لا بديل من الانفصال عن الفلسطينيين إما بالاتفاق وإما بصورة أحادية الجانب
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • يبلغ عمر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس 86 عاماً، وواضح أنه في أواخر سنوات حكمه، وأنه سيكون هناك تغيير في زعامة السلطة الفلسطينية في المدى الزمني القريب. ويصعب التنبؤ منذ الآن بمن سيكون البديل، لكن تعالوا نفترض أن ذلك الشخص سيميل، بخلاف عباس، إلى اتخاذ قرارات حاسمة. لنفترض أن تلك الشخصية المجهولة ستخرج بالإعلان التالي: "نحن الفلسطينيون يئسنا من إمكان إقامة دولة مستقلة، ولذا سنحلّ مؤسسات السلطة الفلسطينية ونُلقي على إسرائيل المسؤولية الكاملة عن المنطقة في كل الجوانب: جباية الضرائب، إنشاء البنى التحتية، حفظ النظام، الأمن وغيره، ووحدها السلطات المحلية ستبقى على حالها؛ وبالطبع نحن الفلسطينيون نطالب بأن نكون مواطنين متساوي الحقوق في دولة إسرائيل".
  • يمكن القول إن العالم كله سيؤيد هذه الخطوة. كما أن محافل اليمين في إسرائيل ستتنفس الصعداء لمجرد زوال خطر الدولة الفلسطينية. وفي الوقت ذاته سنجد أنفسنا مع 2.7 مليون فلسطيني دفعة واحدة، سيشكلون إلى جانب مواطني إسرائيل العرب 38% من سكان إسرائيل. ومعظم هذه الزيادة ستعيش برواتب أدنى كثيراً من خط الفقر، بموجب المقاييس الإسرائيلية.
  • هل ثمة احتمال أن يعود مثل هذا الانضمام الطوعي بالخير على دولة إسرائيل؟ إذا ما استندنا إلى التجربتين الإقليمية والعالمية فإن احتمال ذلك هو صفر. ولا شك في أن أعواماً طويلة من الضغينة والعنف خلّفت بيوتاً عديدة كان فيها الأب أو الأخ أو الزوج في السجن الإسرائيلي، وتركت رواسب لا نهاية لها من المهانة والخوف، وكلها لن تجلب الخير. والمسألة هنا ليست مسألة "مَن المحق؟" بل ثمة حدث بشري طويل الأعوام ظل الفلسطيني فيه مقموعاً والإسرائيلي قامعاً، واحتمال أن يولد دمج الطرفين مستقبلاً أفضل يبدو غير معقول بتاتاً.
  • على مدى أعوام عديدة ألقيت محاضرات عن الأمن القومي شدّدت فيها على أن العنصر الأول في الأمن القومي لكل أمة هو "التكتل القومي". وهذا التكتل منوط بالعلاقة القائمة بين القوى المفككة والقوى المكتلة في صفوف الجمهور ذي الصلة. فأي احتمال لنا كأمة إذا كان 38% من مواطني إسرائيل عرباً، أو سيكون 47% منهم عرباً، إذا ما ضممنا قطاع غزة أيضاً إلى دولة إسرائيل كما يطالب اليمين المتطرف المسياني في البلد؟
  • إن الأمر المثير للدهشة في هذا النقاش هو الفجوة الموجودة بين المواقف السياسية والواقع اليومي لمعظم السكان الإسرائيليين. فمعظم الجمهور الإسرائيلي يمتنع من المرور عبر مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وغير معني بما يحدث خلف الجدار الفاصل، وحتى القدس الشرقية تُعد منطقة غير معروفة بالنسبة إليه. من ناحية معظم الجمهور الإسرائيلي، إن ضم ملايين الفلسطينيين إلينا هو ببساطة كابوس لا يمكن قبول وجوده، لكن من ناحية نمط التصويت السياسي في أوساط الجمهور اليهودي في معظمه، والذي يمثله 110 أعضاء كنيست، فإن 72 مقعداً أُعطيَت للأحزاب المؤيدة للضم (بما في ذلك أحزاب اليهود الحريديم)، و25 مقعداً أعطيت لأحزاب موقفها السياسي غير واضح ("يوجد مستقبل" وأزرق أبيض)، و13 مقعداً فقط أُعطيَت للأحزاب التي تتبنى صراحة مقاربة الانفصال عن الفلسطينيين (العمل وميرتس). إن المعسكر الذي يسمي نفسه "المعسكر القومي" هو عملياً معسكر مناهض للقومية والوطنية يؤمن ضمناً بالقدرة على دمج شعبين معاً بحجم سكاني شبه متشابه في إطار كيان وطني مستقر على مدى الزمن، وبخلاف مطلق لما علّمتنا ولا تزال تعلّمنا إياه الأحداث في منطقتنا.
  • أما المعسكر الآخذ بالتقلّص، والذي كان يُسمى في الماضي معسكر السلام وتعرّض لحملة نزع شرعية صارمة ومستمرة، فهو عملياً المعسكر الوطني الحقيقي. وفي رأيي، عضو الكنيست غابي لاسكي [ميرتس] أكثر صهيونية من عضو الكنيست إيتمار بن غفير ["قوة يهودية"]، وعضو الكنيست ميراف ميخائيلي [العمل] أكثر صهيونية من عضو الكنيست دودي أمسالم [الليكود]، وعضو الكنيست موشيه راز [ميرتس] أكثر صهيونية من عضو الكنيست غاليت ديستل – أتبريان [الليكود]. هذا هو وقت العودة إلى المصادر. إن المعسكر الوطني الحقيقي هو المعسكر المؤيد للرؤيا الصهيونية الأصلية: وطن قومي للشعب اليهودي – دولة حرة وديمقراطية. إن تحقيق هذه الرؤيا يستوجب الانفصال عن الفلسطينيين. وهذا الانفصال من الأفضل أن يكون في إطار اتفاق إقليمي أو في إطار مفاوضات مباشرة. لكن إذا لم ينجح هذان الأمران فعلينا أخذ مصيرنا بأيدينا والانفصال بصورة أحادية الجانب عن الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن. إن الانفصال هو الصهيونية.