صورة الخسارة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • صورة قصف مبنى الجزيرة في غزة لا تزال ماثلة في الأذهان. في 15 أيار/ مايو، وخلال عملية "حارس الأسوار"، قصف الجيش الإسرائيلي ودمر رمزاً من رموز المدينة، المبنى الذي يضم مكاتب وكالة الأنباء الأسوشيتدبرس والجزيرة ووسائل إعلامية أجنبية أُخرى.
  • بطبيعة الحال، وبحسب القانون الدولي، العالم الذي شاهد الصور في بث حي شعر بالصدمة. رئيس ومدير عام الأسوشيتدبرس قال إنه "مصدوم ويشعر بالهلع لأن الجيش الإسرائيلي دمر مبنى يوجد فيه موظفون من وكالته ووكالات إخبارية أُخرى في غزة". الإدارة الأميركية بعثت برسالة إلى إسرائيل جاء فيها أن "عليها ضمان أمن الصحافيين ووسائل الإعلام المستقلة"، وطلبت منها تبريراً للعملية. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن "القصف العشوائي لمنشآت إعلامية هو انتهاك للقانون الدولي."
  • ردُّ الجيش الإسرائيلي كان بارداً بروداً قاتلاً. فقد أوضح الناطق بلسان الجيش أنه كان يوجد في المبنى أرصدة استخباراتية عسكرية تابعة لـ"حماس"، وأن الحركة "تستخدم مكاتب وسائل الإعلام الأجنبية كدروع بشرية." الرسالة واضحة، بنك الأهداف لدى الجيش الإسرائيلي لا يتوقف عند الضوء الأحمر، وإذا كان هناك مشكلة لأحد مع تدمير الجيش الإسرائيلي مكاتب إعلامية أجنبية في قلب المدينة، فعليه أن يتوجه إلى "حماس" التي تضع، عن قصد، أرصدتها العسكرية في وسط السكان المدنيين في قطاع غزة.
  • لكن عُلِم أمس بأن الجيش الإسرائيلي اكتشف أن المبنى كانت توجد فيه وكالات أنباء أجنبية فقط، وذلك بعد أن بدأ بإجلاء الموظفين عنه، في إطار التحذير الذي يستخدمه الجيش قبل القصف. أي أن الجيش أدرك أن ما سيُقدم عليه هو فقط ضد صحافيين أجانب جرى تحذيرهم وإجلاؤهم. والمثير للدهشة أن المعلومات الجديدة التي وصلت من الأرض إلى مكتب رئيس الأركان لم تؤدّ إلى إلغاء القصف. وعلى الرغم من محاولة جهات أمنية منع الهجوم خوفاً من ضرر خطِر سيلحق بالوعي، فإن قيادة الجيش أمرت القوات بمواصلة الهجوم.
  • ما جرى مثير للقلق، ويدل على عمق الإخفاق الأخلاقي. حتى الآن تركزت الانتقادات للقصف على وجهة النظر التي سبقته: كيف قررت إسرائيل مهاجمة هدف لـ"حماس" في مبنى تستخدمه أيضاً وسائل إعلامية أجنبية، وسط السكان المدنيين. اللواء في الاحتياط نيتسان ألون، الذي أجرى التحقيق العسكري في مجال التأثير في الوعي، وصف الهجوم بأنه "مس بالوعي" و"هدف ضد الذات"، لكن يتبين اليوم أن ما جرى هو تقصير في سياسة البدء بفتح النار.
  • حرصُ الجيش الإسرائيلي على تحقيق "صورة نصر" جعله يبتعد عن النصر. مهاجمة وسائل الإعلام هي قبل كل شيء انتهاك للقواعد الدولية، وتدمير للقيم والمؤسسات التي تحدد هوية إسرائيل كدولة ديمقراطية. صورة قصف المبنى هي صورة الخسارة.