مَن هاجم بصاروخ أرض - أرض أراد عدم إحراج بوتين وعدم تعريض القاذفة الأميركية للخطر
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • المكان الذي وقع فيه الهجوم فجر اليوم في سورية هو بلدة الديماس الواقعة على بعد 20 كيلومتراً غربي دمشق على طريق دمشق - بيروت. بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوجد غربي البلدة مخازن تابعة للجيش السوري وحزب الله، تحتوي على سلاح كان من المفترض أن يصل إلى حزب الله في لبنان. من الجهة الثانية تقع البلدة على بعد أقل من 20 كيلومتراً غربي المعبر الحدودي البري الأساسي بين سورية ولبنان بالقرب من جديدة يابوس، ومن هناك تتوجه الطريق نحو سهل البقاع في لبنان، وصولاً إلى العاصمة اللبنانية.
  • هذه التفاصيل مهمة لأن هذه المنطقة الواقعة غربي دمشق هي التي يجري فيها الجزء الأساسي من عمليات تهريب السلاح الآتي من إيران إلى سورية، ومن هناك تنتقل إلى لبنان في شاحنات ومركبات مموّهة عبر الطريق الرئيسي، وإذا كانت الشحنة صغيرة فتُنقَل عبر الطرق الفرعية. تُستخدم هذه المنطقة الجبلية منذ عدة أعوام كممر للتهريب من أجل تعاظُم قوة حزب الله العسكرية.
  • وسائل الإعلام السورية أشارت إلى أن الهجوم جرى بصاروخ أرض - أرض أُطلق من منطقة الجولان. يمكن الافتراض أن هذه المعلومة صحيحة إلى حد ما لسبب بسيط هو أن لدى السوريين والروس في هذه المنطقة منظومة كثيفة جداً من الرادارات وبطاريات الصواريخ أرض - جو المُعدّة لاعتراض الصواريخ. وبالفعل يدّعي السوريون أنهم اعترضوا عدة صواريخ أُطلقت في الماضي في اتجاه المنطقة الجبلية غربي الديماس. الرادارات بالطبع كشفت نوع السلاح ومن أي جهة أُطلق...
  • من دون التطرق إلى هوية المهاجم هذه المرة، من المعروف أن إسرائيل وسلاح الجو الإسرائيلي يفضلان مهاجمة أهداف في سورية خلال ساعات الليل. وأيضاً تُشَن الهجمات عموماً في الأراضي السورية لأن الهجمات على لبنان يمكن أن تشكل ذريعة لحزب الله للقيام بهجمات صاروخية ضد إسرائيل كما هدد زعيم الحزب حسن نصر الله أكثر من مرة...
  • في سورية، إذا لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها فإن الهجمات تمر عموماً من دون رد، وبغض النظر عن المهاجم، سواء كان إسرائيل أم أطرافاً أُخرى. هذا هو سبب عدم إعلان الأميركيين عموماً مسؤوليتهم عندما يهاجمون أهدافاً في الأراضي السورية.
  • الهجوم وقع خلال النهار، وهو ما يدل على أن المهاجم يريد إيقاف الشحنة التي من المفترض أن تصل إلى لبنان بسرعة، وقبل وصولها إلى منطقة الحدود. ومن المحتمل أن تكون المعلومات عن الشحنة وخروجها وصلت قبل وقت قصير من الهجوم، وعلى الرغم من رغبة المهاجم في الامتناع من التسبب بوقوع إصابات، فإنه لم ينتظر مجيء الليل وهاجم خلال النهار.
  • من المحتمل التقدير أيضاً أن الهجوم جرى من خلال صاروخ أرض - أرض كي لا يشكل تحدياً لمنظومة الدفاع الجوي الكثيفة المنشورة حول دمشق. الأمر الذي يمكن أن يُحرج الروس الذين يساعدون السوريين في استخدام هذه البطاريات المضادة للطائرات التي زودوهم بها. استخدام صواريخ أرض - أرض دقيقة وقصيرة المدى نسبياً (بين 70 إلى 300 كيلومتر) يجعل من الصعب جداً على بطاريات الدفاع الجوي السورية التعرف إليها ويحرم منظومة الدفاع الجوي الوقت الذي تحتاج إليه لاعتراض هذه الصواريخ. عندما تقلع طائرة حتى عندما تكون في المجال الإسرائيلي يمكن اكتشافها قبل أن تطلق ذخيرتها، وهذا يعطي منظومة الدفاع الجوي السورية - الروسية وقتاً أطول لاعتراضها.
  • إن نجاح إسرائيل في ضرب أهداف داخل الأراضي السورية، على الرغم من كونها محمية بواسطة منظومة دفاعات جوية جديدة من إنتاج الصناعة العسكرية الروسية، مضر بسمعة الصادرات العسكرية الروسية والصادرات الأمنية الروسية التي تشكل مصدر دخل مهم للاقتصاد الروسي. ومن المعقول أن يكون هذا الموضوع قد طُرح مؤخراً في محادثات بين أطراف روسية وإسرائيلية، وربما في المحادثات بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الحكومة نفتالي بينت. الهجوم بواسطة صاروخ أرض - أرض دقيق وقصير المدى لا يُحرج الروس بالطريقة نفسها.
  • بالإضافة إلى هذا الاعتبار، هناك اعتبار آخر لاستخدام صاروخ أرض - أرض من طرف المهاجم. مؤخراً ذكرت جهات في سلاح الجو الإسرائيلي أن الإيرانيين نجحوا في أن ينقلوا إلى سورية بطاريات صواريخ للدفاع الجوي من إنتاجهم توازي في جودتها الصواريخ الروسية. كما نجح الإيرانيون في أن ينقلوا إلى منظومة الدفاع الجوي السورية أساليب تسمح لها بالرد بسرعة أكبر على الهجمات المنسوبة إلى سلاح الجو الإسرائيلي. من المحتمل أن هذا الاعتبار كان وراء استخدام صاروخ أرض - أرض من طرف المهاجم.
  • هناك على ما يبدو سبب إضافي. فبعد ساعات على الهجوم، أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن قاذفة من سلاح الجو الأميركي من طراز بي-1 مرت في أجواء إسرائيل وتوجهت شرقاً نحو المحيط الفارسي، ورافقتها طائرات حربية إسرائيلية من طراز أف-15. وعلى ما يبدو كانت الطائرة الأميركية في الأجواء الإسرائيلية في الوقت الذي وقع فيه الهجوم في سورية، والذي ينسبه النظام في دمشق إلى إسرائيل.
  • من المفترض أن يكون إرسال القاذفة الأميركية إلى الشرق الأوسط من طرف الإدارة الأميركية إشارة تحذير إلى إيران كي تمتنع من المناورة وتأجيل مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي. خلال ولاية دونالد ترامب أُرسلت عدة مرات قاذفات حربية أميركية من الولايات المتحدة إلى الخليج الفارسي كإشارة تحذير للإيرانيين من عواقب عمليات ضد الولايات المتحدة وجنودها في الشرق الأوسط، وضد الاستمرار في تخصيب اليورانيوم الذي تقوم به إيران.
  • بالاستناد إلى القادمين من سورية، من السابق لأوانه تقدير ما الذي تعرّض للهجوم بالضبط وما إذا كانت الضربة دقيقة. لكن من الممكن التقدير أن الهدف كان عتاداً من أجل مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، أو بطاريات صواريخ أرض – جو شديدة السرعة تحاول إيران إيصالها إلى حزب الله. في كل الأحوال، من الواضح أن هناك مَن أراد منع وصول ذخيرة ووسائل قتالية إلى حزب الله، وعلى ما يبدو نجح في ذلك، على الأقل جزئياً.

 

 

المزيد ضمن العدد 3666