تقرير: في إمكان سكان حي الشيخ جرّاح أن يتنفسوا الصعداء لكن عليهم أن يدفعوا ثمناً
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

منذ أكثر من 12 عاماً، وبمواظبة غير مسبوقة من اليسار الإسرائيلي، يتظاهر عشرات أو مئات الإسرائيليين والفلسطينيين في الحديقة العامة في حي الشيخ جرّاح كل أسبوع ضد إجلاء سكان الحي لمصلحة المستوطنين. كما في كل أسبوع، مرت التظاهرة الأسبوع الماضي بسلام إلى أن رفع بعض المتظاهرين أعلاماً فلسطينية صغيرة وبدأوا بالتلويح بها. كعادتها، الشرطة هاجمت المتظاهرين بعنف وخطفت منهم الأعلام واعتقلت أربعة منهم. تفرقت التظاهرة مع شعور بالغضب والإحباط حيال تصرّف الشرطة. وما يعزز الغضب والإحباط هو الوضع غير المحتمل لسكان الحي المهددين بالطرد من منازلهم بحجة أنها أملاك يهودية تعود إلى ما قبل 1948.

أمس قدم قضاة المحكمة العليا اقتراحاً لتسوية تفصيلية للقضية. يمكن بموجبه للعائلات الفلسطينية الثلاث المهددة بالطرد الحصول على وضع مستأجر محمي من الجيل الأول - أي بإمكانها السكن في المنزل، بحسب هذا الوضع، لجيلين قادمين، بينما ستحصل عائلة أُخرى على وضع مستأجر محمي من الجيل الثاني، ويبقى هذا الوضع صالحاً لجيل مقبل. ويقترح قضاة المحكمة العليا منع جمعية نحلات شمعون اليمينية من بيع الأرض أو إجلاء العائلات طوال الـ 15 عاماً المقبلة إلى حين التوصل إلى تسوية القضية بين الطرفين. وستدفع كل عائلة للجمعية إيجاراً سنوياً يبلغ 2400 شيكل. ومن المفترض أن يقدّم الطرفان موقفهما من المخطط الذي عرضته المحكمة حتى 2 تشرين الثاني/نوفمبر.

السؤال الذي يجب أن يطرحه سكان الشيخ جرّاح على أنفسهم الآن ما إذا كان النضال ضد إجلائهم من منازلهم فإنه يتعين عليهم الموافقة على التسوية، أو أن النضال كان للحصول على الحقوق التاريخية للفلسطينيين في القدس الشرقية، وعلى إلغاء التمييز في قانون أملاك الغائبين - بسبب هذا التمييز لا يستطيع الفلسطينيون، بعكس المستوطنين، المطالبة باستعادة أملاكهم قبل 1948- حينئذ  عليهم رفض الاتفاق.

إن قصة الشيخ جرّاح قصة تاريخية قضائية وبيروقراطية معقدة جداً. وهي تجمع الاحتلال مع امتيازات اليهود وضعف الفلسطينيين والتماهي بين منظمات المستوطنين وسلطات الدولة واستقواء الدولة في علاقتها مع الرعايا الفلسطينيين.

لكن قصة الشيخ جرّاح تفرض على الصحف رؤية الفلسطينيين خارج النظرة التي تعودنا عليها. في نظر الإسرائيليين، الفلسطينيون هم واحد من اثنين – ضحايا ضعفاء أو مسلحون عنيفون. في قصة الشيخ جرّاح هم ضحايا غير عنيفين، هم أشخاص خرجوا للنضال من أجل منازلهم، وبعكس كل التوقعات، نجحوا في التغلب على الذين يريدون رميهم في الشارع.