بدأت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ التابعة للجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية أمس (الأحد) تدريباً ضخماً هو الأول من نوعه سيستمر لمدة أسبوع ويحاكي حرباً واسعة النطاق مع حزب الله بالتزامن مع حدوث اضطرابات داخلية في إسرائيل.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى إن التدريب يهدف أساساً إلى معرفة مدى استفادة منظومات الاستجابة للطوارئ في إسرائيل، أي الجيش والشرطة وإدارة الإطفاء وخدمات الطوارئ الطبية، من دروس أيار/مايو الماضي، الذي شهد إطلاق كميات كبيرة من الصواريخ في اتجاه إسرائيل من طرف الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على مدار 11 يوماً في إبان شن عملية "حارس الأسوار" العسكرية بموازاة وقوع اضطرابات كبيرة في المدن المختلطة في جميع أنحاء البلد.
وقال رئيس هيئة أركان قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي العميد إيتسيك بار في حديث مع الصحافيين قبل التدريب: "سنختبر ما تعلمناه واختبرناه على مستويات لم نتوقعها فيما يتعلق بالجبهة الداخلية".
وعلى عكس ما حدث في أيار/مايو الفائت عندما خاضت إسرائيل حرباً ضد حركة "حماس"، فإن التدريب الحالي سيحاكي مواجهة في لبنان وسورية مع حزب الله الأكثر قوة، والذي يمتلك 100.000 صاروخ وقذيفة ذات أبعاد متعددة، بالإضافة إلى كمية قليلة، لكنْ مهمة، من الصواريخ الدقيقة التوجيه، والتي قد تكون مشكلة رئيسية محتملة لإسرائيل. ويقدّر بعض المسؤولين العسكريين بأنها ثاني أخطر تهديد يواجه إسرائيل بعد السلاح النووي الإيراني.
وستحاكي المناورات التي ستجري في أثناء التدريب نتائج إطلاق وابل هائل من الصواريخ في اتجاه إسرائيل، بالاستناد إلى توقعات استخباراتية عسكرية فعلية، بما في ذلك هجمات أسلحة كيميائية وإصابات مباشرة في منشآت تخزين مواد كيميائية سامة داخل إسرائيل ومستشفيات مكتظة وانقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلد كافة.
وقال مدير الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ العميد احتياط يورام لوردو للصحافيين: "لدينا وثيقة يمكن أن نشير إليها بشأن كيف ستبدو حرب متعددة الجبهات من حيث نطاقها وأهميتها. لذا فإن السيناريو الخاص بنا يعطينا درجة من الدقة بشأن الأحداث المحتملة، وكيف يمكننا توجيه التمرين وصقله حتى يكون فعالاً حقاً". وأضاف: "إن بعض الجوانب التي سنقوم بمحاكاتها في التدريب هي استخدام العدو لمواد مشوشة ومخدرة، وسنتحقق من ذلك خلال التدريب، ولا سيما القدرة على التعرف إليها، مع التركيز على إعطاء تعليمات واضحة ومركزة تنقذ أرواح السكان المدنيين".
وتشارك جميع الوزارات الحكومية وخدمات الطوارئ في التدريب، بما في ذلك الشرطة الإسرائيلية وخدمات الإطفاء والإنقاذ ونجمة داود الحمراء لخدمات الإسعاف وغيرها.
وقال العميد بار: "إن ما يشغلني بصفتي رئيس هيئة أركان قيادة الجبهة الداخلية أولاً هي مسألة الذخيرة الموجهة بدقة وتأثيرها في قدرتنا على العمل في كل ما يتعلق بالإنذارات بشأن نيران مقبلة. وثانياً، معدل إطلاق النار وقدرة حزب الله على شنّ قصف صاروخي هائل حقاً على مناطق جغرافية محددة، وتوجيه نيران نحو البلدات القريبة من الحدود. كما أننا نريد أن نرى كيفية تطبيق الدروس المستفادة من عملية ’حارس الأسوار’".
وفي إطار التدريب ستحاكي الوحدة الذرية والبيولوجية والكيميائية التابعة لقيادة الجبهة الداخلية في الجيش الردود على أي من الهجمات بالأسلحة الكيميائية على طول الحدود، وكذلك عمليات الانسكاب الكيميائية السامة من الصواريخ التي تضرب المصانع الإسرائيلية. وسيقوم أفراد عسكريون ومدنيون بمحاكاة عملية إخلاء جماعي للبلدات الشمالية رداً على إطلاق الصواريخ. وستعمل المستشفيات في شمال إسرائيل أيضاً على محاكاة تدفُّق أعداد كبيرة من الإصابات، وهو ما سيتطلب إرسال المرضى إلى مرافق في وسط البلد بواسطة سيارات إسعاف أو مروحيات. وسيُجري الجيش عدداً من اختبارات الغارات الجوية على وجه التحديد في أجزاء من البلد تم إجراء تغييرات مؤخراً في طريقة تلقّي التحذيرات الواردة فيها. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في محاولة لجعل نظام الإنذار المبكر أكثر فعالية، قام الجيش الإسرائيلي بتقسيم بعض المدن إلى مناطق تنبيه متعددة مع إطلاق صفارات إنذار، فقط في المناطق التي يقع فيها موقع الإصابة المقدّر.
وبالإضافة إلى الرد على الهجمات من خارج إسرائيل ستحاكي خدمات الطوارئ أيضاً وقوع اضطرابات في الداخل، وسيخصَّص اليوم الأول من التمرين لشرطة إسرائيل.
وستكون هذه هي أول مرة تقود فيها الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ تدريبات قطرية بالاشتراك مع قيادة الجبهة الداخلية في الجيش. وأُقيمت هذه الهيئة سنة 2007 في إثر حرب لبنان الثانية التي اندلعت سنة 2006، وكان الهدف منها العمل كهيئة رقابية لمختلف منظومات الاستجابة للطوارئ في البلد وتوجيهها في أوقات الأزمات.