الدرس الإسرائيلي من الانسحاب من أفغانستان
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • في سنة 1990 أعلن وزير الدفاع في إدارة جورج بوش الأب ديك تشيني عن نوع من مسابقة لبلورة استراتيجيا وطنية لما بعد الحرب الباردة. وصلت إلى النهاية وثيقتان: رئيس قيادة الأركان المشتركة كولن باول شدد على الحاجة إلى الحصول على شرعية داخلية وخارجية لكل عملية عسكرية، وعلى ضرورة تشكيل ائتلاف دولي، وفي حال حصول قتال يجب استخدام أقصى قدر من القوة في أقل قدر ممكن من الوقت - والخروج بسرعة.
  • الوثيقة المنافسة كتبتها مجموعة سُميَت يومها بـ"المحافظين الجدد". جاء فيها أن لدى الولايات المتحدة نافذة فرصة محدودة من أجل بلورة مكانتها كقوة عالمية عظمى. الفكرة التي سيطرت على الوثيقة هي أنه إذا تحررت الشعوب من قيودها فإنها ستسعى إلى تبنّي نمط الحياة الأميركية، لذا على الولايات المتحدة تشجيع "أشكال الأنظمة الديمقراطية وأنظمة اقتصادية منفتحة" في كل مكان - والعمل على تحقيق ذلك بكل الوسائل، بما فيها العسكرية، ومن طرف واحد.
  • أحد المشاركين في كتابة وثيقة "المحافظين الجدد" نائب وزير الدفاع آنذاك زلمان خليل زاده، وهو الذي دفع في اتجاه حرب العراق الثانية في أيام إدارة جورج بوش الإبن. المفارقة اليوم أن خليل زاده هو الأميركي الرفيع المستوى الذي يُجري محادثات مع طالبان بينما تتقدم قوات الميليشيات الإسلامية بسرعة نحو كابول.
  • حرب الولايات المتحدة التي دامت 20 عاماً في أفغانستان انتهت بطريقة تذكّر بسقوط سايغون في سنة 1975. لذا من المهم العودة إلى السياق السياسي قبل 30 عاماً. أميركا في عهد بوش الإبن خاضت حربين هما الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، ليس فقط من أجل هدف محق هو القضاء على الإرهاب والحرب ضد السلاح النووي العراقي، بل أيضاً انطلاقاً من إيمان الولايات المتحدة بأن لديها واجباً أخلاقياً هو قيادة العالم، ولديها سلطة أخلاقية لاستخدام القوة من أجل ذلك. من المهم فهم ذلك كي نعرف لماذا أميركا تنسحب فعلاً.
  • يمكننا أن نفهم الرئيس جو بايدن. الولايات المتحدة خسرت في الحرب في أفغانستان والعراق نحو 7000 قتيل، وأنفقت عليهما مبلغاً يفوق 3 تريليون دولار، نحو 15% من ناتجها السنوي. وقد غرقت فيهما كثيراً بعد أن اتضح لها وبثمن باهظ أنها لن تحقق فيهما انتصاراً. بالإضافة إلى تعاظُم صراعات الهويات والصراعات الاجتماعية الداخلية في الولايات المتحدة، وتصاعُد التحدي العالمي الاقتصادي الصيني، الولايات المتحدة لم تفقد فقط الأمل بتغيير العالم بل فقدت أيضاً جزءاً من شعورها بقوتها الداخلية.
  • منذ أيام أوباما، مروراً بدونالد ترامب، وصولاً إلى بايدن، كان القاسم المشترك الوحيد تقريباً للسياسة الخارجية تقليل الخسائر وخفض التوقعات والتقوقع على الداخل. هذا التوجه سيؤثر فينا أكثر بكثير من صعود طالبان إلى السلطة في أفغانستان، وهو حدث من السابق جداً لأوانه الحكم على تأثيره.
  • مَن يتطلع إلى واشنطن على أمل أن تساعدنا في خطوات تجبرها على الخروج من قوقعتها - في مواجهة إيران، وفي مواجهة الفلسطينيين، وفي التسوية في سورية - يجب أن يدرك أن المواطن الأميركي يرى الآن أن كابول تؤثر فيه أكثر من أي رؤيا ديمقراطية، ومن القضاء على الإرهاب. ما نشهده هنا ليس فقط انهياراً لعملية عسكرية لم يعرف الأميركيون الانسحاب منها في الوقت الملائم، بل هو تخلٍّ نهائي عن نظرة إلى العالم اعتُبرت ذات يوم واجباً دينياً تقريباً.
  • إذا أردنا أن يقف الأميركيون إلى جانبنا فيجب أن نقدم لهم رؤيا جديدة تنطوي على قوة كافية للتغلب على هذا الانسحاب. الآن، بينما كابول تسقط مجدداً في قبضة طالبان يبدو الأمر صعباً للغاية.