الهجوم بالمسيّرات على قاعدة أميركية في سورية هو رسالة إلى إسرائيل
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • الهجوم الذي حدث هذه الليلة على قاعدة التنف في منطقة المثلث الحدودي سورية – الأردن - العراق (داخل الأراضي السورية) يرمز إلى التشدد في سياسة فيلق القدس الإيراني في سورية، وربما الغرض منه أيضاً الضغط على واشنطن بشأن المحادثات والعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران...
  • العملية المباشرة ضد قاعدة تعود إلى التحالف الغربي في سورية، وكانت تُستخدم في الأساس لمحاربة داعش، تُظهر أن الحرب الدائرة على الأرض السورية بين الأطراف المختلفة قد تغيرت في الفترة الأخيرة، بما في ذلك أنماط العمليات التي تنسبها وسائل إعلام أجنبية إلى إسرائيل في إطار المعركة بين الحروب في سورية.
  • المعروف أن الأميركيين أقاموا هذه القاعدة على الأراضي السورية في إطار الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية - داعش. والمقصود قاعدة صغيرة يتواجد فيها نحو 400 عسكري ومدني أميركي وبعض العناصر من الاستخبارات البريطانية والفرنسية الذين يعملون على جمع المعلومات عن داعش في سورية والعراق بصورة خاصة.
  • روسيا ونظام الأسد يعارضان الوجود الأميركي في قاعدة على الأراضي السورية، الأمر الذي يضر بمساعيهما لإعادة سورية إلى السيطرة الكاملة لنظام الأسد. المتضررون في الهجوم غير المسبوق على التنف هم الأميركيون، ويمكن الافتراض أن الرد الأميركي لن يتأخر.
  • كانت قاعدة التنف تشكل موقعاً متقدماً للتحالف الغربي ضد داعش، وتحولت بعد هزيمتها إلى العمل على جمع معلومات استخباراتية وعملانية، وخصوصاً ضد الميليشيات الشيعية التي استقدمها الحرس الثوري الإيراني إلى سورية. هذه الميليشيات بدأت بالتمركز في منطقة البوكمال على مسافة 300 كيلومتر شمال-شرقي التنف، في المكان الذي يعبر فيه نهر الفرات الحدود السورية-العراقية وتوجد فيه المعابر الحدودية الأساسية التي تُستخدم كممر بري أقامته إيران من طهران، مروراً بالعراق والصحراء الشرقية السورية، وصولاً إلى لبنان.
  • ... حتى الآن بقيت قاعدة التنف خارج اللعبة، سواء لأن القوات الأميركية الموجودة فيها عملت في الأساس على جمع المعلومات الاستخباراتية ومحاربة فلول داعش التي بقيت في المنطقة، أم لأنها بعيدة عن قواعد الميليشيات الشيعية التي أقامتها طهران...
  • هذه الليلة كانت المرة الأولى التي تهاجم فيها القاعدة. السبب على ما يبدو الهجمات التي شُنّت في الأشهر الأخيرة ضد قواعد الميليشيات الشيعية في دير الزور والمعبر الحدودي بين العراق وسورية في البوكمال، والتي تدعّي وسائل الإعلام السورية أن إسرائيل نفّذتها من المجال الجوي لقاعدة التنف. وقد أدت هذه الهجمات، بحسب وسائل الإعلام السورية، وكذلك مصادر المعارضة السورية، إلى سقوط قتلى وجرحى بين عناصر الميليشيات ووسط الجنود السوريين أيضاً.
  • ... في المحصلة، يبلغ عدد الهجمات التي يقال إنها نُفِّذت انطلاقاً من المجال الجوي لقاعدة التنف 4 هجمات على نحو ستة أهداف في الأراضي السورية، بينها منشآت تابعة للميليشيات الإيرانية في مطار تي-4، وقاعدة للميليشيات في دير الزور، ومهاجمة بطاريات دفاع جوي سورية قُتل خلالها عناصر من الجيش السوري، بحسب التلفزيون السوري.
  • إذا كان فعلاً سلاح الجو الإسرائيلي أو قوات إسرائيلية خاصة هما اللذان هاجما، انطلاقاً من قاعدة التنف، بطاريات دفاع جوي سورية وميليشيات موالية لإيران في سورية، فيمكن التقدير أن هذا الأمر حدث لاعتبارات تعود إلى إسرائيل. أولاً، لأن الدفاعات الجوية السورية في منطقة الصحراء الشرقية السورية قليلة جداً وبطارياتها قديمة من صنع روسي، والسلاح الموجود قديم ولا يشكل تهديداً جدياً لطائرات حديثة تهاجم المكان.
  • يمكن الافتراض أيضاً أن البطاريات القليلة المضادة للطائرات التي كانت موجودة بالقرب من مدينة تدمر جرى إسكاتها عندما هاجمت الطائرات المجهولة القواعد الإيرانية في المنطقة. في الماضي نُفّذت الهجمات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل في الأساس من اتجاه لبنان والبحر المتوسط أو من الأراضي الإسرائيلية، وكان على هذه الطائرات وصواريخ جو - أرض التي أُطلقت منها التغلب على مضادات جديدة للدفاع الجوي كثيفة جداً وكلها من إنتاج روسي وهي موزعة في وسط وغرب سورية، وفي الأساس حول دمشق...
  • من المحتمل أن يكون للهجوم سبب سياسي آخر، الهجمات التي نُسبت إلى إسرائيل في وسائل الإعلام العربية والدولية في سورية أحرجت الروس كثيراً، لأن منظومة دفاعهم الجوي التي زودوا سورية بها لم تنجح في وقف هذه الهجمات ومنع الدمار الذي تتسبب به.
  • الجنرالات الروس الموجودون في سورية ادّعوا أكثر من مرة أن بطاريات الدفاع الجوي من إنتاج روسي كبحت الهجمات الجوية الإسرائيلية واعترضت الصواريخ التي أطلقتها هذه الطائرات... وفي المرات الأخيرة عندما شنت طائرات مجهولة هجوماً وانطلقت من اتجاه التنف ادّعى جنرال روسي في سورية أن بطاريات الدفاع الجوي في المنطقة لم تشغّل البتة، خوفاً من ضرب طائرتين مدنيتين كانتا في المنطقة في منتصف تشرين الأول/أكتوبر.
  • ... يبدو أن الإيرانيين فهموا الوضع جيداً، لكن بخلاف الماضي قرروا مهاجمة قاعدة التنف بالمسيّرات كما فعلوا قبل عامين في السعودية. وربما الهجوم بحد ذاته يلمّح إلى تشدد الخط الإيراني والاستعداد للدخول في مواجهة مع الأميركيين على الأراضي السورية، الأمر الذي امتنعت طهران من القيام به في الماضي، وفقط الميليشيات العراقية التي تعمل بالوكالة عنهم تجرأت على القيام بذلك في الأراضي العراقية. السؤال المطروح: كيف سيكون الرد الأميركي على التصعيد الإيراني؟ يتعين علينا الانتباه إلى أن الهجوم على التنف جاء رداً على هجمات جوية نُسبت إلى إسرائيل، وليس إلى الأميركيين أنفسهم.