغرب تبدو جاهزة لأن تنمو وتترسخ. يجب أن نتذكر أن هذه العلاقات تواجه انتقادات من جانب أوساط دينية متطرفة وقومية في المغرب، وأي تغييرات داخلية يمكن أن تُنهي شهر العسل.
- يجب ألّا ننسى أن عدم الاستقرار يميز دائماً هذه العلاقات. إذا فشلت مساعي إسرائيل في وقف التقدم الإيراني نحو قنبلة نووية، فإن التبدل الكبير لمصلحة إسرائيل في الشرق الأوسط، والذي حدث بعد اتفاقات أبراهام، قد يتبدد. التهديد الإيراني هو جزء من التمسك الاستراتيجي الذي دفع دولاً عربية إلى إقامة علاقات علنية مع إسرائيل. وعدم قيام إسرائيل بعمل ضد هذا التهديد سيؤدي إلى تراجُع إنجازات أبراهام، بما في ذلك العلاقات مع المغرب.