بادرة إسرائيل إلى تسوية تسجيل الفلسطينيين تذكّر بعمق السيطرة عليهم
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- إعلان منسق الأنشطة في المناطق أمس منح الهوية الفلسطينية لـ1200 شخص يعيشون في الضفة الغربية وفي غزة منذ أعوام عديدة أثارت القلق والبلبلة وسط الذين لهم علاقة بالأمر - بينهم نشطاء من حركة "لم شمل العائلات - حقي"، التي أدت احتجاجاتها في الأعوام الأخيرة إلى طرح موضوع الهوية على طاولة التنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. يقدّر نشطاء أن عدد الذين ينتظرون الحصول على هوية هو أكبر بكثير. يكشف التحقيق الذي قامت به "هآرتس" أن الذين ينتظرون مع عائلاتهم لديهم سبب يدعو إلى القلق وخيبة الأمل.
- في نهاية آب/أغسطس اجتمع وزير الدفاع بني غانتس برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ووزير الشؤون المدنية حسن الشيخ. بعد الاجتماع أعلنت وزارة الدفاع بادرة لتسوية وضع الإقامة الفلسطينية من دون أن يحدَّد العدد الدقيق رسمياً. ومن خلال الأحاديث مع موظفي الوزارة الفلسطينية للشؤون المدنية فهِم النشطاء أن عدد الذين سيحصلون على هوية هو نحو 5000، وأن الأمر سيجري على دفعتين. لكن يتضح أن العدد أقل بكثير.
- مصدر إسرائيلي قال أمس لـ"هآرتس" إنه لا يعرف من أين جاء الرقم 5000، وأن ما يجري الحديث عنه الآن هو فقط 4000 شخص قرر المستوى السياسي الإسرائيلي تسوية أوضاعهم والسماح لوزارة الداخلية الفلسطينية بمنحهم بطاقات هوية فلسطينية، أو تحديث هوياتهم.
- من مجموع 4000 شخص جرى الإعلان عنهم أمس، هناك 2800 سمحت إسرائيل الآن للسلطة الفلسطينية بتغيير عناوين إقاماتهم في الهوية، هؤلاء من مواليد غزة، يحملون الهوية الفلسطينية ويعيشون في الضفة الغربية منذ أكثر من 15 عاماً. حتى الآن لم توافق إسرائيل على تغيير عناوينهم، وهو ما فرض قيوداً على حركتهم داخل الضفة الغربية.
- ... مصدر أمني قال للصحيفة إنه لا يعرف ما هو العدد الإجمالي للأشخاص الذين قدموا طلبات "لم شمل العائلات" إلى السلطة الفلسطينية، والذي تُمنح الهوية على أساسه. وأضاف المصدر: "الملفات لا تصل يومياً من الوزارة الفلسطينية للشؤون المدنية إلى الإدارة المدنية لفحصها مسبقاً. وفي جلسات التنسيق التي تُعقد يومياً بين الطرفين، يحمل الطرف الفلسطيني الملفات والطلبات ويقترح الموافقة عليها، فيجري فحص الطلبات المطابقة للمعايير المطلوبة."
- ... إعلان الموافقة أمس على منح الهوية وتغيير العنوان يدل مرة أُخرى على عمق سيطرة إسرائيل على الحياة المدنية للفلسطينيين. بعد مرور 28 عاماً على توقيع اتفاق المبادىء، وبعد مرور 22 عاماً على ما كان يجب أن يكون "مرحلة موقتة"، لا تزال إسرائيل تسيطر على السجل السكني الفلسطيني وتحدد لوزارة الداخلية الفلسطينية عدد الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على بطاقة هوية (باستثناء الذين يولدون في الضفة ويسجَّلون فور ولادتهم)، ومتى يحصلون عليها.
- إعلان الأمس يذكّر أيضاً بمدى تلاعُب إسرائيل بالاتفاق الموقت منذ 26 عاماً، والذي تعتبره صالحاً عندما تشاء، مثلاً في مسائل التنسيق الأمني، أو في منع السلطة الفلسطينية من التخطيط والتطوير والبناء في المنطقة ج. وعندما تشاء يمكنها الاستخفاف ببنود تضمّنها الاتفاق، مثل البند الذي يفرض التنسيق مع السلطة الفلسطينية بشأن منح الهوية لنحو 4000 شخص سنوياً ضمن إطار "لم شمل العائلات"، البند الذي جرى تجميده في سنة 2000، أو مثلاً البند في الاتفاق الذي يمنح وزارة الداخلية الفلسطينية صلاحية أن تحدّث في قاعدة بياناتها العناوين في بطاقات الهوية، وإعلام إسرائيل فقط بالتغيير.
- من حيث المبدأ، وبحسب فهم الفلسطينيين، مَن ينتقل من غزة إلى رام الله هو مثل الذي ينتقل من نابلس إلى جنين ورام الله، الأمر يعود إلى رغبة السكان - مثلما من حق المواطن الإسرائيلي أن يقرر الانتقال من نهاريا إلى رامات غان. لكن بعد وقت قصير من قيام السلطة الفلسطينية وترسيخها في مدن الضفة الغربية في سنة 1996 - وقبل وقت قصير من الانتفاضة الثانية وصعود "حماس" - أوضحت إسرائيل أن الانتقال من غزة إلى الضفة وتغيير العنوان رسمياً على بطاقة الهوية يجب أن يجري فقط بموافقة إسرائيلية. هذه الموافقة تُعطى بعد مناشدات كثيرة وسنوات انتظار طويلة لا يستطيع السكان خلالها التنقل بحرية خوفاً من الترحيل. اليوم تمنع إسرائيل منعاً باتاً الفلسطينيين في غزة من الانتقال للسكن في الضفة الغربية.
الكلمات المفتاحية