حنفية الغاز والوقود إلى لبنان موجودة في إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • محطتان كبيرتان لتوليد الطاقة في لبنان توقفتا عن العمل في نهاية الأسبوع، فغرق لبنان في عتمة قد تستمر عدة أيام. هذا لم يشكل مفاجأة كبيرة، إذ سبق أن حذّر وزراء وخبراء في الشهر الماضي من أنه إذا لم يتم العثور على مصدر تمويل فوري للمحروقات، أو للحصول عليها مجاناً، فإن الظلمة الكاملة في لبنان هي مسألة أيام فقط...
  • الدولتان الوحيدتان اللتان تزودان لبنان بالوقود هما إيران وروسيا. في أيلول/سبتمبر رست في مرفأ بانياس ناقلتا نفط وصلتا من إيران، وقبل أسبوع وصلت ناقلة أُخرى أفرغت حمولتها في المرفأ، ومن المتوقع أن تصل إلى لبنان عبر المرافئ غير الشرعية. كميات النفط التي تصل من إيران غير كافية لإحياء شبكة الكهرباء اللبنانية، ولا المخزون الضئيل لدى الجيش اللبناني، والذي سيضعه في تصرّف شركة الكهرباء من أجل تشغيل محطات الطاقة.
  • انتقال النفط من إيران إلى سورية هو خرق لنظامين من العقوبات. الأول هو المفروض على إيران، والذي يمنعها من تسويق النفط؛ والثاني هو الذي فرضه دونالد ترامب على سورية في سنة 2019، والذي يمنع إجراء صفقات مع النظام السوري، وهذا يشمل انتقال النفط من سورية إلى لبنان، أو إلى أي دولة أُخرى. بيْد أن الرئيس جو بايدن وإدارته لا يزالان يتمسكان بهذه العقوبات على الرغم من خرقها. السبب المعلن هو الجانب الإنساني لتزويد لبنان بالنفط، إذ لا ترغب واشنطن في الظهور بمظهر المعطل لعمل المستشفيات والعيادات ومؤسسات حيوية أُخرى في لبنان، إذا منعت ناقلات النفط الإيرانية بالقوة.
  • لكن الإدارة الأميركية تنسج في الأسابيع الأخيرة مشروعاً ضخماً هدفه نقل الغاز والكهرباء بصورة منتظمة وعلنية من مصر والأردن إلى لبنان. يوم الأربعاء الماضي اجتمع في عمّان ممثلون للبنان وسورية ومصر والبنك الدولي لتوقيع اتفاق إطار للتزود بالغاز المصري والكهرباء من الأردن بواسطة أنبوب غاز يمر من مصر عبر الأردن وسورية، وصولاً إلى لبنان، وسيقوم الأردن بربط شبكته الكهربائية بالشبكة اللبنانية عبر سورية.
  • هذا الحل ليس حلاً فورياً، وسيستغرق تنفيذه عدة أسابيع، وربما أشهر، لكن المشروع يطرح تساؤليْن. نقل الكهرباء والغاز عبر أنبوب يمر في سورية، ومنها إلى لبنان، معناه خرق العقوبات المفروضة على سورية. وسيضطر بايدن إلى تبرير ذلك، أو المبادرة إلى سنّ قانون يعفي إمداد الوقود من العقوبات. المشكلة الثانية هي أن الغاز المصري "مخلوط" بالغاز الإسرائيلي، ويجري توليد الكهرباء الأردنية بواسطة الغاز الإسرائيلي، ولا توجد طريقة للتفريق بين غاز وغاز آخر، ولا يمكن أن يصل إلى لبنان غاز عربي "صافٍ".
  • قبل أسبوع نشر ماثيو زايس، الذي شغل منصباً رفيعاً في وزارة الطاقة الأميركية وهو اليوم باحث في "المجلس الأطلسي"، مقالاً شرح فيه "الصلة الإسرائيلية" بالغاز اللبناني. حكومة لبنان تعرف هذا الفخ الوطني وحزب الله أيضاً يعرف مصدر الغاز الذي سيأتي من مصر والكهرباء من الأردن، لكنه كما سمح لحكومة لبنان بإجراء المفاوضات على ترسيم الحدود الاقتصادية مع إسرائيل، فإنه يسكت حالياً عن موضوع الغاز. لا يستطيع الحزب وضع شروط تعرقل المشروع، على الرغم من تأييد الإدارة الأميركية له، والتسبب بتعريض شعبيته للخطر كخشبة خلاص للدولة.
  • السؤال سيُطرح مجدداً عندما يوقَّع الاتفاق النووي الجديد بين الدول الغربية وإيران، الذي ستُرفع العقوبات في إطاره، وهو ما سيسمح بحرية انتقال النفط والغاز إلى لبنان عبر سورية. في هذه الأثناء، الرابح الكبير من هذا المشروع هو سورية التي أصبحت شريكة حيوية في المشروع، ومن دونها لا وجود له.
  • لقد خرقت سورية القناة السياسية عندما استأنفت البحرين والإمارات نشاطهما الدبلوماسي فيها، وعندما أعلنت أبو ظبي نيتها المشاركة في إعادة إعمار سورية. في الأسبوع الماضي أجرى بشار الأسد حديثاً هاتفياً هو الأول من نوعه مع العاهل الأردني الملك عبد الله، وقررت المملكة فتح حدودها مع سورية. الناطق بلسان الملك عبد الله ومكتب الأسد قالا بعد المحادثة إن الملك والأسد تحدثا عن "تعزيز التعاون بين الدولتين والشعبين". ومن المثير للانتباه كيف تعاملت واشنطن مع التعاون الاقتصادي بين الأردن وسورية، والذي يتعارض مع العقوبات، وكيف سمحت الإدارة بمرور الكهرباء والغاز إلى لبنان عبر سورية.
  • ومن المفارقات أن الأزمة العميقة في لبنان والعتمة التي يغرق فيها يمكنهما أن يعيدا سورية إلى قلب الإجماع العربي الذي طُردت منه بعد أن تبين حجم المذبحة التي نفّذها الأسد ضد مواطني سورية.