سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية حيال إيران تُعدّ بمثابة استمرار لسياسة عهد بنيامين نتنياهو
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • طالعنا مؤخراً في صدر الصفحة الأولى من صحيفة "هآرتس" نبأ يبشربأن "إسرائيل حددت هدفاً جديداً في إيران" هو جودة حياة الطبقة العليا، وذلك نقلاً عن مصدر سياسي رفيع المستوى. وارتبط النبأ بأنباء عن هجمة سيبرانية ضربت كل محطات الوقود في إيران، ونُسبت إلى إسرائيل بحق أو بغير حق لا أدري. ووفقاً لمنطق المصدر السياسي نفسه، فإن الطوابير على الوقود ستدفع تلك الطبقة من السكان إلى الضغط على النظام كي يتراجع عن البرنامج النووي، وهكذا يأتي الخلاص لصهيون.
  • لم يحظَ النبأ بأي صدى جماهيري نظراً إلى حقيقة أنه ليس هناك أي نقاش حقيقي حين يصل الأمر إلى إيران. لكن لا بد من ملاحظة أن في مجرد هذا النبأ كل عناصر السخافة الإسرائيلية المتواصلة حيال الموضوع الإيراني، وحيال المواضيع الأمنية عموماً، وفي مقدمها نزعة القوة تحت غطاء الحكمة والذكاء، والتبجح بأنه "مسموح لنا" بأن نفعل كل ما نشاء، وغرور الإدمان على عمليات تكتيكية وابتكارات تكنولوجية، في حين أن الوضع الاستراتيجي آخذ بالتدهور. بهذا المفهوم تبدو الحكومة الإسرائيلية الحالية أنها استمرار لعهد بنيامين نتنياهو، والنتيجة واضحة: إيران هي التي ستقرر إذا ما ستعود إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة التي تكاد أن تستجديها للعودة والحديث ومتى، وإيران هي التي ستقرر ما إذا ستكون لها قنبلة نووية ومتى، ولا شك في أن هذه القنبلة ستكون بمثابة تهديد وجودي لإسرائيل.
  • دعونا نبدأ من انعدام الجدوى. لماذا يفترض أحد ما بأنه سيكون هناك "ضغط من الطبقة العليا"؟ فالجمهور الإسرائيلي لا يقل دلالاً عن النخبة الإيرانية، لكن إذا ما شلّت أي عملية سايبر ذكية من إيرانيين أو فلسطينيين آلة قهوة في شمالي تل أبيب فهل سيكون هناك احتجاج ضد سياسة إسرائيل في المناطق [المحتلة]؟ أعتقد أن مثل هذا النوع من الضغط الذي يتماثل علناً مع جهة خارجية معادية يدفع الناس إلى التكاتف معاً، وخصوصاً في إيران، الدولة ذات الإحساس التاريخي والعزة الوطنية وذات النظام ذي العينين المفتوحتين واليد الثقيلة. إن عقوبات [الرئيس الأميركي السابق] دونالد ترامب لم تُخضع إيران فلماذا يعتقد أحد ما أن طوابير الوقود ستفعل هذا؟
  • لنواصل التبجح: أي دولة أُخرى في العالم تسمح لنفسها بسلوك كهذا، بل وتتباهى به في تسريبات إلى الصحافة؟ تلك الدولة التي تهاجم كل مَن تريده في أرجاء الشرق الأوسط باسم التهديد الوجودي لها (وكل شيء عندنا نعتبره تهديداً وجودياً)، بل إن لهذا اسماً لامعاً - المعركة بين الحروب. أنا مع استخدام القوة عند الحاجة، لكن أمراً كهذا لا يحقق شيئاً بهذه الطريقة، بل يعطي أعداءنا الرخصة للرد بقوة بل والتقدم نحو إنجاز حقيقي تماماً مثلما حدث في أثناء عملية "حارس الأسوار" التي سجلت فيها حركة "حماس" نجاحات هائلة على صعيدي السياسة والوعي في حين أننا قمنا بإسقاط مبانٍ وأبراج، واهمين أنفسنا بأن هذا يوجِد "خريطة ألم".
  • هذا ما يحدث أيضاً في الموضوع الإيراني: نتباهى بهجمات جوية، وبالسايبر وعمليات التصفية، وفي هذه الأثناء يتموضع الإيرانيون في سورية من خلال مساعدات مدنية وعقد مزيد من الارتباطات، ويعقدون اتفاقيات مع الصين وروسيا لتخفيف حدة ضرر العقوبات، ويقتربون حتى من أعدائهم الألداء في السعودية، ويسيرون نحو النووي، بينما يبدو أن إسرائيل أصبحت غير ذات صلة.
  • لا شك في أن إيران نووية تُعَد تهديداً غير مسبوق لإسرائيل، سواء لأننا "دولة يمكن القضاء عليها بقنبلة واحدة"، على حد قول الرئيس الإيراني السابق رافسنجاني، أو لأن هذا سيغيّر وجه منطقة الشرق الأوسط. وينبغي عمل كل شيء كي لا يحدث هذا. لكن في الوقت عينه ينبغي القول إنه بعد أعوام من العمل السري والعمل السياسي العاقل من وراء الكواليس، ومن التبجُّح الإسرائيلي في الأعوام الأخيرة، ومن انعدام التفكير (كما في الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من الاتفاق النووي)، والإدمان على ابتكارات ذات نزعة قوة، فإن كل ذلك يساعد إيران على الاقتراب من القنبلة.
  • ولعل هناك تفسيراً آخر كانت بدايته في عهد نتنياهو ويتواصل في العهد الحالي، وفحواه أن كل شيء مُعدّ للاستهلاك الداخلي. فلقد امتطى نتنياهو حصان الترهيب الإيراني على مدى عهده كله. ومنذ تسلُّم نفتالي بينت مهمات منصبه كرئيس للحكومة وهو ينثر أقوالاً بأن الجيش في واقع الأمر لم يكن جاهزاً لهجوم إيران (وهو بالطبع سيُعده وسيكون جاهزاً للهجوم)، وفي هذا الجانب تأتي تسريبات عن طرق عمل جديدة ولامعة. ومع كل يوم تتواصل فيه هذه السخافة قد تكون إيران تواقة فعلاً إلى الوقود، لكنها تواصل التقدّم الحثيث نحو أهدافها.
 

المزيد ضمن العدد 3666